عبرت الأكاديميّة المصريّة المخضرمة هدى درويش، التي كتبت العديد من المقالات تتحدث فيها عن النموذج التركي لأنظمة العالم العربي والإسلاميّ عن دهشتها مما كانت تكتب عن هذا النموذج .
وقالت درويش لصحيفة” زمان” التركية: “عندما أعود وأقرأ مقالاتي التي كتبتها عن تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا تصيبني حالة من الاندهاش، لأن هذا الحزب الذي نراه الآن ليس هو الحزب الذي تحدثت عنه، وليست هذه تركيا التي كُنّا ننتوي أن نتخذها نموذجًا باعتبارها ظاهرة جيوسياسية وثقافية واقتصادية.لقد أصيبنا بخيبة أمل”.
إن تركيا التي ظهرت كنموذج للشرق الأوسط بفضل التوليفة الناجحة التي حققتها بين دولة القانون الديمقراطي والإسلام، أضحت تفقد أرضيّتها في المنطقة بسبب التراجعات التي شهدتها في مجالات عديدة من استقلاليّة القضاء إلى حرية الرأي ووسائل الإعلام، بيد أن الباحثين والأكاديميين العرب الذين عكفوا على دراسة ظاهرة النموذج التركي الجديدة في المنطقة، أُصيبوا بخيبة أمل جرّاء الممارسات المتصاعدة المناهضة للديمقراطيّة في الفترة الأخيرة.
ومن بين من صدمهم ما يجري في تركيا الآن، الأستاذة الدكتورة هدى درويش؛ عضو هيئة التدريس بجامعة الزقازيق، رئيس معهد الدراسات والبحوث الآسيوية، الذي يعد أحد مؤسسات الفكر المرموقة في مصر.
ترى درويش أن تركيا باتت بمنأى عن خط “الدولة النموذج” للعالم العربي والإسلامي.
كما وصفت هدي درويش، الخبيرة في الحركات الإسلاميّة في تركيا، والتي تعد من أشد المعجبين بتجربة الدولة العثمانيّة وتاريخها ،الصدمة التي نزلت بها كلما تذكرت عشرات المقالات التي كتبتها عن النموذج التركي والحزب الحاكم لأنظمة العالم العربي والإسلامي، قائلة: “إن حزب العدالة والتنمية الذي تحدثت عنه في مقالاتي ليس هذا الحزب الذي أراه الآن، وليست هذه تركيا التي كُنا ننتوي أن نتخذها نموذجًا، لقد أصبنا بخيبة أمل”.
وذكرت درويش أن الشعب المصري عمّته فرحة عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى سُدّة الحكم، قائلة: “كُنا نأمل أن نرى نظام الدولة والتطورات التي شهدتها تركيا، في مصر بنفس الأسلوب المُتبع؛ إذ كُنّا نرى كل شيء يسير في تركيا على أكمل وجه، إلّا أنني عندما أقرأ مقالاتي وكتاباتي التي كنت كتبتها وتحدثت فيها عن تجربة حزب العدالة والتنمية أندهش كثيرًا، فالحزب الحاكم وتركيا تغيّرا بين عشيّةٍ وضحاها، كما تغيّرت سياسته تجاه مصر، لقد أصبنا جميعًا بالدهشة، وأضحت تركيا بالنسبة لنا دولةً غريبة بعيدة عنّا”.
وانتقدت رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لاستخدامه أسلوبًا عدوانيًا في خطاباته سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، داعية إياه إلى أن يعود كما كان للشعوب العربيّة التي تمتدحه وتتخذه نموذجًا.
وآسفاه على ما تفعله الحكومة ضدّ الأستاذ جولن
وأشادت بمجهودات الداعية الأستاذ محمد فتح الله جولن ووصفته بـ”الرجل الذي أدّى خدمة كبيرة للإسلام”، مُنتقدة الإجراءات غير الشرعيّة التي تنتهجها الحكومة تجاه حركة الخدمة. وأضافت أن هذه الحركة يتم تدريسها في الجامعات على أنها حركة إسلاميّة نموذجيّة ومستقيمة وقويّة.
وقالت درويش إنها لم تلتقِ قط الأستاذ جولن، إلّا أنها تعرفت إليه من خلال كتبه التي تعكس عمق الإسلام، : “لم يكن يتبادر إلى ذهني مُطلقًا أن يأتي اليوم الذي يخرج فيه أردوغان ويهاجم الأستاذ جولن”.
وتابعت: “في الوقت الحاضر، يتحدث الجميع عن الإسلام، لكن مَن تحدث عن القيم الإسلاميّة؟ مَن أحبها؟ ومَن أعان على محبتها؟ ومَن خدم نشر الدعوة؟ ومن الذي فتح المدارس التركية الموجودة في أصقاع الأرض؟ هل يجب علينا أن نعاقبهم بعد كل هذه الإنجازات لخدمة الدعوة الإسلاميّة؟ لا أقول سوى ويل لكل هذه الافتراءات الملفقة للأستاذ جولن، ماذا فعل ليستحق كل ذلك؟ أمّ أن هذا عقاب من أردوغان لشخص يحب الإسلام ويغار عليه؟”.
المصدر: جريدة “زمان” التركية