بقلم: فؤاد باران
يا جماعة..!
إن هذا اليوم أعظم يومٍ بالنسة لبلدنا تركيا، يجب علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى شكراً لا يحصره العدّ.
إننا نحتفل اليوم بإنقاذ بلدنا من أكبر مصيبة شهدتها هذه الأراضي.
نحمد الله سبحانه وتعالى؛ لأننا قد تمكنا من القضاء على أكبر تنظيم إجرامي شهده التاريخ على مر العصور والأزمنة: الكيان الموازي أو الجماعة أو حركة الخدمة.
لذلك نقول: الحمد والشكر لربنا!
- الحمد لله!
يا جماعة..!
إنكم تعلمون جيداً أن هذه الجماعة (حركة الخدمة) أبعدت عنّا أولادنا لسنوات طويلة، من خلال تنشئتهم وتعليمهم في مدارسها، وتعبئة عقولهم بالعلوم والمعارف.
إنها قامت بغسل أدمغة أبنائنا وبناتنا، وفصلت بيننا وبينهم، وحرمتهم خصالاً وشمائلَ سامية من قبيل قطع الرؤوس والطرق، وممارسة اللصوصية وقذف الناس بافتراءات، والكذب وغيرها كثيرة.
- يا لهم من خونة..!
لكن الحمد والشكر لله، فإن رئيسنا الذي تميز بتبني وممارسة تلك الخصال والشمائل السامية في حياته على أعلى مستوى قد أغلق كل المؤسسات التعليمية التابعة لهذه الجماعة، وصادر جميع شركاتها وممتلكاتها، وقدم بذلك أفضل الأمثلة في الاغتصاب واللصوصية.. حمداً لله!
كما أن مجموعة من إخوتنا الأفاضل بادروا إلى إنزال اللوحات المعلقة على مداخل وأبواب مدارسهم بصحبة التكبيرات، ودمروا كلها، شكراً لله!
لذلك نقدم خالص التهاني والتبريكات لهؤلاء الإخوة، حيث قد قدموا بهذه التصرفات خدمة جليلة لديننا العظيم وشعبنا النجيب!
يا جماعة..!
تعلمون واعلموا جيداً أن هذه الجماعة ارتكبت جرائمَ لا تعد ولا تحصى، غير أني سأكتفي في هذه الخطبة بذكر بعض منها فقط:
يا جماعة..!
إن هذه الجماعة طلبت “الهمة” (التبرعات) من سيدنا يعقوب عليه السلام، فرفض، فسارعت إلى نصْب مكيدة ومؤامرة ضد يوسف عليه السلام، وهو أحب الأبناء إلى يعقوب عليه السلام، فراحت تنظّم وتعبئ إخوة يوسف، فألقوْا في النهاية أخاهم في غيابة الجبّ..!
-حقّاً، لم أكن أعلم ذلك من قبلُ.
-إذن هذه الجماعة قديمة جداً بحيث ترجع جذورها إلى العصور السحيقة!
-بالتأكيد يا صديقي.
ثم إن هذه الجماعة هي التي حرّضت فرعون على موسى عليه السلام. وفي الحقيقة أن فرعون كان رجلاً طيباً، إلا أن هذه الجماعة اخترقت عقله وجعلته يهاجم موسى عليه السلام بعد أن تجنّب بناء مدرسة لها!
وبالطبع لم يكن هناك أناسٌ من أمثالنا تلقوا تربية عالية وباتوا مؤهلين لكل شيء من حول فرعون في ذلك الوقت، ما دفعه إلى الإيمان بهذه الجماعة بسهولة، ومن ثمّ راح يشنّ هجوماً على سيدنا موسى وقومه.
والواقع أن فرعون كان ينفذ في بلاده مشروعات عملاقة، وإن لم يكن على قدر المشروعات العظيمة لرئيسنا! فهناك عديد من مشرعاته قد تحققت بالفعل، على الرغم من المحاولات البائسة للجماعة لعرقلتها. ومن يريد أن يطلع على هذه المشروعات فبإمكانه التوجه إلى الأهرامات في مصر.
– فيا له من أمر عجيب، وما أطيبه من زعيم!
– يتضح من المشوعات العملاقة التي قام بها هذا الرجل أنه شخصية مرموقة على عكس ما كنت أظنه سابقاً.
– هل تعلم أن الطرق المزدوجة المتطورة في مصر الآن أنشئت في عهد فرعون!
-والله لم أكن أعلم هذا!
-خفض صوتك يا أخي حتى نسمع إلى الشيخ!
يا جماعة..!
إن هذه الحركة قد تورطت في خداع نوح عليه السلام أيضاً.
هل تعلمون أنه لم يحدث فيضان في حقيقة الأمر في عهد نوح عليه السلام، وأن سبب غرق العالم في المياه الكاسحة يرجع إلى أن هذه الحركة فتحت أبواب أكبر سدٍّ عالٍ في ذلك الوقت؟ فهؤلاء الموازون من الجماعة قد طالبوا سيدنا نوح عليه السلام بتقديم تبرعات ومنحٍ دراسية، لكنه بطبيعة الحال رفض ذلك أيضاً، الأمر الذي حملهم على فتح أبواب هذا السد العالي، وتسببوا في غرق العالم كله في مياه عاتية.
– هل هم من فعلوا هذا أيضاً؟!
– لقد علمت ذلك من شيخنا خير الدين في خطبة ألقاها بمسجد كلية الشريعة وملكتني الحيرة عندها!
– يا سلام..!
يا جماعة..!
إن هذه الجماعة نصبت مؤامرة لأهل الكهف كذلك.
في الحقيقة، أن أهل المدينة كانوا يحبون هؤلاء الفتية المؤمنين الصادقين حبًّا جمّاً.
غير أن هذه الجماعة دعت هؤلاء الشباب إلى مجالسها وحلقات دروسها، وعندما رفضوا الحضور، مضت الجماعة تحرض أهل المدينة ضد هؤلاء الشبان المساكين، فانساقوا وراءها يطاردونهم حتى لجؤوا إلى الكهف.
– يا لها من فضيحة! بصراحة لم أسمع بها من قبل!
– كيف لم تسمع من قبل؟ وقد حكى هذه القصة أحد مشايخ الجوامع الكبيرة في مدينتنا أيضاً.
اسمعوا يا جماعة وخذوا عني..!
إن هذه الحركة هي التي أجبرت الجنرال كنعان أفرين ليقوم بانقلاب عسكري في البلاد عام 1980!
وفي حقيقة الأمر لم يكن أفرين هو من قام بانقلاب، ولم يكن هو من خرج إلى شاشات التلفاز ليعلن الانقلاب وحالة الطوارئ في البلاد، بل إن أفراد هذه الجماعة هم من قاموا بالانقلاب..!
إنهم يحاولون منذ القديم الاستيلاء على مقاليد الحكم.
ولكن السيد كنعان أفرين قال في نفسه: بدلاً من أن ينفذوا هم الانقلابَ عليّ أن أحدث انقلاباً مضاداً، فأفشل بهذا الانقلاب العسكري انقلابهم وأنقذ البلاد منهم!
– الواقع أنني أحببت دوماً كنعان أفرين باشا هذا، وكنت أتساءل في نفسي ما سبب هذا الشعور في صميم قلبي.
-نعم من الواضح أنه أنـقى مـن ماء الثـلـج بل هو في طهـر الـمـلائكـة!
– أجل، ملأ الله قبره بالنور!
يا جماعة..!
إن أفراد هذه الجماعة راحوا إلى مدينة مالاطيا فوجاً فوجاً، ثم تجمعوا وقاموا بهزّ أشجار المشمش وأسقطوا ثمارها قبل نضوجها، فأتلفوها، في مسعىً منهم للإضرار باقتصاد المدينة، ومن ثم أشاعوا أكذوبة تزعم أن سبب كساد تجارة المشمش في المدينة يعود إلى عاصفة ثلجية!
-يا لهم من خونة..!
– يا أخي، إن ما فعل به هؤلاء لا يخطر حتى على بال الشيطان!
يا جماعة..!
إن هؤلاء تسببوا في مقتل عشرات المواطنين في منجم “سوما” بمدينة مانيسا أيضاً، حيث إنهم من سرقوا أقنعة الغاز التي كانت موجودة في المنجم فلم يستطع العاملون استخدامها لينقذوا أنفسهم من الغازات السامة بعد انهيار المنجم عليهم!
-يا لهم من ظلمة وخونة..!
– الخيانة من سمات هؤلاء.
-يا أخي إن بلادنا تخلصت من بلاء عظيم.
يا جماعة..!
لا أريد أن أطيل وأسهب في الكلام في حضراتكم، أقول جملة واحدة:
أسأل الله عز وجل أن يحفظنا وإياكم من قول الافتراء والكذب والبهتان..
آمين..
ونسأل الله أيضاً أن يقينا شرَّ العقول التي تنادي بالعلم والمعرفة والتكنولجيا!
آمين..
اللهم زد جهالة الجهلاء!
آمين..
اللهم زد عدد الجهلاء فيما بيننا!
آمين..
– يا أخي خطر على بالي الآن.. أعتقد أن هذه الجماعة هي التي تسببت في تدهور العلاقات بين هابيل وقابيل أيضاً، بل إنها السبب في هبوط أبينا آدم عليه السلام من الجنة إلى هذه الأرض الجحيمة!
-لا يا صديقي ليس لهذه الدرجة، علينا أن نخاف الله ونتجنّب الكذب والافتراء.
– معك حق سيدي.
يا جماعة..!
أنا لن أستطيع أن أبقى معكم اليوم لأداء صلاة الجمعة، فلا بد أن أعتني بسيارتي المرسيديس وأذهب بها إلى الصيانة. كمّلوا أنتم الصلاة.
وأتمنى أن نلتقي في لقاء الأسبوع القادم..
في أمان الله.. يا جماعة.. في أمان الله..!!!