لندن (الزمان التركية) – كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية عن اجتماعات سرية جرت في وقت سابق بين مسؤولين أتراك وإيرانيين حول خطة لحل سياسي في سوريا تعثّرت عند نقطة الخلاف حول مصير اﻷسد.
وذكرت الجارديان في تقرير لها أنه بعد انتخاب الرئيس الإيراني الإصلاحي حسن روحاني بثلاثة أشهر، فإن طهران قدمت في سبتمبر/ أيلول لأنقرة خطة سلام، تم إعدادها بالتشاور مع قائد فيلق القدس للعمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وتحدثت الخطة الإيرانية عن وقف لإطلاق النار، يتبعه تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن ثَمَّ إصلاحات دستورية، تهدف إلى تخفيض صلاحيات الرئيس، بالإضافة إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بإشراف الأمم المتحدة.
وقالت الجارديان إن الخطة كانت نتاجًا لدبلوماسية مكوكية، قام بها كل من وزير الخارجية التركي الأسبق أحمد داود أوغلو ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، لافتة إلى أن الخطة انهارت في النهاية؛ بسبب الخلاف حول دور بشار الأسد.
ونقلت الجارديان في تقريرها عن ظريف، قوله: “لقد اتفقنا على التفاصيل كلها، باستثناء بند واحد يتعلق بالمرحلة النهائية للخطة، التي تدعو إلى عقد انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، وطلب المسؤولون الأتراك منع الأسد من المشاركة”.
وأضاف: “لقد كان رأيي أن هذا يجب ألا يكون مصدر قلق في انتخابات تعقد بإشراف دولي، خاصة في ظل اعتقاد الأتراك أن الأسد لديه سجل مريع وقاعدة دعم صغيرة، لكن داود أوغلو رفض، وذهبت جهودنا هباء”.
ونقلت الجارديان عن تقرير لمنظمة الأزمات الدولية في بروكسل بُني على مقابلات مع مسؤولين بارزين وعنوانه “تركيا وإيران: أصدقاء مريرون ومتنافسون بالأحضان” أن المسؤولين الأتراك لم يكونوا يثقون بمصداقية الأسد، وبأنه سيقبل بأية عملية لنقل السلطة تضعف من سيطرته على الحكم، مشيرة إلى أن تركيا كانت تعتقد أن هزيمته محتومة.
وأوردت الجارديان نقلًا عن الرئيس التركي السابق عبدالله جول، قوله: “لم تواصل حكومتنا الجهود مع إيران؛ لاعتقادها أن الأسد سيطاح به في غضون أشهر”.
وعلق معدو التقرير بالقول: “من وجهة نظر أنقرة، فإنه لم تكن هناك حاجة للتنازلات في ضوء هزيمة الأسد، أو حتى تعديل شروط الصفقة”.
وجاء في التقرير أن فرصة أخرى ظهرت لعقد صفقة تركية إيرانية بشأن سوريا، بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز/ يوليو هذا العام، عندما عبَّرت إيران، وبشكل سريع، عن دعمها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما أدى إلى ترطيب العلاقات بين البلدين، وإن كان بشكل مؤقت.
وتنوه الصحيفة بأن تقدم قوات حماية الشعب الكردية YPG في سوريا أدى إلى عودة العلاقات بين أنقرة وموسكو، مستدركة بأنه رغم استمرار الخلاف بين الإيرانيين والأتراك حول مصير الأسد، فإنهم ركزوا نقاشاتهم على قضايا أخرى، بما في ذلك الحديث عن نظام برلماني أم رئاسي، وكيفية التشارك في السلطة.
وتستدرك الصحيفة بأن المحادثات غرقت في مُناخ من عدم الثقة المتبادلة، خاصة بعد قرار أنقرة التدخل مباشرة في سوريا، ومنع قوات حماية الشعب الكردية التقدم نحو غرب الفرات، في عملية أطلقت عليها “درع الفرات”.
وعلق التقرير قائلًا: إن “المسؤولين الإيرانيين عبَّروا عن دهشتهم؛ لأن تركيا لم تبلغهم عن العملية، رغم وجود مسؤول إيراني بارز في أنقرة قبل يوم من بدء العملية، وربما خافت تركيا من قيام إيران بتحذير قوات حماية الشعب الكردية”.
وخلصت الجارديان إلى أن نقطة بقاء اﻷسد في الحكم تثير خلافًا جوهريًّا بين الدول الداعمة للمقاومة السوريّة وكل من روسيا وإيران اللتين تتمسكان ببقائه في أيّ حل سياسي للملف السوري.