الفرق بين أردوغان وكولن: أحدهما يفتح المدارس والآخر يغلقها
إسطنبول (الزمان التركية): تناول الكاتب الصحفي محمد يلماظ في مقال له طبيعة الفروق بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمفكر الإسلامي فتح الله كولن الذي تستلهم حركة الخدمة فكره.
وفيما يلي خلاصة هذا المقال:
لقد تطورت حركة الخدمة في تركيا من خلال افتتاح مدارس تقدم تعليما حديثاً. ولهذا السبب بدأ التوتر ينشب قبل نحو 30 عاماً بين الجماعات التي تمثل مذهب الإخوان المسلمين في تركيا وبين فتح الله كولن الذي اقترح على أنصاره افتتاح مؤسسات تقدم تعليماً على أعلى مستوى في الفنون والرياضيات والعلوم الاجتماعية.
أما تيار الرؤية القومية (ميللّي جوروش) الذي أسسه نجم الدين أربكان وينحدر منه أردوغان فدافع عن ضرورة افتتاح “مدارس الأئمة والخطباء” فقط، واتهم كولن الذي تبنى فكراً مختلفاً أشمل من ذلك بـ”تنصير الإسلام”.
في الفترة التي قادت العالم إلى أحداث 11 سبتمبر/ أيلول وبدأ التوتر بين معتنقي الأديان أطلق الأستاذ كولن أعمال “الحوار بين الأديان” وأجرى في هذا الإطار لقاءً مطولاً مع البابا يوحنا بولس الثاني. وأنصار حزب العدالة والتنمية يشكّلون عدداً مرموقاً بين المجموعات المتطرفة التي زعمت ارتداد كولن عن الدين عقب هذا اللقاء. وفي الوقت الحالي يستخدم الإعلام الداعم لأردوغان صورة مصافحة كولن للبابا في كل الانتقادات الموجهة له.
لقد أسست حركة الخدمة علاقات طيبة مع العلويين، وهم جماعة دينية صغيرة ومختلفة في تركيا، وكانت على وشك إنشاء مركز فريد في العاصمة أنقرة. وعلى الرغم من إصرار السلطات التركية على عدم منح صفة قانونية لبيوت الجمع، دور العبادة للعلويين، انطلق إنشاء مجمع يضمّ مسجداً وبيتَ جمعٍ ومركزاً ثقافياً، غير أن بلدية العدالة والتنمية أوقفت عمليات البناء قبل نحو عامين. أما المجمع فهو مغلق في الوقت الراهن.
وقبل نحو أربع سنواتٍ تقريباً كانت حركة الخدمة تستعد لافتتاح أكبر مركز تعليمي في الشرق الأوسط داخل سوريا، وعارضت بشدة دعم تركيا للمواجهات الداخلية في سوريا بسبب تصاعد حدة التوترات في المنطقة. لذلك تُعد سياسة تركيا الخاصة بسوريا أحد أهم الفوارق وأسباب التوترات بين أردوغان وكولن. إذ يؤكد المقربون من حركة الخدمة أن أردوغان لن يستطيع حل أيٍّ من مشاكل الشرق الأوسط من خلال القوات المسلحة، بل إنه سيزيدها تعقيداً فقط.
وبسبب هذا الاختلاف والاختلافات المشابهة كانت مدارس الخدمة مؤسساتٍ لا يمكن تحمل وجودها في “تركيا الجديدة” التي يريد أردوغان تأسيسها. وباتت مدارس الأئمة والخطباء المركز الذي عمل على جعل “الفهم المتطرف أو الراديكالي للإسلام” شائعاً ورائجاً بين أوساط الشباب.
أما مدارس كولن فكانت مدارس حديثة بالمفهوم الغربي، وكانت تسعى للمزج بين العلوم الحديثة والعلوم الدينية، انطلاقاً من مقولة العلامة بديع الزمان سعيد النورسي “ضياء القلب هو العلوم الدينية، ونور العقل هو العلوم الكونية الحديثة وبامتزاجهما تتجلى الحقيقة، وبافتراقهما تتولد الحيل والشبهات في هذا، والتعصب الذميم في ذاك”. ولهذا السبب فإن إغلاق مباني 1043 مدرسة و15 جامعة تابعة لحركة الخدمة وتحويلها إلى مدارس الأئمة والخطباء هو بمثابة انتصار لأردوغان!
وباختصار فإن أهم فرق بين كولن وأردوغان هو أن أحدهما يبذل جهداً لافتتاح المدارس بينما الآخر يغلقها.