تقرير: يوكسل جلبنار
أنقرة (الزمان التركية): ظهرت مؤخراً في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا عديد من القنوات التلفزيونية تذيع على شاشاتها برامج وإعلانات تحتوي فضائح واسغلالاً للمشاعر الدينية من أجل الدعاية لمنتجاتها منخفضة الجودة مما أثار استياءً كبيراً لدى الرأي العام.
واللافت أن رجالاً ملتحين أو أصحاب عمائم أو نساء محجبات هم من يظهرون في البرامج والإعلانات المذكورة للترويج للمنتجات المراد عرضها للبيع عبر هذه القنوات التلفزيونية.
فقد أطلّت على الشعب التركي قبل أسابيع قليلة قناة تسمى “مبارك تي في” على أنها قناة إسلامية تنشر إعلانات يؤدي فيها أناس ذوو لحى طويلة وعمائم خضراء يقومون بحركات ويستخدمون أسلوباً مزاحياً وساخراً بصحبة ضحكات وقهقهات لا تتلاءم مع الأخلاق والآداب الإسلامية السامية.
وهناك شريحة كبيرة في تركيا تسعى للالتزام بأحكام الدين وممارسة الشعائر الإسلامية في إطار مبادئ الإخلاص والإحسان البعيدة عن الرياء والسمعة والتظاهر، لذلك تعترض هذه الشريحة على استغلال الرموز والشعائر والمفاهيم الإسلامية من أجل تسويق بضائعهم عبر إعلانات تنم عن المبالغة بل الكذب. فضلاً عن أن هناك كثيراً من المواطنين تعاملوا مع تلك القنوات واشتروا عديداً من منتجاتها المعروضة على شاشاتها، ثم وجدوا أنها بعيدة عن المعايير والمواصفات المذكورة في الإعلانات. حتى هناك عديد من رواد الإعلام الاجتماعي كتبوا عبر حساباتهم الشخصية أنهم وصّوا – مثلاً – هاتفاً محمولاً، لكن عندما فتحوا العلبة المرسلة إليهم من قبل القناة فوجؤوا بأن فيها “الخيار” الذي يرمز إلى غباء الإنسان عند الأتراك، ما يعني أنهم يخدعون المشترين ويعتبرونهم أغبياء!
وينبه الباحثون والعلماء إلى خطورة استخدام الدين والمفاهيم والشعائر الإسلامية كأداة لترويج المنتجات، خاصة إذا كانت منخفضة الجودة، حيث كما أن ذلك يثير استياء لدى المشاهدين يلعب دوراً كبيراً في تشويه صورة الإسلام الناصعة.
وفي مقابل ذلك نجد أن هناك كثيراً من القنوات التلفزيونية أيضاً تبث صوراً وفيديوهات فاحشة تؤجج شهوات الشباب خاصة من أجل بيع منتجاتهم، إلى جانب مسلسلات وأفلام تتضمن فواحش ومنكرات والترويج للمشروبات والعلاقات المحرمة، وبرامج الترفيه والزواج وغيرها البعيدة كل البعد عن الأخلاق والآداب الإسلامية، دون أن يتدخل فيها المجلس الأعلى للإذاعة والتليفزيون. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن معظم هذه البرامج والمسلسلات تعرض ليل نهار وفي وقت يكون فيه الأطفال يقظين يتبين حجم الدمار الذي تحدثه تلك القنوات.
وكشفت المعطيات عن تدنٍّ أخلاقي غير مسبوق عند الشباب، بل كشفت المعطيات الرسمية عن وصول سنّ تناول السجائر والمشروبات الروحية إلى أقل من عشرة. فضلاً عن أن هذه المعطيات أظهرت أن نسبة الطلبة المصلين في “ثانويات أئمة الخطباء” وليس في الثانويات العامة تراجعت إلى 13% للأسف الشديد.
وفي الوقت الذي تبادر الحكومة التركية بتوجيهات من الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إغلاق القنوات الدينية والثقافية والتعليمية بحجج تافهة، فإن تغاضيها عن مثل هذه القنوات التي تستخدم الدين ومفاهيمه ومصطلاحاته من أجل تحقيق مصالح دنيوية من جانب، وفسح المجال أمام القنوات التي تبث كل أنواع الرذائل والفواحش من جانب آخر يضع علامات استفهام عملاقة على زعمها بأنها حكومة “محافظة” بل “إسلامية”.
https://youtu.be/yH1mpIiyhVE