إسطنبول (زمان عربي): استولت الحكومة التركية مساء يوم الرابع من مارس/ آذار الماضي على مبنى صحيفة” زمان” ومطابعها ودار النشر الخاصة بها خلال العملية التي قام بها المئات من عناصر الشرطة التركية باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع والعربات المصفحة والمراقبة الجوية بطائرات الأمن.
وانتهكت الحكومة التركية المادة 30 من الدستور التركي التي تنص على ” أنه لا يجوز الاستيلاء على أدوات النشر الخاصة بالمؤسسات الإعلامية ومطابعها ومرافقها بدعوى أنها أداة جريمة”.
القاضي فوزي كالاش كان هو من أصدر قرار فرض الوصاية على صحيفة” زمان” التي كانت أكبر الصحف توزيعا في تركيا، بناء على طلب المدعي العام فضولي آيدوغدو استنادا إلى اتهامات وافتراءات كاذبة لا أساس لها من الصحة. ولم يتضمن قرار المحكمة أي دليل أو اتهام واضح.
وفي غضون شهرين قام الوصاة المعينون من قبل الحكومة بشكل جائر في الرابع من شهر مارس/ آذار على صحيفة زمان، كبرى الصحف التركية، بتصفير تداول الصحيفة وطاقم عملها.
اُخرِج الصحفيون من المؤسسة التي عملوا فيها لسنين طويلة دون تعويضات وبشكل لن يمكنهم من الحصول على إعانات البطالة. وفي غضون أيام انخفض توزيع الصحيفة من 635 ألفا إلى 5 آلاف نسخة فقط.
افتراء العمال الكردستاني بعدما عجزوا عن إيجاد دليل
الادعاءات بشأن تعاون صحيفة” زمان” مع منظمة حزب العمال الكردستاني هو محض هراء وجنون. فلايوجد خبر واحد ولا مقال نشر بالصحيفة يثبت أو يدعم هذا الإدعاء كما أنه لايوجد قرار من المحكمة بهذا الصدد. هناك ازدواجية واضحة لأنه حتى وسائل النشر التي لم تتخذ موقفا واضحا تجاه العمال الكردستاني لم تُمسّ استنادا إلى مبررات دستورية.
الدليل الوحيد هو إفادة الشاهد السري
أحد مبررات فرض الوصاية على مؤسسة” زمان” هو إدعاء أنه يتم جمع المال لمساعدة صحيفة” زمان”. لكن الوصاة، الذين تولوا إدارة الصحيفة منذ 100 يوم، لم يستطيعوا العثور على وثيقة واحدة تتعلق بدخول وخروج أموال غير قانونية. واستُخدِم شهود سريون مشكوك في نزاهتهم لاصطناع أدلة عن طريق التلاعب.
نشر خبر عن جماعة السلام والتوحيد
في عام 2014 أعلنت المحكمة العليا جماعة السلام والتوحيد تنظيما إرهابيا مسلحا. واعتُبِر نشر خبر عن هذه الجماعة، التي ارتبط اسمها بالعديد من الأعمال وتصدرت الرأي العام التركي بادعاءات التجسس لصالح إيران، جرما سيجعل هذا الاتهام الموجه إليهم محض شبهات.
تدمير وكالة أنباء جيهان وإفقادها الاشتراكات
تسبب الوصاة في خسائر تجارية كبيرة لايمكن تلافيها في وكالة أنباء جيهان ومجموعة نشر “Feza” بالإضافة إلى تقصيرهم من الناحية المادية، إذ لم تتمكن وكالة جيهان، إحدى أكبر وكالات الأنباء في تركيا، من تقديم خدمة الأخبار إلى متابعيها لفترة طويلة بعد فرض الوصاية عليها. لهذا وبعد هذه العقبة فقدت اشتراكاتها الضخمة من جانب صحف مثل” حريت” و”سوزجو”.
وبعد فترة قصيرة أنهت اتفاقياتها أيضا مع الأناضول وهى وكالة أنباء محلية. كما أقيل العديد من موظفي الوكالة التي تمت المساومة على معداتها الفنية ومعدات البث المباشر فيها.
إلغاء أضخم شبكة توزيع
تم الاستيلاء على مجموعة جيهان للنشر الإعلامي، التي توزع يوميا نحو 1.1 مليون نسخة من صحف تُطبع في تركيا. وتوقف توزيع 14 صحيفة، توزّع في جميع أنحاء تركيا ويتم إيصالها باليد إلى قرائها، مثل: “زمان” و”الفكر الحر” Özgür Düşünce” و”ميدان” و”طرف” و”يني آسيا” و”تودايز زمان” ومجلة” أكسيون”.
ومع إنهاء خدمة طاقمها المؤلف من ألفي موزع ومدير قُضى تماما على شركة CMD، التي كانت ضمن أول 500 شركة في تركيا حتى مجئ الوصاة.
إخلاء” زمان”
قبل الاستيلاء على مجموعة “Feza” للنشر كان نحو 900 شخص يعملون في صحيفة” زمان” ووكالة أنباء جيهان وتليفزيون إرماق Irmak TV. وفي عضون شهرين خفّض الوصاه هذا العدد إلى 300 مع فصل الموظفين، الذين أقيلوا بدون وجه حق من الشركات التي أغلقها الوصاة.
أغلِق الوصاة كل من تليفزيون إرماق Irmak TV و”زمان كتاب” وعائلتي Ailem ومجلة Püff بدعوى التوفير.
وعلى الجانب الآخر فُرِض على صحيفة” زمان” العديد من الأسماء سيئة السمعة في مجتمع الصحافة. وبدأ نحو 100 شخص، من الذين أثارت أعمالهم حول الصحافة الكثير من الجدل ، العمل في زمان وجيهان بمرتبات عالية.
إخلاء المقرات وبيع محتوياتها في مزاد علني
أولى مهام الوصاة كانت إغلاق 9 مقرات نشر تابعة لمجموعة ” Feza” للنشر في الأناضول. حتى حواسيب الصحفيين في المكاتب اُحضِرت إلى المركز بمحاضر. وجرى العمل على التخلص من الأثاث عن طريق التبرع أو الهبة. أما ورق طباعة الصحيفة، الذي سبق سداد قيمته، فنُقِل إلى صحيفتي تركيا وستار المواليتين للحكومة.
فقدت صحيفة” زمان”، التي كانت تحقق في الشهر دخلا يبلغ نحو 20 مليون ليرة تركية (نحو 7 ملايين دولار) توزيعها ومشتركيها و99% من عائدات الإعلانات. ويُزعم أن سيارة البث الحي التابعة لتلفزيون إرماق Irmak TV، التي تبلغ قيمتها مليون ليرة تركية، بيعت مقابل 150 ألف ليرة فقط.
قوات الأمن قدمت إلى مكتبي وطردتني
طُردت حفصة بن، العاملة في صحيفة” زمان”، من عملها بسبب رغبتها في التقاط صورة للمدرعات التي تحيط بمبنى صحيفة” زمان” وأبواب الخروج منها والدخول إليها. وتروي حفصة عملية طردها من العمل قائلة:
” أثناء محاولتي التقاط صورة للصحيفة مع المدرعات والعربات المصفحة المرابطة بالمخرج قدم إلي نحو خمسة أو عشرة من عناصر الشرطة وأخبروني” لن تستطيعي التقاط صورة” وبدأوا في دفعي. في اليوم التالي قدم رجل يرتدي بزة سوداء إلى مكتبي خصيصا واصطحبني بالقوة إلى الموارد البشرية وطُردت من العمل دون تعويضات. في مبدأ الصحافة حتى أمن الصحيفة لا يمكنه الدخول إلى طابق النشر.فهناك تُناقش الأفكار الحرة. لكن في عهد الوصاة كانت عناصر الشرطة تلهوا في طابق النشر”.
3 مارس 2016.. انتهاك الدستور
تم الاستيلاء على الصحيفة بقرار من قاضي محكمة الصلح والجزاء السادسة فوزي كالاش استنادا إلى طلب المدعي العام فضولي آيدوغدو.
4 مارس 2016.. لم يُنتظر السجل التجاري
اعتدت قوات الأمن على إدارة مجموعة ” Feza” للنشر قبل نشر أسماء الوصاة في صحيفة السجل التجاري.
إخراج إدارة النشر العام بالقوة
أول مهام الوصاة كانت إبعاد مدير النشر العام عبدالحميد بيلجي عن عمله رغم عدم تمتعه بأية سلطات.
تفتيش جائر في منتصف الليل
دفع وفد الوصاة، الذي دخل المبنى بالقوة، عناصر الشرطة إلى القيام بعملية تفتيش جائرة للمبنى رغم عدم تضمن قرار المحكمة أمرا بالتفتيش.
تعطيل الكاميرات
تم تعطيل الكاميرات حتى لا تسجل عملية تفتيش قوات الشرطة للمبنى.
مفوّض لا وصي
طُرد طاقم العمل من المبنى بعنف وأمطر الوصاة عناصر الشرطة بالأوامر والتعليمات رغم عدم امتلاكهم الصلاحية.
5 مارس 2016 .. عودة لزمن الانقلابات
في اليوم التالي للاستيلاء سيطرت على صحيفة” زمان” أجواء احتلالية، حيث كان بإمكان العاملين دخول المبنى بعد الخضوع لعملية تفتيش ذاتي. ظلت عمليات التفتيش لأيام وكانت قوات الشرطة تتفقد السجل الجنائي للمشتغلين وتقوم بفتح تحقيق بحق كل منهم ثم تمنحهم أرقاما.
النشر في ظل السلاح
تجول رجال الشرطة في أروقة المبنى قرابة الشهر وظلت المدرعات مرابطة في حديقة المبنى لمدة ثلاثة أشهر. كما كان الأمن الخاص يتناوب على العديد من الاماكن بما فيها المسجد وغرفة الأرشيف.
رصاص مطاطي على القارئ
في أول اجتماع لمجموعة الوصاة صُنٍّف الإداريون السابقون كإرهابيين. واعتدت قوات الشرطة على القرّاء، الذين خرجوا للدفاع عن الصحيفة بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز والمدرعات.
6-7 مارس 2016.. محو أرشيف” زمان”
تم محو أرشيف الموقع الإلكتروني لصحيفة” زمان”، أول صحيفة إلكترونية تركية، بعد مسيرة استمرت 20 عاما منذ عام1996. وحُجِب الدخول للأخبار.
هجوم الهاكرز
أحضر الوصاة هاكرز للسيطرة على نظام الكهرباء بالمبنى. لكن عندما عجز عن حل النظام قٌطِعت كابلات الحاسب الرئيسي وتعطّل النظام. كما تم تفكيك الأقراص الصلبة الخاصة ببعض الحواسيب.
8 مارس 2016.. مذبحة العاملين
في بادئ الأمر طُرد المديرون من أعمالهم، ثم طُرد العاملون من درجات أسفل منهم. واغُتصِبت إعانات البطالة وحقوق الإذن والتعويضات ولم يُدفع لهم.
حظر ملاحق الاقتصاد والفكاهة أيضا
حُظِر طبع الملاحق الخاصة بالاقتصاد والمنشورات المتخصصة مثل مجلتي Püff المتخصصة في الكارتون وعائلتي ” Ailem”. كما أُغلِقت شركات تليفزيون إرماق Irmak TV و CMD وزمان كتاب بدعوى تقليل النفقات.
تعيين وصاة موالين لأردوغان
متين إلهان
زوجة متين إلهان كانت مرشحة الدائرة الأولى بإسطنبول عن حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية لكن لم تتمكن من الفوز كما أن صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ” تويتر” تعجّ إلى الآن بالعديد من التغريدات التي يُعرب فيها عن شغفه وحبه لأردوغان.
تحسين كابلان
بعد استيلاء صندوق تأمين الودائع والمدخرات على صحيفة” صباح” عُيّن تحسين كابلان وصيا على” زمان”، حيث كان تحسين كابلان عضوا في مجلس إدارة صحيفة صباح في الفترة بين 2007-2008.
سيزاي شانجونول
عُيّن سيزاي وصيا على” زمان” بينما يعمل محررا في موقع إلكتروني يحمل إسم الإعلام المتحد Birleşik Basın الذي يمتلكه أفني أوزجورال. ولايزال إسمه على الموقع كمدير.
تبخّر 36 مليون ليرة إشتراكات
منذ فرض الوصاية وبسبب توزيع العديد من الصحف لم يتم إعادة 36 مليون ليرة، التي حصلتها دار جيهان للنشر الإعلامي من المشتركين، إلى القراء ولم تُمنح إلى الصحف الدائنة. وعلى الرغم من تقدم القراء بطلبات إلى البنوك تتعلق بالنقود المسحوبة من حساباتهم والمطالبة بإعادتها لم يتم التوصل لأي نتائح، ولايزال يتم جمع تحصيلات غير قانونية من أجل الصحيفة، التي لا تذهب للقارئ، في انتهاك صارخ لقانون البنوك وقانون المستهلك.
تحويل” زمان” إلى صحيفة موالية
بعد فرض الوصاية عليها تحولت صحيفة” زمان”، التي ظلت تتبع سياسة معارضة إلى صحيفة موالية. وخلال ثلاثة أشهر من إدارة الوصاة احتوت الصفحة الاولى لها على نحو 50 خبرا عن أردوغان. 20 منها تصريحات لأردوغان تم تحويلها إلى عناوين رئيسة.
17 مارس 2016
أعلن أردوغان أنه لا يرى شرعية لنواب حزبالشعوب الديمقراطي، وأعطي تعليمات إلى البرلمان برفع الحصانة عن النواب فورا.
٢٩مارس ٢٠١٦
في عناوين الصحف الصادرة في هذا اليوم نُقلت كلمة أردوغان، التي ألقاها فى أكاديمية الحرب، إلى الصفحة الاولى وأكدت عناوين الصحف أن أردوغان قائد عسكري بصفته رئيسا للجمهورية.
١٩مارس ٢٠١٦
عقب الانفجار، الذي شهدته العاصمة أنقرة، دافع أردوغان، المُتحامل على الإتحاد الأوروبي، بأن الدول الأوروبية لم تقدم رد الفعل الكافي ضد الإرهاب.
٢٩ إبريل / نيسان ٢٠١٦
قدمت صحيفة “زمان” تركيا، التي لم تعثر على دولة لا تعاني تقريبا من مشاكل معها على الساحة الدولية، كأمل للدول الإسلامية!.