نيويورك – (الزمان التركية) – نقدم لكم تقريراً شاملاً عن انقلاب تركيا الفاشل و عملية التطهير الشاملة من منظور المجتمع المدني
تنويه:
” Alliance for shared values “ أو كما يطلق عليها بالعربية “تحالف القيم المشتركة”، هي عبارة عن منظمة غير ربحية مقرها في نيويورك، تهدف هذه المنظمة والمنتمون إليها إلى الحد من الأفكار المزيفة؛ التحيز والكراهية والعنف والإرهاب، كما تدعم السلام والتناغم الاجتماعي في العالم.
وتشتمل هذه المنظمة على عددة مؤسسات ومعاهد محلية تابعة لها منها:
1- “معهد جُزُر السلام” نيويورك.Peace islands Institute
2- “منتدى الرومي” واشنطن. Rumi Forum
3- “مؤسسة نياجرا” شيكاغو.Niagara Foundation
4- “معهد الحوار في الجنوب الغربي” هوستون.Dialogue Institute of southwest(Houston,Tx)
5- “معهد باسيفيكا” لوس أنجيلوس.Pacifica Institute
6- “المعهد الأطلنطي” أطلنطا.Atlantic Institute
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
ملحوظة
تُعبر الآراء الواردة في تلك الصفحات عن وجهة نظر أصحابها، وليس الموقف الرسمي للمنظمة.
الفهرس
رقـــم الــصــفــحـــة | المـــحـــتـــــوى |
4 | تمهيد |
12 | المحاولة الانقلابية وما تلاها من تطهير |
15 | الإطار الزمني لمحاولة الانقلاب |
19 | عملية تطهير ما بعد الانقلاب |
20 | عشرة أصناف لانتهاكات حقوق الإنسان |
23 | الضحايا وردود الفعل الدولية |
33 | القصة الرسمية، تساؤلات وبدائل أكثر منطقية |
36 | المعلومات المضللة وتجاهل الانقلابيين الحقيقيين |
44 | تساؤلات وتناقضات لم تُجب عنها الرواية الرسمية للحكومة |
51 | المغالطة المنطقية لتبرير عملية التطهير |
54 | قصة أكثر منطقية |
56 | أسلوب أردوغان للسيطرة على السلطة |
58 | مظاهرات “جيزي بارك” عام 2013 وسيطرة أردوغان على الإعلام |
62 | التحقيق في قضايا فساد عام 2013 وسيطرة أردوغان على القضاء |
64 | انقلاب 15 يوليو وسيطرة أردوغان على الجيش |
67 | الخاتمة |
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
تمهيد
مثلت محاولةُ الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا في 15 من يوليو/ تموز 2016 لحظةً فارقةً في التاريخ التركي، حيث احتفل المجتمعُ التركيُ والعالمُ أجمع بالقضاء على عنصر أرادَ عرقلةَ الديموقراطية واسقاطَ الحكومة المنتخبة في تركيا.
فقد اتهمت السلطات التركية بعض الضباط في الجيش بالقيام بمحاولة انقلابية ضد الحكومة المنتخبة في البلاد، وبالطبع فالسلطات التركية لها الحق الكامل في التحقيق واستجواب من قاموا بهذا الأمر؛ ولكن في ضوء ما ينص عليه القانون التركي وفي إطار النظام القضائي المتبع هناك ووفق محاكمات عادلة.
وبدلاً من فتح تحقيق عادل في هذه المحاولة، قامت الحكومةُ التركيةُ والرئيسُ رجب طيب أردوغان بعد الانقلاب مباشرة بعملية تطهير شاملة في كل مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى سجن وفصل آلاف الجنود الذين لم يشاركوا في هذه المحاولة الانقلابية، إلى جانب اعتقال وسجن عشرات الآلاف من المدنيين من بينهم صحفيون ومعلمون وقضاة.
فقد أوردت منظمةُ العفو الدولية في تقرير لها، أنَّ هناك أدلة مُوثَّقة تثبتُ انتهاكاتٍ وتجاوزاتٍ خطيرةً تمارس ضد المعتقلين؛ مثل التعذيب الجسدي والنفسي والاغتصاب وغير ذلك.
لقد استغل الرئيس أردوغان محاولة الانقلاب الفاشلة تلك واعتبرها فرصة ذهبية من أجل الإسراع في القضاء على حركة الخدمة ومصادرةِ مؤسساتها الاجتماعية والتعلمية، بالإضافة إلى مصادرة الأموال والممتلكات الخاصة ببعض رجال الأعمال المتعاطفين معها.
لقد عَمِلَ أردوغان على تكميم جميع الأفواه المعارضة له ولحكمه، كما شرع في إعادة هيكلة النظام العسكري كلياً بما في ذلك المدارسُ والكليات العسكرية؛ وذلك لجعل الجيش تحت سيطرته تماماً، حيث قال الرئيس أردوغان مساء ليلة الانقلاب: “إنَّ تلك المحاولة الانقلابية هي لطف من الله لنا، لأنها ستكون سبباً في تطهير جيشنا”.
وفي ليلة 15 من يوليو/تموز وقبل ظهور تفاصيل تلك المحاولة الانقلابية بساعات، أعلن الرئيس أردوغان خلال مكالمة تليفونية مع قناة “سي إن إن ترك”، أنّ العقل المدبر والمخطط لتلك المحاولة الانقلابية هو فتح الله كولن، رجل الدين التركي الذي يعيش في عزلة بمدينة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية والبالغ من العمر 77 عاماً.
وتقول القصة الرسمية التي ترويها الحكومة التركية حول محاولة الانقلاب الفاشلة هذه: “إنَّ مجموعة من ضباط الجيش المتعاطفين مع كولن قد علموا أنّهم بصدد الاستغناء عنهم في اجتماع المجلس العسكري الأعلى في أغسطس القادم، فقاموا بالتخطيط لهذه المحاولة الانقلابية، كضربة استباقية لإنقاذ أنفسهم ومحاولة السيطرة على زمام الأمور في الدولة التركية”.
وبينما تبدو تلك الرواية صحيحة إلى حد ما، إلا أنّها ليست نابعة من أي تحقيق أو حتى حكم قضائي، مما تُثير هذه الرواية العديدَ من التساؤلات وتترك الكثيرَ من علامات الاستفهام التي تحتاج إلى إجابة!. لذا نقول “إنَّ الحكومة التركية قد أخفقت حتى الآن في تقديم أي أدلة حقيقية تثبت صلة فتح الله كولن بتلك المحاولة”.
وقد صرح رئيس هيئة المخابرات الأمريكية “جيمس كلابر” بأنهم لم يجدوا حتى الآن أي دليل يدل على تورط السيد كولن في هذه المحاولة الانقلابية، إلى جانب أنَّ العديدَ من الخبراء والمراقبين المـُستَقلين ذكروا: “أنَّه من المستبعد تماماً أن يكون الضباط المتعاطفون مع فكر السيد كولن متورطين في هذه المحاولة الانقلابية”.
وقدم المراقبون المستقلّون رواية بديلةً أكثر منطقية وذات قوة توضيحية أكبر، ووفقا لهذه الرواية، فإنّ المحاولة كانت على قاعدة أوسع وتضمنت الكماليين المتشددين والقوميين الجدد، وكان الرئيس أردوغان يتوقع محاولة كتلك وسعى هو وحلفاؤه إلى الاستفادة منها وتحويلها إلى فرصة تُظهِر أردوغان كبطل قومي، ويؤكد هذه الرؤية الدور الفعال للجنرال “محمد ديشلي” شقيق نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي “شعبان ديشلي”مع العديد من المؤشرات الأخرى.
وفي سبيل تبرير خطة التطهير وإيجاد غطاء شرعي لما ستفعله الحكومة بعد ذلك، لجأت الحكومة التركية إلى استخدام معلومات خاطئة وبيانات زائفة من أجل تهييج وشحن المشاعر لدى المواطنين الأتراك، حيث قامت الحكومة التركية باستعراض صور وفيديوهات لبعض المدنيين المعتدى عليهم من قبل الجنود في ليلة الانقلاب، مما خلقت هذه الصور والفيديوهات جوا من الغضب عند المجتمع التركي ضد من قاموا بهذه المحاولة الانقلابية، بالإضافة أن الحكومة التركية حجبت أي حديث أو كلام يصدر من الضباط المعتقلين المعروفين بالكماليين أو القوميين الجُدد، ويغلقون الأبواب في وجه أية معلومات أو أدلة يدلي بها هؤلاء الضباط، والتي من شأنها أن تناقض القصة الرسمية للحكومة، ثم إنّ تلك المعلوماتِ غير الصحيحة تضع المتعاطفين مع حركة الخدمة في نظر الجيش كالمدبرين الوحيدين لتلك المحاولة.
إنّ السيطرة على وسائل الإعلام من قبل أردوغان ومناخ الخوف الذي تبثه أحاديث الحكومة التركية دائما، كل هذا يجعل المجتمع التركي مع الرواية الوحيدة التي قالتها الحكومة، كما أن هذا أيضا يساعد في تشويه صورة الخدمة بشكل عام.
ثم إنّ تلك المغالطة المنطقية والاتهامات غير القانونية التي تقولها الحكومة التركية ضد من ثبت تعاطفهم مع حركة الخدمة في صفوف الجيش جعلت المجتمع التركي يبرر عملية التطهير الشاملة التي تحدث لحركة الخدمة في كل مؤسسات الدولة التركية.
إنّ استهداف عشرات الآلاف من غير العسكريين من موظفي الدولة التركية كالقضاة والصحفيين والمعلمين بدون تحقيق، هو بمثابة مثال من جملة الأخطاء التي ترتكب من قبل الحكومة التركية.
وليس الأفراد والمؤسسات المتعاطفة مع حركة الخدمة هي فقط ضحية عملية التطهير هذه؛ بل أيضا الأفراد والمنظمات الليبرالية والقومية والكردية واليسارية والعلوية.
إنّ العامل المشترك بين أكثر من 110 منظمة إعلامية تم إغلاقها عقب محاولة الانقلاب ليس هو انتمائها لحركة الخدمة، وإنما لكونها تشكل أصواتًا مستقلة ومعارضة لبعض القرارات والسياسات الخاطئة التي تصدر من قبل السيد أردوغان والحكومة التركية، كما أنّ بعض الصحفيين المقبوض عليهم معروفون بانتماءاتهم اليبرالية أو اليسارية أو الكردية أو القومية، إلى جانب أن بعض ضباط الجيش المعتقلين من الكماليين المتشددين.
ففي الثامن من سبتمبر/ أيلول عام 2016 أعلنت الحكومة التركية فصل 11 ألف و500 معلم كردي بزعم انتمائهم لمنظمة إرهابية، مما خلقت مثل هذه الأفعال مناخا من الخوف الذي ساد في تركيا أدى إلى صمت المعارضة التركية.
ليس من الممكن أن نعلم حقائق الانقلاب الفاشل إلى الآن، والسبب في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان ومناخ الخوف المجتمعي الذي أُنشئ بعد المحاولة الانقلابية، لكن بغض النظر عن ما حدث في ليلة الخامس عشر من يوليو/تموز، فقد استهدفت عملية التطهير الشاملة في حينها المدنيين بشكل كبير وتركت عشرات الآلاف من العائلات في معاناة حقيقية.
ثم إنّ الرئيس أردوغان يستغل تلك المحاولة الانقلابية لتمكين سلطته وتدعيم مكانته بشكل كامل ، حيث يقدم نفسه كمخلّص الأمة التركية الأسطوري “أتاتورك القرن الحادي والعشرين”، وفقا لوصف جريدة نيويورك تايمز.
لقد أصابت ردود الفعل الدولية نحو محاولة الانقلاب الفاشلة الرئيسَ التركي بالإحباط، فبينما تُظهر هذه الردود تضامنها مع الحكومة التركية في جهودها لمعرفة مدبري الانقلاب ومحاكمتهم، إلا أنَّ رؤساء بعض الدول ومنظمات حقوق الإنسان الدولية انتقدت استهدافَ الحكومة التركية للمدنيين في إطار عملية التطهير الشاملة التي تقوم بها، وبينما تعد تلك الانتقادات ذات قيمة حقيقية في حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في تركيا، إلا أنها ليست كافية لإيقاف حكومة أردوغان عن استهداف المجتمع المدني.
إنّ إنهاء حالة الطوارئ وإعادة تفعيل دور القانون، والنظر في الظروف الإنسانية للمعتقلين، وأخذ العدالة مجراها وسيادتها، هو الأمل الوحيد لضحايا عملية التطهير الشاملة تلك.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
المحاولة الانقلابية وما تلاها من تطهير
حاولت مجموعة من الضباط والجنود الأتراك تنفيذ انقلاب في يوم الجمعة الخامس عشر من يوليو/تموز 2016، وانصب تركيزهم على أنقرة واسطنبول، حيث سيطروا على بعض المرافق المهمة في المدينتين مثل رؤس الكباري في مدينة إسطنبول والمطارات الموجودة بهما، بالإضافة إلى مبنى البرلمان التركي وبعض أقسام الشرطة.
وكانت تلك المحاولة إما مخطط لها بشكل غير دقيق ولم تُنفذ بشكل جيد، أو كانت خطة على قاعدة واسعة تخلت فيها بعض المجموعات العسكرية عن الأخرى، مما جعل تصرفات الأخيرة ناقصة وغير فعالة. وعلى الرُغم من ادعاءات الحكومة التركية بتورط مجموعة صغيرة متطرفة من بعض أفراد الجيش التركي في تدبير تلك المحاولة الانقلابية، إلا أنه قد تم إلقاء القبض على أكثر من ثُلث قادة الجيش وآلاف الجنود.
ووفقا للمصادر الرسمية للحكومة التركية فقد تم مقتل5 جنود و62 ضابط شرطة، و173 مدنياً بالإضافة إلى 1500 جريح.
وذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها بشأن الأوضاع في تركيا مقتل 208 شخصاً على الأقل، بالإضافة إلى أكثر من 1400 مصاب. حيث قالت السلطات التركية “إن من بين هؤلاء القتلى 24 شخصا ممن يصفون بمدبري الانقلاب”. والبعض منهم قد قتل من غير أي محاكمة وأثناء تسليم أنفسهم.
لقد وضعت الحكومة التركية مسؤولية الانقلاب على عاتق كبش الفداء المعتاد “فتح الله كولن”؛ رجل الدين المتقاعد الذي يعيش في عزلة في مركز في سايلورسبيرج بمدينة بنسلفانيا منذ عام 1999، كما ادعى بعض وزراء الحكومة دعم الإدارة الأمريكية لمحاولة الانقلاب الفاشلة للإطاحة بأردوغان وذلك من خلال حركة كولن.
وفي نفس توقيت الانقلاب كان الدكتور “هنري بيكري” الدكتور بمعهد ويلسون متواجداً في مدينة إسطنبول لحضور ورشة عمل، وادعت الحكومة التركية أنه رجل المخابرات الأمريكية الذي أتى لمراقبة الانقلاب، كما وجهت الصحف الموالية للرئيس أردوغان تهمة تنظيم الانقلاب للجنرال “جون قان فيل”، قائد قوات دعم الأمن الدولية الأمريكية السابق.
وقد ظهرت البوادر العامة للمحاولة الانقلابية في حوالي الساعة الثامنة مساءً، عندما بدأت وحدات من الجيش التركي تحويل حركة المرور من على جسر “البوسفور” في إسطنبول، وفي حوالي الساعة العاشرة تم إغلاق حركة المرور على الجسر وفتح اتجاه واحد من أجل عبور السيارات، في حركة غير مسبوقة وغير مُفسرة من قبل مدبري الانقلاب، مما سببت هذه الحادثة ردة فعل عنيفة من قبل الشعب التركي.
وقد كانت الإجراءات المـُتخذة مناقضة تماما للانقلابات السابقة، ففي الانقلابات السابقة أعوام 1960، 1971، و1980، تم أولاً التحفظ على القادة السياسيين، ثم محطات الإذاعة والتلفاز، وكانت الانقلابات تُنفذ بينما معظم الناس نائمين، كما كان مدبرو الانقلاب يضعون في الإعتبار تجنب وقوع ضحايا كثر من المدنيين.
أما أثناء محاولة الخامس عشر من يوليو/تموز، لم يتم التحفظ على أردوغان أو رئيس الوزراء “يلدريم”، وتُرِكت محطات الإذاعة والتلفاز الموالية لإردوغات تعمل بحرية، وكان وقت الانقلاب أثناء ساعة الذروة وفي وقت استيقاظ معظم الناس،كما أن تفجير مبنى البرلمان وقتل المدنيين، أشياء كلها عملت على تهييج مشاعر الناس وخلقت ردة فعل قوية من الشعب التركي، مما أدت في النهاية لفشل هذا الانقلاب.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
الإطار الزمني للمحاولة الانقلابية
في الساعة الواحدة بعد الظهر: قام ضابط بالقوات الجوية بإبلاغ المخابرات التركية بمحاولة الانقلاب، وفُصل على إثرها من الجيش.
في الساعة الرابعة مساءً: قامت المخابرات التركية بإبلاغ رئيس الأركان بهذا الأمر، كما طلبت منه عدم إخبار رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو الحرس الخاص بهم.
في الساعة السادسة مساءً: يلتقي رئيس المخابرات “هاكان فيدان” مع رئيس الأركان “خلوصي أكار”، وبعدها تم إشاعة أنّ “فيدان” كان في اجتماع مع “أكار” حتى العاشرة مساءً في مقر القيادة العامة، بينما كان يجري الانقلاب بشكل جيد.
في الساعة الثامنة مساءً: تبدأ وحدات الجيش إغلاق الطرق المؤدية إلى جسر البوسفور.
في الساعة الثامنة مساءً: يعلم أردوغان بمحاولة الانقلاب عن طريق مكالمة هاتفية من صِهره وزير الطاقة التركي.
في الساعة العاشرة مساءً: يُغلق الجنود الأتراك باستخدام الدبابات والمجنزرات المرور في الاتجاهات على جسر البوسفور.
في الساعة الحادية عشرة وخمس دقائق مساءً: يعلن رئيس الوزراء “بن علي يلدريم” أنّ تلك المحاولة الانقلابية هي من صنع طائفة خبيثة بين صفوف الجيش.
في الساعة الحادية عشرة والنصف مساءً: تعلن وكالة أنباء الأناضول أخذ رئيس الأركان رهينة.
في الساعة الثانية عشر ودقيقة بعد منتصف الليل: يغادر أردوغان مقر إقامته الذي يقضي فيه إجازته، وفقا لوكالة الأناضول للأنباء.
في الساعة الثانية عشر وثلاث عشرة دقيقة: تم إلقاء بيان الانقلاب بالنيابة عن مدبري الانقلاب على محطة “تي أر تي” المملوكة للدولة.
في الساعة الثانية عشرة وست وعشرين دقيقة: يظهر أردوغان على قناة “سي إن إن تورك” متهما كولن بأنه خلف المحاولة الانقلابية، وموجها خطابه إلى الناس للنزول للشارع لحماية الديمقراطية. أي بعد أربع ساعات ونصف من مكالمة أردوغان مع صهره.
في الساعة الواحدة إلا ثمان دقائق: “يعلن قائد الجيش الأول “جين يوميت دوندار” أن تلك المحاولة من تنفيذ مجموعة هامشية ، وأن ولائه لأردوغان.
وفي تمام الساعة الثالثة إلا ثماني عشرة دقيقة:تم تفجير مقر البرلمان التركي.
في الساعة الثالثة وعشر دقائق صباحا: يلقي مدبرو الانقلاب بياناً من مكتب وزير الحربية.
في الساعة الثالثة والثلث صباحا: تهبط طائرة أردوغان في مطار أتاتورك في إسطنبول، بعدها يعقد مؤتمراً صحفيا.
في الساعة الثامنة والنصف صباحا: تم إطلاق سراح الجنرال “أكار” رئيس هيئة الأركان التركية.
في الساعة الواحدة وخمس وثلاثون دقيقة ظهرا: يعلن رئيس المخابرات التركية “هاكان فيدان” انتهاء الانقلاب.
في الساعة الثانية وخمس وخمسين دقيقة بعد الظهيرة: بدء عملية التطهير الشاملة بطرد 2745 قاضياً ومدعيا عاماً.
استغرق كل هذا خمس وعشرين ساعة وخمس وخمسين دقيقة.
أما عملية التطهير الشاملة بالأرقام:
تم إغلاق 180 قناة تلفزيونية، تم اعتقال 120 صحفياً، تم اعتقال 5266 ضابط بالجيش، تم إغلاق 1254 منظمة مجتمع مدني منها منظمات إغاثية، تم فصل 2346 أكاديمياً، تم إغلاق 2099 مدرسة وسكن طُلابي.
ومنذ الخامس عشر من يوليو/تموز 2016 إلى الآن، تم…
إيقاف 3465 قاضياً وكيل نيابة، إيقاف 159 جنرالاً رفيع المستوى عن العمل، واعتقال50651 شخصاً، وطرد 27239 موظفا من الدولة.
الإجمالي 104,914 تم تطهيرهم من صفوف الدولة، وذلك حسب بيان القوات المسلحة التركية، في الأول من أكتوبر 2016،.www.turkeypurge.com
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
عملية تطهير ما بعد الانقلاب
اتَّسمَت أفعال الحكومة التركية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة بالعقاب الجماعي، وذلك دون أي سند قانوني أو أي دليل يثبت تورط بعض المعتقلين في هذه المحاولة الفاشلة، حيث عبر الأستاذ “ديفيد فيليبس” الأستاذ بمعهد جامعة كولومبيا لدراسة حقوق الإنسان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة أنّ “ستالين” الذي بداخل شخصية أردوغان قد أُطلق سراحه، وأنه سيحول تركيا إلى مخيمات كبيرة.
لقد أصدرت الحكومة أوامرها بإغلاق 131 جريدة ووكالة أنباء ودور نشر ومحطات إذاعية وتلفاز، علاوة على ذلك فقد قامت الحكومة خلال أيام بفصل 104,676 شخصاً من الدولة، سجنت 44,206 واعتقلت 24,118 و49 صحفياً، وأغلقت 1,284 مدرسة وسكن طلابي و15 جامعة، كما أغلقت 1,254 مؤسسة وهيئة بالإضافة إلى 35 مستشفى. وتعرضت المؤسسات التابعة لحركة الخدمة؛ لوابل من المظاهرات الغاضبة من قبل بعض مجموعات من الشعب التركي، والتي أطلقت شعارات تهتف بتأييد الرئيس أردوغان وتهدد فتح الله كولن والمتعاطفين معه.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
بعض ضحايا الاعتقالات العشوائية
نماذج من الاعتقالات الغير منطقية:
1- “أ ي” حارس في إدارة الشؤون الدينية في “بلك كسير”.
2- “ج أ” بيطري في وزراة الزراعة والحيوانات في مدينة “إغدر”.
3- “ن و” عامل تعدين في وزراة الطاقة في “زون جول دك”.
4- ” س د” حارس مستودع في منظمة إدارة الكوارث في “أنطاليا”.
5- “ف ه د” دايه (قابلة) في وزراة الصحة في “اسبرطه”.
6- “ي إ ك” راقصة باليه في وزراة الثقافة والسياحة في “إزمير”.
7- “أ د” عامل أثار في وزراة الثقافة والسياحة في “إزمير”.
8- “ت ت” سائق شاحنة في منجم للفحم في “تشن قعله”.
9- “ش ج” ميكانيكي سيارات في مدينة “كوتهيا”.
10- “م ش” طباخ في رئاسة الوزراء “أنقرة”.
المصدر:
الجريدة الرسمية للحكومة التركية
عشرة أصناف لانتهاكات حقوق الإنسان
1-الاحتجاز غير الإنساني والتعذيب
2-انتهاك الحق في الحصول على مأوى
3- انتهاكات طالت الأُسر
4-انتهاكات الملكية الخاصة
5-إنكار حق الاعتراض المشروع
6-التحرش الجسدي واللفظي خارج الحجز وداخله
7-انتهاك حق السفر
8-إنكار التوظيف القانوني
9-الإذلال وتشويه السمعة
10-إنكار حق الأمر القضائي الواجب النفاذ
أشكال انتهاكات حقوق الإنسان:
استمرت انتهاكات حقوق الإنسان أثناء عملية التطهير الشاملة في الزيادة، ومن صور أشكال الانتهاكات هذه ما يلي:
1-حالات الاحتجاز غير الآدمية والتعذيب الذي يتعرض لها المعتقلون: منها الإمتناع عن تقديم الدواء والعلاج الطبي والطعام، وحق الحصول على النظافة الشخصية، ووضع عدد كبير من المحتجزين معا في أماكن صغيرة، وهناك تقارير حقوقية موثّقة تقر بوجود تعذيب مثل الضرب والاغتصاب وغيره.
2– الإساءة اللفظية والجسدية خارج مراكز الاحتجاز.
3- انتهاك حقوق السفر: “إلغاء جوازات السفر، والمنع من السفر”.
4- إنكار الحقوق القانونية للموظفين: حيث تم طرد الموظفين بدون تحقيق كما حرموا من الحصول على أي فرصة في أي مؤسسة حكومية أخرى. وتم رصد الشركات الخاصة التي توفر وظائف لمثل هؤلاء الأفراد وتهديدها، كما تم إلغاء الرخص الاحترافية الخاصة بالمعلمين وبعض المهن الأخرى مثل الأطباء والأكاديميين، وتم إلغاء دبلومات المدارس للمحترفين.
5- التشويه والإذلال والتجريح: تم شن حملات تشويه ضد المؤسسات والشركات، والأفراد من قبل الرئيس أردوغان وبعض مسئولي الدولة حيث انطلقت تلك الحملات على شاشات الإعلام والمنصات الموالية لأردوغان، كما أنّ الشرطة لا تولي أهتماما لمن يقدم من أسر المعتقلين بلاغا يفيد تعرضه للاعتداء البدني أوالتحرش العام.
6– عدم حصول المعتقلين على الحق الذي كفله الدستور والقانون التركي، وهو حق الدفاع والمرافعة القانونية.
7– إنكار حق الحصول على دفاع قانوني: حيث يتم تهديد المحامين المتقدمين للدفاع عن المنتمين لحركة الخدمة واحتجازهم واعتقالهم، ومهاجمة مكاتبهم.
8- انتهاك حقوق الملكية الخاصة: حيث تتم مصادرة أموال المنتمين لحركة الخدمة من خلال آليات عدة منها تعيين الوصاية أو المصادرة أو البيع لطرف ثالث بدون قبول المالك.
9- انتهاكات الأسرة: يتم إحتجاز وأحيانا اعتقال أفراد أسرة المطلوبين بما فيهم الزوجات والأمهات والآباء،كما يتم تهديد الأطفال، وتهديد الآباء بوضع أبنائهم في مصالح حكومية خاصة بالأيتام على الرغم من وجود الأقارب.
10- انتهاكات تتعلق بحق الحصول على ملجأ: حيث يتم الضغط على الشركات المالكة لشقق سكنية لإخلاء المنتمين إلى حركة الخدمة من مساكنهم.
11- انتهاك حق الإدلاء بمعلومات: حيث يتم حظر المعلومات المتعلقة بالمحتجزين والمعتقلين إلى باقي أفراد الأسرة.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
الضحايا وردود الفعل الدولية
لقد أصبح المنتمون إلى حركة الخدمة محط أنظار عملية تطهير ما بعد الانقلاب، ومع ذلك لم تقتصر تلك العملية على أنصار حركة الخدمة فقط، بل نال الكماليون والعلويون والليبراليون والأكراد والمجموعات الأخرى غير الموالين لأردوغان نصيباً منها. كما أشار إلى هذا “أمين توشل أشان” الكاتب المشهور في جريدة “سوزكو اليومية”، أن من بين ضباط الجيش المحتجزين والمعتقلين كماليين يعرفهم شخصيا.
وزعمت الصحف الموالية لأردوغان أن قناة “بي بي سي” كانت تحاول تأليب العلويين ضد الحكومة بعد فشل محاولة الانقلاب، وأوردت وسائل الإعلام أنّ هناك اتجاهاً من الحكومة لاستئصال العلويين من المناصب القضائية في أعقاب المحاولة الانقلابية.
ففي الثامن من سبتمبر/أيلول تم إيقاف 11,500 معلم كردي عن العمل بحجة انتمائهم لمنظمة إرهابية، كما تأثرت بذلك وسائل الإعلام القومية واليسارية بالإضافة إلى الصحفيين والموظفين الحكوميين.
وتظهر الأرقام في الصفحة التالية المؤسسات التي وقعت ضحية هذا الانقلاب الفاشل.
وسائل الإعلام: تم إغلاق أكثر من 120 وسيلة إعلامية، وتتضمن وسائل الإعلام التي تعرضت للإغلاق قنوات تلفزيونية وإذاعية وصُحُف ومجلات، وقالت “نينا أوجانيانوفا” منسقة البرنامج الأوروبي ووسط آسيا للجنة حماية الصحفيين: “إنها تأسف لما يحدث لوسائل الإعلام في تركيا وإن ما يتعرضون له أمراً خطيراً”.
الصحفيون: كان الصحفيون ووسائل الإعلام من بين أولى أهداف هجوم ما بعد الانقلاب، وبالإشارة إلى الصحفيين الذين تم إلقاء القبض عليهم، قال“ماهر زينالوف” كاتب العامود الحالي لدى جريدة “هافنجتون بوست” و الكاتب السابق لدى جريدة”توديز زمان”، والذي طردته الحكومة التركية من تركيا في وقت سابق: “كان هؤلاء الصحفيون متنوعين بين كبير وصغير، محافظ ويساري، روائي واقتصادي ومتخصص في الشأن العسكري وغير ذلك، وهذا يدل على التنوع الفكري والمجال التخصصي للصحفيين الذين وضعوا في السجن، ويبرهن على أنّ جميع أطياف المجتمع التركي الكبيرة لا تستطيع التكلم والحديث نتيجة الخوف وتكميم الأفواه من قبل الحكومة”.
وفيما يلي بيان لضحايا عملية تطهير ما بعد الانقلاب:
الصحفيون ووسائل الإعلام
المتعاطفون مع حركة الخدمة
الكماليون
الوطنيون
الأكراد
العلويون
الليبراليون
اليساريون
وكان من بين الصحفيين المعتقلين الصحفية المحنكة صاحبة الـ 72 عاما والبرلمانية السابقة “نازلي إيجليك”، الذي وجهت إليها تهمة الانتماء لجماعة إرهابية، وفقا لوكالة أنباء الأناضول المملوكة للدولة. وفي واقعة أخرى، ألقت السلطات التركية القبض على زوجة الصحفي التركي “بولنت كورجو”، الذي انتقد الحكومة التركية. ووفقا لجريدة “توركيش مونيت”، فقد استحوذت حادثة “كورجو” وفي وقت قصير على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت حديث الساعة بين النشطاء والصحفيين، عبروا فيها عن غضبهم من اتباع الحكومة أساليب العصابات للقبض على الناس في دولة كان من المفترض أن القانون هو السائد فيها.
ومثال أخر لانتهاكات حقوق الإنسان مع حدث مع “بياتريز يوبيرو” الطالبة والصحفية الإسبانية، التي سٌجنت بتهمة كتابة تغريدات تنتقد فيه الرئيس رجب طيب أردوغان على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وأثناء فترة احتجازها حُرمت من الطعام والماء ومن الرعاية الصحية، كما حٌرمت من مراسلة أسرتها ومحاميها ومنعت التواصل معهم، ثم طُردت بعد ذلك من تركيا.
وجاء الهجوم السابق على الصحفيين ووسائل الإعلام بعد الانقلاب؛ ليشكل مرحلة جديدة ومحاولة من محاولات الرئيس التركي أردوغان تكميم أفواه المعارضة في وسائل الإعلام، وتضمن نمط الإجراءات المتخذة ضد الصحفيين المـُستَقلّين، تلفيق قضايا الإرهاب وشطب اسمائهم من نقابة الصحفين وسحب كارنية الصحافة منهم، إلى جانب حملات التشويه التي تقوم بها وسائل الإعلام، ووضع بعض الصحفيين في القائمة السوداء وحرمانهم من حضور المناسبات الحكومية، وتوقيع الغرامات المالية على أصحاب وسائل الإعلام المعارضة بين الحين والآخر.
القضاة ووكلاء النيابة: تم فصل 3,465 قاضياً ووكيل نيابة من مناصبهم، كما تم القبض على أكثر من 2,000 في فترة ما بعد الانقلاب، وشبهت صحيفة “نيويورك تايمز” هذا الفصل التعسفي للقضاة بأن عددهم يعادل القضاة العاملين في كل من كاليفورنيا وتكساس ونيويورك وجورجيا. كما تضمن المقبوض عليهم عضوين من المحكمة الدستورية العليا، أي ما يقابل المحكمة العليا الأمريكية. حيث اعتقلت السيدة “نيسيبي أوزير”، عضوة المجلس الأعلى للقضاة والمدعين، والتي أُقيلت من منصبها وحُبست في سجن انفرادي والتي بدأت إضرابا عن الطعام في الفترة الماضية.
ونشر حساب “تويتر” تابع لأحد مؤيدي حزب العدالة والتنمية ، أن جميع المحتجزين المنتمين إلى حركة الخدمة يجب نقلهم إلى الحبس الإنفرادي لسهولة السيطرة عليهم في حالة إحداث أي شغب داخل السجن، وقد بدأت الحكومة في توظيف قضاة جُدد، وعلى ما يبدو أنهم موالون للحزب، من غير خبرة أو تدريب كاف.
المعلمون والمدارس: هناك 21,000 معلم بالمدارس الخاصة لم يوقفوا عن العمل فحسب وإنما تم سحب رخص التدريس منهم. كما قامت الحكومة، من خلال موجة متقطعة من عمليات التطهير، بطرد 11,000 مُعلم كُردي بدعوى انتمائهم لحزب العمال الكُردستاني.
وقد أغلقت الحكومة 2099 مؤسسة تعليمية تشمل مئات المدارس والجامعات التابعة لمؤسسة “ك-12”، ووفقا لتقارير إعلامية، اضطر 13,800 تلميذ إلى الإنتقال إلى مدارس مختلفة ، وأحيانا ما كانوا يتعرضون للإعتداء بسبب قدومهم من مدارس تابعة لحركة الخدمة.
الأكاديميون: أجبرت الحكومة جميع العمداء في كل الجامعات ، بإجمالي 1,500 عميد، على تقديم استقالتهم بدون سبب قانوني أو إعلامهم إذا كان من المتوقع أن يعودوا إلى أعمالهم لاحقاً أو لا، في حين تم إرغام بعض الأكاديميين على تقديم استقالتهم لزعم انتمائهم بحركة الخدمة، وليس هذا فحسب تم أيضا فصل البعض الآخر ممن وقعوا على عريضة ينتقد فيها الحكومة أثناء هجوم قوات الأمن على حزب العمال الكُردي.
رجال الأعمال: تم استهداف المئات من رجال الأعمال من خلال إجراءات مثل التحريات غير العادلة، توقيع الغرامات المالية، تعيين الحراسة الإجبارية لإدارة شركاتهم، ومصادرة كافة الأعمال والأموال.
فقد تم مصادرة ووضع شركات رجل الأعمال “أكين إيبك” والبالغ عددها 18 شركة وتقدر قيمتها بملايين الدولارات عندما كان خارج تركيا، كما تعرضت والدته لمضايقات حيث استولت الدولة على مالها الخاص كما منعتها قوات الأمن من دخول المنزل، كما تم إلقاء القبض على أفراد أسرة “بويدك” الذين يمتلكون أكبر شركة لصناعة الأثاث في مدينة “قيصري” بتهمة دعم المنظمات غير الربحية التابعة لحركة الخدمة من خلال تبرعاتهم الخيرية.كما توفي رجل الأعمال “مصطفى تُرر” في الحجز بسبب مرض السكر.
نماذج من الاعتقالات
1- اعتقال الكاتبة والمناضلة الصحفية “نظلي إليجك” التي تبلغ من العمر 72 عاماً.
2- أثار التعذيب على المعتقلين حيث تُظهر الصورة أثار التعذيب على “لفنت تورك كان” مساعد رئيس الأركان.
3- وفاة المدرس “جوكان إجيك أغلو” بعد منعه من الرعاية الصحية وعندم تناوله دواء مرض السكر الذي كان يعاني منه.
4- اعتقال الدكتور والكاتب الصحفي “شاهين ألباي”.
5- وفاة رجل الأعمال المعتقل “مصطفى تورار” والمريض بداء السكر، إثرا تعرضه لأزمة قلبية.
6- الاستيلاء على 18 شركة مملوكة لرجل الأعمال “آكين إيبك” بدعوى علاقته بحركة كولن.
7- اعتقال الروائية والناشطة المشهورة في الشؤون التركية “أصلى أردوغان” وعدم صرف علاجها التي كانت تأخذه على نفقة الدولة، وذلك انتقادها تكميم وسائل الإعلام في تركيا.
8- اعتقال زوجة الصحفي “بولنت كروجو” وتم تهديد أطفاله من أجل إجباره على تسليم نفسه.
9- اعتقال “دو دو جاكير البالغة” من العمر 86 سنة والدة المحامي محمد جاكير لحين تسليم نفسه.
10- تنظيم حزب العدالة والتنمية الحاكم مسيرات تحرض فيها على الأستاذ فتح الله كولن إلى جانب خطاب الكراهية الذي قيل فيها.
11- صورة تظهر جانب من جوانب خطاب الكراهية والعنصرية من قِبل أتباع الحزب الحاكم، حيث علق صاحب المحل يافطة مكتوب عليها “ممنوع دخول أعضاء منظمة كولن الإرهابية”.
12- إلغاء جواز سفر “ديلك دون دار” زوجة المدير السابق لجريدة الجمهورية التركية ذات التوجه الكمالي.
13- منع كل من الكاتبين والأخوين “أحمد ألطان” و “محمد ألطان” من التواصل مع محاميهما.
14- فسخ عقود المغنية “صِلا” وتعرضها لحملة تشويه من قِبل الإعلام التابع لحزب العدالة والتنمية بعد رفضها الغناء في حفل من تنظيم الحزب.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
وأوردت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أنها تمتلك تقاريرا موثقة تدل على أن شرطة أنقرة وإسطنبول تضع المحتجزين في أوضاع ضغط لمدة تصل إلى 48 ساعة، إلى جانب حرمانهم من الطعام والماء والعلاج الطبي في بعض الأيام، كما تسئ لهم لفظيا وتهددهم. وفي بعض الأحيان تصل تجاوزات الشرطة إلى الضرب والتعذيب بما فيها الاغتصاب.
هذا وقد انتقدت عدد من منظمات حقوق الإنسان وزعماء العالم وصحفيين حملة التطهير التي شُنت بعد الانقلاب وخاصة انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا. تقول “أما سينكلير” رئيسة مرصد حقوق الإنسان التركي: “نحن نُدين بشدة الهجوم المتواصل على وسائل الإعلام والصحفيين، والذي من شأنه أن يضر بالديمقراطية التركية، وإن كافة الممارسات التي قامت بها الحكومة التركية ضد وسائل الإعلام والصحفيين بتهمة انتمائهم إلى حركة فتح الله كولن والتي تتهمها الحكومة التركية بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة بدون أي دليل يثبت صحة ما تقوله الحكومة يثيرُ الريبة والشك”.
وفي نفس السياق، قالت “نينا أوجنيانوفا” منسقة برنامج لجنة حماية الصحفيين في أوروبا ووسط آسيا: “لقد قامت السلطات التركية طوال السنوات الماضية بمضايقات وإرهاب العاملين بـصحيفة “أوزجور جوندم” ثم أغلقتها في النهاية، فلا يمكن لانقلاب يوليو الفاشل أن يٌبرر إغلاق تلك الجريدة أو احتجاز الصحفيين العاملين فيها ومنعهم من مباشرة عملهم، إنّنا نطالب السلطات بإطلاق سراح الصحفيين المحتجزين والسماح للصُحُف بحرية النشر”.
وبعد احتجاز كل من “شبنام كورور فينجانج” و “أرول أوندر أوغلو” و “أحمد نسين” الصحفيين والعاملين في مجال حقوق الإنسان، أصدر بيت الحرية البيان التالي: حيث قال “دانيل كالين جرت” نائب الرئيس التنفيذي: “لقد أظهر سجن الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بتهمة الترويج للإرهاب، مدى الغموض والفجوة في القوانين التركية، وأحب أن أقول للإتحاد الأوربي إنّه يجب عليكم الوقوف بحزم في وجه انتهاك القانون وتكميم الأفواه الذي تمارسه الحكومة التركية ضد المعارضين، وعدم إكمال المفاوضات الخاصة بتحرير الفيزا بين كل من تركيا والاتحاد الأوربي، كما أطالب تركيا بإخلاء سبيل كل من “شبنام كورور فينجانج” و “أرول أوندر أوغلو” و “أحمد نسين” على الفور”.
كما طالب عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان “زيد رعد الحسين” السلطات التركية بالالتزام بحقوق الإنسان، وذلك حسبما ورد في بيانه التالي:
“ينتابني الحزن على فقدان أرواح العديد من أبناء الشعب التركي في نهاية الأسبوع، كما أقدم أصدق التعازي لأسر القتلى، لقد ضرب الشعب التركي مثلاً في الشجاعة بخروجهم إلى الشارع لحماية وطنهم ممن حاولوا تقويض أسس الديمقراطية، وأناشد الحكومة التركية بتطبيق سلطة القانون ودعم حماية حقوق الإنسان والمؤسسات الديمقراطية، كما يجب محاسبة كل شخص تورط في أعمال العنف وفق ما تنص عليه العدالة مع الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة، ولا تنسى الحكومة التركية بعد تلك التجربة المؤلمة، أنه من الضروري أن تضمن عدم التفريط في حقوق الإنسان وذلك تحت مسمى حفظ الأمن”.
على الرغم من الدعم الذي لاقته حكومة أردوغان من الدول الغربية، إلا أنّ المأساة الإنسانية وعملية تطهير ما بعد الانقلاب لم يكونا موضع ترحيب من الكثير، فقد قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: “نحن نقف بجانب القيادة المنتخبة في تركيا، ولكنّنا أيضا نناشد الحكومة التركية بضبط النفس وحفظ الأمن في البلاد، وبالتأكيد ندعم تقديم مدبري الانقلاب للعدالة، ولكننا نحذر أيضا من تداعيات هذا الموقف”. كما طالب كيري تركيا بتقديم الأدلة والبرهين التي تثبت وقوف فتح الله كولن خلف هذا الانقلاب بدلاً من الادعاءات التي لا دليل عليها.
قالت “ فيديريكا موغيريني “ مسئولة الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي: “يجب على أنقرة أن تتجنب القيام بالخطوات التي من شأنها أن تضر بالنظام الدستوري في تركيا”.
وأعرب “جينز ستولتنبيرج” أمين عام منظمة حلف شمال الأطلسي بعد مكالمة هاتفية مع الرئيس أردوغان: “من الواجب على تركيا أن تكون مثلها مثل الحلفاء الآخرين، وأن تضمن الاحترام الكامل للديموقراطية ومؤسساتها والنظام الدستوري، وأن تكون سلطة القانون هي السائدة، بالإضافة إلى الحريات الأساسية”.
قال “ستيفن سايبرت“ المتحدث باسم الحكومة الألمانية: “إن أية محاولة من قبل الرئيس التركي لإعادة عقوبة الإعدام من شأنها أن تقضي على مباحثات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي”.
وأكد “سايبرت” في مؤتمر صحفي في برلين “أن الدولة التي تطبق حكم الإعدام لا يمكن أن تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي، إذاً فتطبيق عقوبة الإعدام في تركيا قد يعني نهاية مباحثات العضوية، ولسوء الحظ أردوغان لا يبلي من سيل الانتقادات والإدانات الموجهة له، ومازال مستمر في تنفيذ عملية تطهير ما بعد الانقلاب بمزيد من الوحشية”.
القصة الرسمية تساؤلات وبدائل أكثر منطقية
يمكن توضيح الرواية الرسمية التي ترويها حكومة أردوغان حول محاولة الانقلاب في الخامس عشر من يوليو/تموز 2016 كما يلي:
علمت مجموعة من ضباط الجيش المنتمين إلى حركة الخدمة أنهم بصدد الاستبعاد من الخدمة في اجتماع المجلس الأعلى للجيش في أغسطس القادم، فدبروا انقلاباً لحماية أنفسهم وللسيطرة على الحكومة وزمام الأمر في تركيا، وبعد ثلاث ساعات فقط من ظهور البوادر العامة للمحاولة الانقلابية، أعلن أردوغان في مكالمة هاتفية قام بها من خلال برنامج اسكايب على قناة “سي إن إن ترك” أن تلك المحاولة هي من تدبير مجموعة صغيرة في صفوف الجيش من أنصار “كولن”.
وأدان “فتح الله كولن” تلك المحاولة الانقلابية في بدايتها، ففي الساعات الأولى من الانقلاب أدانت كل المنظمات التي تتبع حركة الخدمة هذا الانقلاب، تلى ذلك خطاب شخصي لكولن. وتم رصد إدانة كولن للانقلاب من قبل الصحافة العالمية، حيث أعلن كولن في مقالات افتتاحية ومؤتمرات صحفية عدة عن موقفه الثابت من الديموقراطية ورفضه كل التدخلات العسكرية.
وقال الأستاذ فتح الله كولن لجريدة “نيويورك تايمز”: “إن فلسفتي هي التعددية الشاملة وخدمة البشرية من كل الأديان، وهي ضد الانقلابات العسكرية بكافة أنواعها”.
ودعا في مقالته الإفتتاحية في جريدة “لي موند” الفرنسية إلى إجراء تحقيق دولي حول عملية الانقلاب الفاشلة في تركيا وضرورة الإلتزام بنتائجها.
وحتى لو ثبت تورط بعض المؤيدين لكولن في تلك المحاولة، فليس بالضرورة أن يكونوا هم من قادوها. حتى أن الأستاذ كولن قد قال: “لو ظهر أنّ أحد من مؤيدي حركة الخدمة قد تورط في تلك المحاولة فهو خائن لمبادئي ولفكر الحركة”.
هذا وقد تضمنت تفسيرات الحكومة لقصة الانقلاب ومحاولاتها لتبرير عملية تطهير ما بعد محاولة الانقلاب ثلاث أمور:
أولاً: تجاهلت الحكومة تماماً القاعدة الواسعة من مدبري الانقلاب الحقيقيين وركزت فقط على مؤيدي كولن المزعم تورطهم في تلك المحاولة.
ثانياً: أخفقت الحكومة في الإجابة على الإستفسارات والمتناقضات التي ذكرتها في رواياتها الرسمية.
ثالثاً: حاولت الحكومة تبرير عملية التطهير الشاملة عن طريق نسب جرائم القتل إلى مدبري الانقلاب واتهامهم بتهم كثيرة مثل استهداف المدنيين وتفجير مبنى البرلمان.. إلخ.
الرواية الرسمية التي تقدمها الحكومة التركية من أجل تبرير حملات الاعتقال وعملية التطهير وتحتوي على ثلاثة أمور
1- تجاهل الحكومة التركية منفذي الانقلاب الحقيقيين والتركيز فقط مع حركة الخدمة.
2- الفشل في الإجابة عن الأسئلة والتناقضات التي تطرحها الرواية الرسمية.
3- تبرير حملات الاعتقال من خلال التركيز على إظهار الأحداث الدموية ليلة الانقلاب مثل استهداف المدنيين وتفجير مبنى البرلمان، حتى يظل الشعب في حالة تأجيج للمشاعر دائما.
ولنتحدث في كل نقطة على حدة
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
المعلومات المضللة وتجاهل الانقلابيين الحقيقيين
تتجنب الحكومة التركية بانتظام مناقشة الضباط المعتقلين الذين وصفوا من قبل المراقبين المستقلين بأنهم كماليين متشددين و قوميين جُدد، وتبالغ في المعلومات الخاصة بمؤيدي كولن الواقعين تحت سطوة التعذيب والتهديد، كما أنها تتهم حركة الخدمة بالمشاركة الكاملة في الانقلاب. وتتكتم الحكومة على أية معلومات تصدر من أقوال الضباط المحتجزين الذين لا يؤيدون القصة الأصلية، حيث تم إلغاء المقابلات بين المحامين وموكلوهم بسبب حالة الطوارئ، كما يتعرض المحتجزون إلى التعذيب والتهديد بشكل مستمر.
إن سيطرة أردوغان على وسائل الإعلام مع التكتم على الروايات المخالفة يجعل معظم المواطنين الأتراك والملاحظين والأجانب القائمين في تركيا يتداولون رواية واحدة فقط، فأي أحد لا يُردد القصة الرسمية ولو كان مؤيداً للديموقراطية وغير راضٍ عن الانقلاب سيوصف بداعم للانقلاب، وأصبح الأفراد في المجتمع يرددون هذه الكلمة “فاتو”-وهو لفظ واختصار اخترعته الحكومة التركية لتصف به حركة الخدمة-، كما أن الحكومة تسعى لنشر مناخ الخوف المجتمعي في مسعى منها لتكميم الأفواه المعترضة.
تسبب الرئيس أردوغان في موجة كبيرة من السخط في صفوف الجيش التركي خلال فترة حكمه التي تقدر بـ13 عاماً كرئيس للوزراء أولاً ثم كرئيس للجمهورية ثانياً. ويرجع ذلك إلى سببين:
أولاً: يُعتبر الجيش التركي معقل الهوية الرسمية للجمهورية التركية، التي قامت على مبادئ مصطفى كمال أتاتورك أبو الجمهورية ومؤسسها.
ثانياً: قلّل أردوغان في فترته الثانية والثالثة خلال حكمه من شأن المبادئ الأساسية للسياسة الأتاتوركية، ألا وهي التوجه الغربي للدولة التركية والفصل بين السلطات إلا أن أبشع عمل قام به استخدم الدين للأغراض السياسية، وقد كان أتاتورك معارضًا بشدة لاستخدام الدين الإسلامي في أغراض سياسية. ولكن أردوغان يستخدم لغة الدين ورموزها بشكل كبير من أجل تحقيق أهداف سياسية، وظهر هذا جلياً خلال السنوات الخمس الأخيرة من حكمه.
علاوة على ذلك، أُجريت محاكمات في الأعوام من 2008 حتى 2010 لضباط الجيش المزعم تورطهم في تخطيط انقلاب ضد الحكومة، حتى إن رئيس هيئة الأركان تم اعتقاله وسجنه بتهمة الإرهاب والتخطيط لمحاولة انقلابية، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية التركية.
حيث أطلع ضابط الشرطة المسؤول عن التحقيق مع رئيس الأركان الأسبق “إلكار باش بوغ” في هذه الحادثة الرأيَ العام في لقاء تلفزيوني: “أنه اكتشف تمويل رئيس الأركان وبمال الدولة لمواقع إلكترونية عدائية ضد حزب العدالة والتنمية، وأن السيد أردوغان كان على علم بمجريات التحقيق معه وأصر على إلقاء القبض على رئيس الأركان السابق. مما سبب هذا الأمر حرجا كبير لرئيس الأركان وحالة من السخط داخل قادة الجيش التركي.
وبالفعل برزت معلومات على السطح بشأن شخصيات بارزة في تلك المحاولة الانقلابية، وتشير هذه المعلومات أنّ قاعدة عريضة تضمنت مجموعة من الضباط المنتمين إلى الكماليين والقوميين الجدد، بالإضافة إلى الذين كانوا على وشك التقاعد معتقلين في هذه القضية.
كما أشارت مصادر عدة تضمنت خبراء مُستَقلِّين غير متعاطفين مع حركة الخدمة، إلى وجود ضباط من الكماليين والقوميين بين ضباط الجيش المعتقلين.
أما عن الخبراء المتستقلِّين الذين شككوا في الرواية الرسمية للدولة:
1- أحمد شك صحفي ومؤلف تركي: قال في حوار مع جريدة”ديوتش ويل توركيش” إن من بين الاسماء المحتجزة أشخاص قوميون وضد حركة الخدمة بشكل كبير.
2- إلكار باش بوغ، رئيس هيئة الأركان التركية السادس والعشرين: تحدث عن تواجد ثلاث مجموعات بينما “أحمد زكي أو كوك”، وهو قاض عسكري متقاعد، تحدث عن خمس مجموعات من بينهم مجموعة من المبتذين.
3-جاريث جينكينز باحث في برنامج طريق الحرير، معهد الأمن والتنمية السياسية جامعة جونس هوبكينز: توجد عددة شبهات حول الرواية التي قالها حزب العدالة والتنمية والتي تنص على أنّ محاولة الانقلاب هذه من فعل جماعة كولن، حيث إن بعض الضباط الذين ذُكرت اسمائهم وثَبُت تورطهم ينتمون إلى جماعة الكماليين المتشددين.
4-سفانت كورنيل، مدير معهد وسط آسيا القوقازي، وبرنامج دراسات طريق الحرير بجامعة هوبكينز قال: “أرى أنّه يوجد مجموعة من الضباط تابعين لحركة الخدمة إلا أنّ وظائفهم متوسطة في الجيش ومن الرتب الصغيرة ولا أحد منهم وصل إلى مرتبة الجنرالات ذوي الثلاث والأربع نجوم، ومن الواضح أيضاً أنهم لم يقوموا بتلك المحاولة بأنفسهم، فتورط جنرالات الجيش الكبار والواضح لا يبدو أن لديه أي صلة بحركة كولن. ويبدو أنّ الانقلاب قد نُفذ عن طريق تحالف مشترك بين طائفة من مدرسة الكماليين القديمة والضباط المنتمين لأردوغان، وإن كان هذا صحيحاً فإنه يعني أن أردوغان تحالف مع كبار قادة الجيش ضد أتباع كولن، ومن الممكن أيضا أنّ هناك طائفة عسكرية أخرى تحالفت مع أتباع كولن ضد أردوغان.
5-مايكل روبن، أستاذ بمعهد المشروعات الأمريكي: أحب أن أوضح أن كولن لم يكن له أبداً قاعدة قوية في صفوف الجيش، لأن هيئة الأركان التركية طالما رفضت ترقية كثير من الضباط خوفاً من تدرج أتباع كولن في تلك المناصب، كما أن هناك إمكانية لتورط الضباط ذوي الاتجاهات الكمالية في تلك المحاولة بدلاً من الذين قال عنهم أردوغان.
6-أوميت سيزر، أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة إسطنبول شهير: أوضحت أنّ هناك ثلاثة جماعات بين مدبري الانقلاب مستشهدة بما قاله “قدري جورسيل”الذي يعمل لدى جريدة”المونيتور” وباحث لدى معهد دراسات الحرب.
7-إيريك جان زوركير، هو خبير هولندي في الشأن التركي وقد منح ميدالية التفوق من الدرجة الأولى من قبل الحكومة التركية يقول: إنّه وبسبب الحكم الأردوغاني الدكتاتوري أصبحت الرواية الرسمية للحكومة التركية محط شك. وأرى أنّ هناك جماعات أخرى متورطة في تلك المحاولة، وربما أن المعارضة قد صدقت رواية أردوغان الرسمية في هذه الحادثة من أجل الحفاظ على أنفسهم ومناصبهم.
8-مقالة تحريرية في جريدة الجارديان البريطانية: تقول هناك بعض المراقبين الخارجيين يعتقدون أنّ مدبري الانقلاب في الغالب، لم يكونوا غالبا من العلمانيين القدامى في عرف القوات المسلحة التركية.
كما أن هناك بعض من المفكرين مثل “إسماعيل بيسيكي” و”جميل جوندغان” أكدو الرأي القائل بتورط الكماليين والقوميين في تلك المحاولة.
س- وقد يسأل سائل ما هي الأسباب وراء اتهام أردوغان لفتح الله كولن بالتحديد؟
هناك سبب عملي وراء اختيار أردوغان للمتعاطفين مع كولن بالتحديد وتحميلهم مسئولية المحاولة الانقلابية من جانب الحكومة التركية، فبتوجيه الإفتراء لمجموعة واحدة بإمكان الحكومة أن توفر الحماية للجماعات الأخرى وبالتالي تضمن سكوتهم.
إلا أن هناك أسباب أخرى وراء صراع أردوغان وكولن، مثل إخفاق أردوغان في ضم كولن إلى صفوف مؤيديه واتهامه، بأنّ قضايا الفساد التي طالت بعض أبناء الوزراء في عام في 2013 هي من تدبير أتباع فتح الله كولن في الشرطة، كما أن هناك أسباب أخرى ذو صلة تاريخية للخلاف بين أردوغان وكولن.
الأسباب التاريخية: في المناطق ذات الأغلبية المسلمة دائماً ما يسعى الحكام السياسيون وغالباً ما يطلبون دعم علماء الدين المؤثرين، ويرجع ذلك بسبب العجز حتى الآن في فصل الدين عن السياسة في بلادنا، دائماً ومن أجل توطيد الحكم يطلب الحكام السياسيون ولاء الشخصيات الإسلامية البارزة، حيث يطلبوا منهم مدحهم على الملأ وتأيدهم فيما يقمون به وما يصدر عنهم من أفعال، أما من يرفض فقد يتعرض للترويع أو السجن أو التعذيب أحياناً، وهذه من الأسباب الحقيقية التي دفعت أردوغان للغضب الشديد من السيد كولن حيث تملّك واستحوذ على وجدان الرئيس أردوغان حبُ السيطرة على الرغم من الحقيقية التي تقول: “إنّ الجمهورية التركية هي حكومة علمانية، لكن تتكون قاعدة المصوتين لأردوغان بصورة أساسية من الأتراك الملتزمين دينياً فيلعب أردوغان على مسألة الهوية الدينية من أجل استقطاب المجتمع ودعم قاعدته التصويتية، لذا لا يمكنه التسامح مع من يوجه له النقد خاصة من الشخصيات الإسلامية البارزة.
كما أن هناك عدة حركات وأحزاب أخرى تعارض أردوغان في تركيا، لكن ما يجعل كولن مصدر إزعاج لأردوغان هو أن كولن يمثل المِرآة غير المتوافقة مع السيد أردوغان، وقد يستطيع أردوغان أن يتجاهل الكثير من الانتقادات الموجهة له بسهولة كما أن عنده من الردود الجاهزة للرد على كل معارضية السياسين فمثلاً: عندما ينتقده أحد من الكماليين يقول دائماً “إنهم يواجهون مشكلة مع الدين بحد ذاته ويسعون للقضاء على الإسلام” ، ومع العلويين يقول إن لديهم عداوة مع السنة، وإن الليبراليين عبارة عن أداة في يد الغرب، أمّا كولن فهو مسلم واعي ومثقف ولم يصرح بانتقاد أردوغان على الملأ قبل ذلك، إلا أنّه بدأ في انتقاده بعدما تفشى الفساد العام في تركيا، وهدمت ممارسات أردوغان الاستبدادية الإصلاحات الديموقراطية السابقة تماماً.
ثم إن رفض كولن دعم أردوغان على الملأ بشأن الترشح للرئاسة في ظل عدم وجود نظام للمراقبة والمحاسبة الداخلية في تركيا، ومن ثم لايستطيع أردوغان أن يزعم أن كولن يواجه مشكلة مع الإسلام أو أنه يعارضه وينتقده، لذا كان أردوغان يبحث عن شيئ لكي يتهم به كولن فوجد هذا الانقلاب فرصة ذهبية للقضاء عليه ورميه بالارهاب في المحافل الدولية.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
تساؤلات وتناقضات لم تجب عنها الرواية الرسمية للدولة
مما لا شك فيه أن بعض ضباط الجيش التركي كانوا يبيتون نية القيام بانقلاب وقد شرعوا في تنفيذ ذلك، فقد كلفت تلك المحاولة كثيراً من الأبرياء حياتهم من بينهم ضباط جيش وشرطة ومدنيين، ولم نرى أي ردة فعل سوى الإدانة، ومن حق الحكومة التركية أن تبحث عن الضباط المتهمين الذين شاركوا في الانقلاب وتحاكمهم.
ومع ذلك لاحظ عدد من المتابعين للشأن التركي أن القصة التي قدمتها الحكومة عن الانقلاب تبدو بسيطة جدا، فهي تثير أسئلة أكثر من الإجابات. ويمكن تصنيف تلك الأسئلة والتناقضات في خمسة مواضيع:
1- ادعاءات متناقضة ومتباينة حول من علم بشأن الانقلاب ومتى.
أدلى الرئيس أردوغان بتصريحات متضاربة بشأن متى علم بالانقلاب وكيف؟
فقد أخبر “رويترز” في أول الأمر أنه علم بشأن المحاولة الانقلابية من صهره في حوالي الساعة الرابعة أو الرابعة والنصف مساءً، وأنه أجرى مكالمة هاتفية مع رئيس المخابرات العامة أو وزير الحربية لكنه غير متأكد، وقام بتغيير موعد لقائه مع قناة “سي إن إن” إلى الساعة الثامنة مساءً، ثم في الساعة التاسعة والنصف مساءً أجرى لقاء مع قناة “إيه تي في”، كما صرح في مؤتمر صحفي في مطار إسطنبول في حوالي الرابعة والنصف صباحاً أنه كان يعلم بشأن التحركات التي كانت تجري في صفوف الجيش في الظهيرة.
2– عدم التواصل مع رؤساء الحكومة وتبلغيهم بهذه المحاولة من أجل توفير الحماية لهم.
قال بيان صادر عن وسائل الإعلام الموالية لأردوغان ورئيس هيئة الأركان في التاسع عشر من يوليو/تموز: “إنّ جهاز المخابرات العامة قد تلقى تحذيراً بشأن احتمال حدوث محاولة انقلابية في ظهيرة الخامس عشر من يوليو، وتم إعلام رئيس هيئة الأركان في حوالي الساعة الرابعة مساءً”.
وعلى الرغم من إرسال مذكرة عامة لوقف تحليق الطائرات الحربية وحركة المعدات الثقيلة، لم يتم إصدار أية تحذيرات أخرى لوقف تلك المحاولة، ولم يكن في إمكان رئيس هيئة الأركان تجهيز قوات أو القوات الخاصة للتصدي لداعمي الانقلاب، كما أن مكتب رئيس هيئة الأركان لم يك مؤمناً بشكل جيد مما مكن مدبري الانقلاب من أخذه رهينة في حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف مساءً، بعد سبع ساعات من إعلامه بالمحاولة. ولم يخبر رئيس المخابرات أو وزير الدفاع الرئيس أردوغان أو رئيس الوزراء “بن علي يلدريم”.
وصرح أردوغان بأنه حاول الإتصال برئيس المخابرات ولكنه لم يجد إجابة حتى الساعة العاشرة مساءً، على الرغم إخبار رئيس المخابرات بتلك المحاولة في الظهيرة، وكذلك معرفة رئيس هيئة الأركان بها في حوالي الساعة الرابعة مساءً، فلماذا لم يتم إخبار الرئيس أردوغان أو التحرك لتأمينه ضد أي موقف محتمل قد يؤخذ على إثره رهينة؟ وسُئل أردوغان في لقاء مع قناة “فرانس 24” ما إذا كان رئيس المخابرات قد قدم استقالته، فكان رد أردوغان أنّ هناك أخطاء تحدث في أجهزة المخابرات في العالم ولنا عبرة فيما حدث في أوروبا خاصة هجمات باريس.
3– الشهادات والمصادر المستقلة التي تتناقض مع رواية الحكومة
أنكر قائد القوات الجوية المتقاعد “أكين أوز تورك” تلك الاتهامات التي اتهمته بأنه العقل المدبر لهذا الانقلاب وأنه من حركة الخدمة، ثم بعدها أعلن مكتب رئيس هيئة الأركان قيامه بعمل بطولي متمثل في محاولة إفشال عملية الانقلاب. كما نفى الجنرال “هاكان أونفر”، الاتهام الذي قيل فيه أنه عرض على رئيس الأركان الحديث مع كولن عبر الهاتف، كما اتُهِم الجنرال “محمد ديشلي”، الأخ الأكبر لنائب رئيس حزب العدالة والتنمية “شعبان ديشلي” بكونه أحد قادة الانقلاب، ومن جانبه نفى التهمة، إلا أن دور ديشلي لم يكن معروفا وواضحا كما أن شهاداته تتناقض مع بعضها، فقد ادعى رئيس هيئة الأركان أن “ديشلي” كان مع فريق الانقلاب، في حين قال ديشلي إنه قد أُرغِم على التحدث مع رئيس هيئة الأركان كما قالت قيادات الوحدات العسكرية من جميع أنحاء الدولة أنهم تلقوا “فاكساً” متضمناً أوامر من الإدارة المركزية وموقعاً من السيد الجنرال “ديشلي” للمشاركة في الانقلاب، لكن السيد ديشلي لم يقم بالرد على تلك الاتهامات.
كما اتهمت الدوائر التابعة لأردوغان القوات الجوية بالمشاركة الفعالة في تلك المحاولة الفاشلة، وتم القبض على قادة قواعد القوات الجوية على إثر ذلك، إلا بعض المراقبين قالوا إذا كان كل هؤلاء القادة قد شاركوا في هذه المحاولة وكانوا يعرفون بتحركات طائرة الرئاسة في السماء التركية، ويملكون مئات الطائرات تحت إمرتهم لكن لم تقم أي طائرة بالتحليق لاعتراض أو اسقاط الطائرة التي تُقِلُّ أردوغان.
في الوقت الذي نفت فيه أيضا القوات الجوية اليونانية ادعاءات أردوغان بقيام طائرة إف 16 يونانية باعتراض طائرته بينما قام من معه بحمايته.
وبعد المحاولة الانقلابية أُضيفت عدد من الروايات الجانبية لينتج عنها ما كتبته جريدة “نيويورك تايمز” تحت مسمى “الخرافة المترسخة في تركيا المسلمة”، والتي وصفت أردوغان بالبطل المنقذ.
وتتضمن تلك القصص الجانبية الخلاف بشأن الهجوم على طائرة أردوغان.
كما أشارت أقوال الجنود المقبوض عليهم أنّ رئيس الاستخبارات “حكان فيدان” كان في اجتماع مع رئيس هيئة الأركان “خلوصي أكار” حتى العاشرة مساءً في مقر القيادة العامة، وأوضح الرائد “أكدمير” الذي كان في اجتماع في قاعة “كاكماك” في مقر القيادة العامة مع باقي الضباط، وأنه تلقى أوامر من رئيس القسم “جميل توران” بمغادرة قاعة “كاكماك” في الساعة العاشرة مساءً ليلة الانقلاب، إلا أنه شاهد أثناء المغادرة جنود معهم أسلحة في ممرات المبنى وقيل بعد ذلك إنهم من الانقلابين وإنهم أخذو رئيس الأركان أكار رهينة، إلا أن الغريب أنه شاهد حكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية يغادر المبني هو ورجاله بسهولة ودون أن يتعرض لهم أي جندي من هؤلاء الجنود.
– أفعال الحكومة تناقض قصتهم:
قال قائد الجيش الثاني “جين أدم هودوتي”، والذي اعتقل بعد الانقلاب إنّه كان من أكثر المحاربين لأنصار كولن في الماضي، كما كان معروفاً بقيادة حملة عسكرية ضد حزب العمال الكردي في جنوب شرق تركيا، كما كان معروفاً عن القادة الذين تم اعتقالهم بعد الانقلاب أو قتلهم أثناءه، ومن بينهم “جين أدم هودوتي”، معارضتهم لرغبة أردوغان بشن عمليات عسكرية في سوريا.
ووفقا لمصادر موالية لحزب العمال الكردي، أخبر ضابط القوات الجوية “هـ.أ” القيادة العامة بمحاولة الانقلاب في الظهيرة، وبدلاً من تكريمه كبطل ومنحه ميدالية الفخر الوطنية للمساعدة في إيقاف الانقلاب، تم طرده من الخدمة بالجيش بسبب اسمه الذي يُزعم أنه ظهر على قائمة مدبري الانقلاب.
وهنا نتسأل هل تم طرده هذا الضابط بسبب انتمائه لحركة الخدمة؟ فإذا قالوا نعم فإن إخبار الضابط الاستخبارات بهذا الأمر يسحق كل التهم التي وجهة لحركة الخدمة، وإذا قالوا لا فلِما تم طرده هل لكونه قال إنّني أخبرت الاستخبارات بهذا الأمر على الملأ!؟
وفي أعقاب المحاولة مباشرة وقبل فتح أية تحقيقات، كانت هناك قوائم جاهزة بأسماء آلاف الشخصيات العسكرية وعشرات الآلاف من الشخصيات غير العسكرية تضمنت 2700 قاضٍ ومدعٍ كانوا بصدد الإحالة للمعاش أو التكليف مرة أخرى. ويتفق جميع الخبراء على أن تلك القوائم لم تُعد بناء على المشاركة في الانقلاب، ولكنها كانت مُعدّة مسبقاً وفي انتظار التنفيذ.
– تصرفات وحدات الجيش بلا جدوى
لقد ظهر ومن الوهلة الأولى أن هذه المحاولة كُتب لها الفشل بسبب الإجراءات التي قامت بها، فمثلا الإجراءات التي اتخذت من اغلاق اتجاه واحد من المرور على جسر البسفور التركي خلال ساعة الذروة، أو تفجير مبنى البرلمان، أوالإستهداف المتعمد للمدنيين لم تكن كل هذه الأشياء مألوفة في الانقلابات السابقة.
أيضا اقتحام وحدات الجيش للفندق الذي كان يقضي به أردوغان عطلته بعد وقت قليل من مغادرته، ثم ظهور الدبابات للمرة الأولى على جسر البوسفور، وأن كل ما قام به أفراد هذه المحاولة مخالفاً تماماً لكل الانقلابات السابقة، فالانقلابات السابقة كانت تضع وزراء الحكومة تحت الإقامة الجبرية كذلك السيطرة الكاملة على الإعلام اعتقال رئيس الجمهورية إلى غير ذلك من الأشياء المعروفة عن أي محاولة انقلابية.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
المغالطة المنطقية لمحاولة تبرير عملية التطهير
تستخدم الحكومة التركية أساليب الحرب النفسية في محاولة منها لكسب مزيد من التعاطف الشعبي مع ما تقوم به، حتى إن هذا المنطق قد ظهر خلال كلماتِ وخطاباتِ الموالين لحزب العدالة والتنمية وذلك على النحو التالي:
1-لقد عانينا من انقلاب خطير، تم قتل المدنيين وتفجير مبنى البرلمان. وُتظهر الأدلة والأقوال أن الضباط المنتمين إلى كولن وراء هذه المحاولة الانقلابية. وهذا الاتهام بدون أي تحقيق صحيح أو حكم قضائي واجب النفاذ. وعليه يكون أي شخص متعاطف مع كولن وحركة الخدمة متهماً حتى تثبت برائته بهذا المنطق.
إن مثل تلك المغالطة المنطقية قد تبدو مضحكة في الظروف العادية، إلا أن الحكومة التركية تتخذ بالفعل إجراءات قاسية لاضطهاد المتعاطفين مع حركة الخدمة والمعارضين بطريقة إستبدادية.
نعم، لقد عانيت تركيا من انقلاب خطير، قُتل المدنيون تم تفجير البرلمان، ومن حق الحكومة إجراء التحقيقات ومحاكمة الضباط المتهمين محاكمة عادلة؛ لكن الضباط المتهمون لم يتم استجوابهم بالطريقة الصحيحة، بل تم تهديد العديد منهم والإعتداء عليهم وتعذيبهم، مما يجعل الأمر صعباً للحصول على معلومات صحيحة منهم. فأقوالهم التي أُخذت تحت التعذيب لا يمكن أن تكون موضع ثقة ولا تُثبت أي شئ من المنظور القانوني، فالمحكمة المستقلة فقط هي التي تقرر من المسئول، وذلك بعد محاكمة عادلة وبدون تدخل الحكومة في سير هذه التحقيقات.
ووفقاً لمبادئ القانون الدولي والعملية القضائية برمتها ما كان يجب أن يحدث هو: تحقيق سليم لا تهديد فيه للضباط ولا تعذيب، يأمنون فيه من أي عمليات انتقامية ضدهم أو ضد ذويهم.ومثل هذا التحقيق يجب أن تتبعه محاكمة عادلة.
حتى وإن تم إثبات تهمة الضباط في النهاية، فلا يعني هذا تعاطفهم مع كولن أو أنه متورط في تلك المحاولة في ظل غياب الأدلة والوثائق التي تثبت هذا، كما أنه لا يمكن للمدنيين التابعين لحركة الخدمة والذين لايعرفون الضباط ولم يتواطئوا معهم، ولم تخطر ببالهم حتى فكرة التخطيط لانقلاب عسكري، أن يتعرضوا للاستهداف في ظل حكم ديموقراطي يطبق سلطان القانون.
وفيما يأتي تحليل من بعض الشخصيات لأسلوب المغالطة المنطقية الذي اتبعته الحكومة، وما الواجب اتباعه تجاه مدبري الانقلاب:
ما ينبغي أن يحدث في دولة تطبق سلطان القانون | المغالطة المنطقية التي ظهرت في الخطابات والصحف الموالية لحزب العدالة والتنمية |
1-لقد عانت تركيا من انقلاب خطير، تم قتل المدنيين وتفجير مبنى البرلمان. | 1-لقد عانت تركيا من انقلاب خطير، تم قتل المدنيين وتفجير مبنى البرلمان. |
2-استجواب ضباط الجيش المتهمين بالمشاركة في الانقلاب بطريقة سليمة، تخذ أقوالهم من غير تعذيب أو تهديد لهم ولعائلاتهم. ويحاكمون محاكمة عادلة في محكمة مستقلة بدون تدخل من الحكومة. | 2-إعترافات الضباط -والتي تظهر عليهم علامات تعذيب- تُظهر مسئولية كولن ومؤيديه.وذلك دون حكم قضائي واجب النفاذ أو حكم محكمة أو حتى تحقيق سليم. |
3-يحاكم فقط من أثبتت المحكمة المستقلة تورطهم، ولا يتم معاقبة المدنيين الذين لم يتواطئوا مع هؤلاء الضباط ولم يخططوا للانقلاب. | 3-ومن ثم فكل متعاطف مع كولن وحركة الخدمة يكون مذنباً حتى تثبت برائته، “أي أنهم متهمين لمجرد صلتهم بالحركة”. |
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
قصة أكثر منطقية!
دفعت الأسئلة الكثيرة التي لم تجد إجابة، والأفعال الغريبة التي قام بها مدبرو الانقلاب المزعمون، والتناقضات في تصريحات الحكومة بعضَ المراقبين مثل “هارولد رود”، محلل سابق من البنتاجون لشئون الشرق الأوسط، أن يدعي أن أردوغان قد نسج شباك انقلاب مخادع. وكما أنه من الخطأ أن يتهم “أردوغان” “كولن” بالتدبير لتلك المحاولة بدون دليل، فمن الخطأ أيضاً اتهام أردوغان لنفس السبب.
ومع ذلك، فهناك قصة بديلة أكثر منطقية يشير إليها الصحفي التركي المحنك “كينزيج كاندا”، والتي تستحق أن تدرج من ضمن التحقيقات.
وفي معرض كتابته لجريدة “المونيتور”، تحدث السيد “كينجيز كاندار” عن إخباره مراسلة جريدة “نيويورك تايمز” “صابرينا تافيرنيس”، قبل أسبوعين من وقوع الانقلاب بأن هناك صفقة بين السيد رجب طيب أردوغان عقدها مع الجيش التركي، والتي قد تفتح الطريق أمام محاولة انقلابية أو انقلاب فعلي في تركيا في خلال العامين القادمين.
وقد ذكر السيد “كاندار” أنه على الرغم من حقيقية القبض على آلاف الضباط في أعقاب الانقلاب مباشرة بما في ذلك عدد كبير من الجنرالات الذين ترأسوا وحدات قتالية في جيش “الناتو”، إلا أنه من الغريب غياب البيروقراطية الأمنية من المخابرات الحربية إلى هيئة المخابرات العامة، فقد علمت الإدارة العامة للأمن وإدارة القوات الخاصة أن انقلاباً بهذا الحجم يدبر. وقد قاد -هذا التصرف السريع من الحكومة بإلقاء القبض على الآلاف من ضباط الجيش- السيد “كاندار” أن يصل إلى نتيجة أن أردوغان وحكومته كان يعلمون بهذه المحاولة الانقلابية، ولديهم معلومات استخبارتية كبيرة بمهية وهوية الأشخاص داخل نظام الدولة والمتورطين في هذه المحاولة.
أسلوب أردوغان للسيطرة على السلطة
تمكن العدالة والتنمية الحاكم وتحت قيادة أردوغان من الوصول إلى السلطة عن طريق الوعد الذي اقتطعوه قبل الانتخابات بأن تركيا ستكون أكثر ديموقراطية، وأيضا السعي من أجل الإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والمزيد من الحرية والعمل على إنهاء عقود طويلة من تقسيم المواطنين طوائف من قبل الحكومة، ونهاية عصر الانقلابات العسكرية.
وبإطلاقه على نفسه لقب “أكثر من مجرد حزب إسلامي”، استطاع حزب العدالة والتنمية كسب دعم الليبراليين والغرب. وعلى الرغم من فوزه في انتخابات يونيو/أيار 2011، ابتعد أردوغان تماماً عن وعده السابق بالمسار الديموقراطي في أول مرة أتى فيها إلى السلطة، وبدأ في اتباع الطريق الاستبدادي والقمعي وزيادة الخطابات الإسلامية والمناهضة للغرب خلال فترة حكمه الثالثة.
وأشار بعض من المراقبين الغربيين إلى أن أسلوب الحكومة التركية الحالي إما أن يجعلها ليبرالية ديموقراطية أو استبدادية تنافسية تُختزل الديموقراطية فيها في مجرد انتخابات صورية وغير عادلة، ولقد بدأ أردوغان توسيع سلطته وتحكمه في تركيا تدريجياً من خلال نفس الاستراتيجية قبل 2013. ويتضح هذ من خلال أسلوبه في توجيه الاتهامات لمعارضيه وإظهار نفسه بدور الضحية بعد كل حادث من أجل زيادة سلطته وهذا ما حدث في أعقاب تظاهرات “جيزي بارك”، وفضائح الفساد، ومحاولة الانقلاب.
أوضح “أندرو فينكل”، مؤلف كتاب “تركيا التي يريد الجميع معرفتها”، من إصدار جامعة أكسفورد، 2012،: تركيا كانت في خضم محاولة انقلاب بطيئة السرعة ليست مدفوعة من قبل الجيش، ولكن من قبل أردوغان نفسه فعلى مدار الثلاثة عوام السابقة كان السيد أردوغان يتحرك للسيطرة على كل مفاصل الدولة.
وقد قال “صلاح الدين ديميرتاس” نائب رئيس حزب الشعوب الديموقراطية أثناء خطابه أمام أعضاء الحزب: “إن الرئيس أردوغان عرف عن خطة الانقلاب قبل ذلك بفترة كبيرة، ولكن بدلاً من أن يتخذ الإجراءات لإيقافها، انتظر حتى قام مدبرو الانقلاب بتحويل تلك المحاولة إلى فرصة لتوطيد حكمه، وهذه العملية قد كلفت 225 شخصاً حياتهم.
وقال أيضاً إن الناس كانوا يتحدثون عن تلك “الحقيقية” في ممرات البرلمان لكن لم يكن لديهم ما يكفي من الجرأة للتحدث عن ذلك داخل قبو البرلمان.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
تظاهرات “جيزي بارك” عام 2013، وسيطرة أردوغان على وسائل الإعلام!
استطاع أردوغان تدريجياً السيطرة على وسائل الإعلام، خلال فترة حكمه. ففي عام 2004 تم التحفظ على جريدة “ستار ديلي” المملوكة لمنافس أردوغان السياسي “كيم أوزان” من قبل وكالة الحكومة التنظيمية، وتمليكها لرجل الأعمال الموالي لأردوغان “إيثيم سانكاك”. كما تم التحفظ على جريدة “صباح ديلي”، وقناة “إيه تي في” من قبل الحكومة وبيعها لمجموعة “تورك فاز” القابضة والموالية لأردوغان والتي يديرها “بيرات البيرق”، صهر أردوغان، عام 2007.
في عام 2009، تم فرض ضرائب باهظة “قرابة 25 مليون دولار أمريكي” على مجموعة “دوغان” الإعلامية، مما وضعها في أزمة مالية ومن ثم اضطرت لبيع جريدة “ميليت ديلي” إلى أحد رجال الأعمال الموالين لأردوغان، في عام 2013 تم التحفظ على أصول مجموعة “كوكورفا” الإعلامية القابضة من قبل صندوق التأمين وودائع المدخرات، وتم بيعها لرجل الأعمال الموالي لأردوغان “عاصم ساناك”، الذي عبر عن حبه لأردوغان جهرةً، كما تم بيع أصول مجموعة “تورك ميديا” وتشمل جريدتي “أكشام، وجونيس” اليوميتين، وقناة “سكاي تورك 360” الإخبارية، ومجموعة “كوكوروفا” الإعلامية.
تمثل السيطرة على الإعلام مرحلة هامة في طريق أردوغان ليصبح رئيساً استبدادياً، وتهدف سيطرته على وسائل الإعلام التركية إلى تكميم أفواه المعارضة و والحد من الانتقادات المتزايدة. حيث قام أردوغان بتقييد حرية التعبير والإعلام في تركيا من خلال الاستحواذ على ما يزيد على 90 بالمائة منها، في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بتنظيم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وحظرها.
وبفعله هذا فهو لا يقوض فقط أسس الديموقراطية ، وإنما يعمل على الحد من قدرة الناخبين على اتخاذ قرارات حرة قائمة على معلومات.
وفي انتفاضة “جيزي”، انتهز أردوغان الفرصة لتوسيع سيطرته على الإعلام، ففي صيف 2013 احتج الناس على هدم حديقة “جيزي” لإقامة مركز تسوق مكانها، ولكن عندما تعاملت حكومة أردوغان مع الموقف بوحشية، نما شعور من الغضب بداخل المتظاهرين ضد أردوغان شخصياً.
كما خرج كثير من الناس في تظاهرات يعترضون فيها على تصرف حكومة أردوغان الوحشي مما زاد الأمرَ سوءً، وضعف موقف أردوغان الدولي.
وبعد مظاهرة “جيزي بارك” في 2013، التي واجه المتظاهرون فيها وحشية الشرطة المفرطة، فرض أردوغان سلطانه على وسائل الإعلام المستقلة وحرية التعبير بزعم تدبير تلك الأحداث من قِبل قوى خارجية منها الإعلام الدولي والسفير الأمريكي لدى تركيا.
وكانت الصحف الموالية للحكومة ومحطات التلفاز مثل “إن تي في” تساعد الحكومة في نشر أساطير المؤامرة، حيث اتهمت صحيفة “يني شفق” الموالية للحكومة، مجموعة من الخبراء الأمريكيين، ولجنة الشئون الخارجية الأمريكية والإسرائيلية، واللوبي اليهودي بالتآمر ضد تركيا.
تطور قمع أردوغان لحرية التعبير والصحافة في تركيا إلى مستوى جديد في تظاهرة “جيزي”. حيث قام حزب العدالة والتنمية بالضغط على وسائل الإعلام والصحفيين بشكل صارخ، تمثل في موجاتِ طردٍ للصحفيين أو إجبارهم على الاستقالة، حتى إنه من الصعب تحديد العدد، لكن في السادس والعشرين من يوليو/تموز عام 2013 فقد على الأقل 59 صحفياً وظائفهم خلال التظاهرات التي حدثت ضد الحكومة، كما كانت بعض المجموعات الإعلامية مثل “دوغان” تخشى الحديث في بعض الموضوعات على الملأ، فعلى سبيل المثال، عندما كانت تظاهرات الأول من يناير في أشد لحظاتها، كانت قناة “سي إن إن تورك” التابعة لمجموعة “دوغان” تعرض فيلماً وثائقياً عن حياة البطاريق. في حين تناولت وسائل الإعلام الموالية لـ”كولن” وحشية الشرطة ضد المتظاهرين وتقييد حرية التعبير، مما دفع أردوغان إلى استهدافهم كمرتكبي أعمال شغب ضد الحكومة.
وفي أعقاب تظاهرات “جيزي”، لم يستهدف أردوغان الإعلام فقط، بل استهدف التجار ورجال الأعمال والمجتمع المدني. فبينما كانت الحكومة تهاجم التظاهرات السلمية بقنابل الغاز المسيل للدموع، سمح فندق “ديفان”- المملوك لمجموعة “كوك” القابضة والذي يقع بالقرب من حديقة “جيزي”- للفارين من بطش الشرطة بالاحتماء بداخل الفندق وتلقي الرعاية الطبية به، الأمر الذي أثار غضب أردوغان ودفعه لمهاجمة المجموعة التجارية واتهام مالكي الفندق بالتستر على إرهابيين ومجرمين، وكان حجة أردوغان أن مجموعة “كوك” الإقتصادية دعمت تدخل الجيش في 28 فبراير 1997.
وبنفس الأسلوب، عمل أردوغان على تصدير هذه الاضطربات بخلق معارك وهمية مع المعارضة حيث لعب على وتر الطائفية التركية لكي يظهر كحَامٍ مثالي للمحافظين السنة من الذين يتربصون بهم من خارج تركيا، كما اتهم العلويين بالعمل لصالح سوريا وإيران بدلاً من أن يوجه هذا الاتهام إلى اليهود أو اللوبي اليهودي. كما اتهم اليساريين العلمانيين الذين يهاجمون حجاب المرأة بأنهم خلف هذه الاحتجاجات.
على كل حال لقد سعى أردوغان إلى إقناع الرأي العام بما يقوله وذلك عبر وسائل الإعلام ونظريات المؤامرة وتخويف المجتمع المدني التركي عن طريق الاستقطاب الذي حدث فيه.
التحقيق في قضايا فساد 2013 وسيطرة أردوغان على القضاء
لقد فرض أردوغان سيطرته على السلطة القضائية منذ ديسمير/كانون الأول عام 2013 للتحكم في تحقيقات الفساد وإخراجها عن مجراها، ولإخماد موجة الانتقادات التي وجهت ضد الحكومة في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
بعد فضيحة الفساد والرشوة في ديسمبر 2013 التي تضمنت بعض الوزراء وبعض أبناء الوزراء وأقاربهم وبيروقراطيين، وبدلاً من أن تفتح الدولة تحقيقا عادلاً لإرجاع الحق لأهله، نجد أن حزب العدالة والتنمية وصف هذا الأمر بأنه مؤامرة ضد الحكومة، وبدأت الدولة بالفعل السيطرة على القضاء، وبدأت البروباجندا الأردوغانية بوصف حركة “كولن” بالكيان الموازي بعدما اتهمها بالتآمر ضد الدولة وأنها مَن تقف خلف هذه الحادثة كما توعدوا بالقضاء عليهم.
لقد بدأت الحكومة حملة تطهير وتلفيق تهم الإرهاب ضد الضباط الموالين لكولن في يوليو وأغسطس في مسعى منها للتستر على قضايا الفساد والرشوة، وقام حزب العدالة والتنمية الحكومي بتغيير سلطات المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموميين حتى يتسنى لهم أن يتحكموا في المجلس الأعلى للقضاء، وأصبحت تركيا متجهة وبشكل تدريجي نحو الاستبدادية.
يرى “إيرجون أوزبودون” أستاذ العلوم السياسية والقانونية والدستورية بجامعة إسطنبول، أن سيطرة حزب العدالة والتنمية التركي على القضاء سيؤدي في المستقبل إلى استخدام خاطئ للقانون.
وقال “نيلس مويزنيكس”، مفوض المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان إنّ السيطرة المتزايدة للحكومة على النظام القضائي سوف يزيد من نفوذ الرئيس، مما يثير مزيد من القلق حول تدخل سياسي غير مشروع في سلطات القضاء.
فبعد أن نال أردوغان تصفيقاً حاراً من أعضاء الهيئة القضائية خلال افتتاح العام القضائي الجديد، أخبر الرئيس أردوغان الصحفيين في يوم الجمعة 2 سبتمبر أثناء توجهه إلى حضور قمة العشرين أنَّ رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التشريعية ورئيس الهيئة القضائية والتنفيذية في تركيا.
1- وفي الجلسة العامة لوزير العدل في مجلس الشعب تم نقل اثنين من المعارضين للحكومة التركية من بعض غرف المجلس إلى غرف أخرى، وتم تعيين اثنين آخرين مكانهم حتى يتسنى للحكومة تغيير بعض القوانين واللوائح، وأعقب ذلك حملة إقالات ضخمة وتخفيض بعض الدرجات الوظيفية لبعض الشخصيات المهمة، وكذلك إقالة بعض القضاة الذين كانوا يحققون في قضايا الفساد وتعيين قضاة جدد مكانهم.
وفي فبراير تم إصدار قانون جديد لإعادة هيكلة السلطة القضائية حتى تكون موالية للسلطة التنفيذية.
وفي يوليو تم أنشأت الحكومة التركية محاكم تحت مسمى محاكم الصلح والجزاء المتعلقة بالقضايا الجنائية وقضايا الفساد، وبالطبع كانت هذه المحاكم تحت سيطرة الحكومة التركية، وبحلول شهر أكتوبر 2014 أصبح القضاء التركي كله تحت سيطرة الحكومة التركية.
2- ومنذ أن حدثت هذه التغييرات في السلك القضائي أضحت نتائج بعض القضايا المتعلقة بالفساد واضحة ومعروفة مسبقا. حيث قال أرجون أوز بودون أستاذ العلوم السياسية والقانون بجامعة شهير: إن سعي حكومة العدالة والتنمية للسيطرة على القضاء، سيودي في النهاية إلى تفصل القوانين على أهوائهم.
وأعرب نلس موجينكس أن التدخل المتزايد من الحكومة التركية في شؤون الهيئة القضائية سوف يثير تساؤلات كثيرة حول تسيس هذه الهيئة.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
انقلاب 15 يوليو وسيطرة أردوغان على الجيش!
تماماً مثلما سبق فقد وجه أردوغان تهمة تدبير محاولة الانقلاب هذه لأتباع “كولن” في صفوف الجيش، مستخدما إياها كفرصة لإعادة هيكلة الجيش التركي بحجة عزل أتباع كولن من الجيش، وبدأ أردوغان عملية تطهير شاملة في تركيا للاستحواذ على مزيد من السلطة والقوة.
لقد أعطى انقلاب الخامس عشر من يوليو أردوغان فرصة ذهبية لتحقيق هذا، حيث قال ليلة الانقلاب: “إنّ تلك الانتفاضة لطف من الله لنا لأنها ستكون سبباً في تطهير جيشنا”، ثم بدأ مباشرة في طرد آلاف الضباط وقبل ظهور أية تفاصيل أو معلومات بشأن المحاولة الانقلابية، وقبل أن يأخذ القانون والتحقيق مجراهما، كانت قوائم المفصولين جاهزة ومعدة مسبقاً.
لقد كان في انتظار الفرصة، ولم تدع خطواته التالية مجالاً للشك حول نواياه، فقد قام بإلغاء المدارس الثانوية العسكرية، وإقامة جامعة عسكرية مكانها.
وتاريخياً، تخرج أغلبية الضباط من تلك المدارس العسكرية التي رسخت مناهجها أيدولجية وأفكار أتاتورك في طلابها. وبهدم تلك المدارس يأخذ أردوغان خطوة تجاه القضاء على أفكار الكماليين وتمكين الأوفياء له من التدرج في مناصب الجيش.
وتصرفه الثاني أنه سمح للضباط الذين ليس لهم الحق في الترقية بالترقية حتى وصل بعضهم لمرتبة الجنرالات وهذه ليست مشكلة، أما المشكلة الحقيقة أن الذي كان يحدد هذه الآلية وكيفية الاختيار هو الجيش، وكان الجيش يستبعد الضباط الذي لم يستوفوا حق الترقية بعد، أو عندهم أفكار مناهضة لأفكار الجيش، أما أن يتدخل أردوغان في ترقية من يريد ومن يشاء من الموالين له في الجيش فهنا تكمن المشكلة.
كما تم استبعاد قائد البوليس الحربي من قوات الجيش البحرية والجوية، وأصبحت تحت تحكم وزير الداخلية، كما تم ضم قادة القوات تحت قيادة وزارة الدفاع.، لقد انتهى عصر إدراج الجنود في البوليس الحربي وسيتكون الفريق من ضباط مختارين ، مما يمنح وزير داخلية أردوغان تأثيراً مباشراً في عملية توظيفهم.
لكن الأهم هو أن مئات القادة الذين يخدمون في مناصب مرموقة قد استبعدوا؛ ليحل محلهم أسماء مختارة من قِبل أردوغان، ومن بين تلك الأسماء المستبعدة قادة عارضوا رغبة قرار الرئيس أردوغان بالتدخل العسكري في سوريا.
وتدخل أردوغان في سوريا كان من الممكن أن يكون مفيداً في الحرب على داعش، إلا أن أردوغان لم تكن نيته واضحة هل هدفه هو التدخل للقضاء على داعش أم أنه يسعى لاستخدام الجيش لإظهار نفسه أمام المسلمين خاصة والعالم أجمع كبطل قومي وإسلامي ؟ إلا أن هذه المحاولة غير المدروسة العواقب من الممكن أن تكون سبباً في وضع تركيا في مغامرة ذات عواقب كارثية في سوريا.
لقد كان الجيش مؤمناً بفكرة العلمانية وكان صاحب أفكار أتاتوركية ديموقراطية، لذلك رأى أردوغان أن هذا يمثل تهديداً عليه، وخطراً على طموحاته الاستبدادية. فعمد لتطهير الجيش منذ 2007 فقام بطرد 400 ضابط في الفترة ما بين 2007 و2010 ، وقام بإقالة رئيس هيئة الأركان وقادة القوات البحرية، البرية، والجوية.
ولقد مكنت محاولة الانقلاب أردوغان من استكمال مهمته ووضع الجيش تحت سيطرته، وبرر عملية التطهير التي قام بها بزعم وجود أنصار كولن في صفوف الجيش.
لقد قامت قوات الأمن باحتجاز 10,000 شخص، من بينهم 143 جنرالاً وقائداً بحرياً أي ثلث قوة الضباط في الجيش وذلك في خلال الأسبوع الأول فقط.
على الجانب الآخر قام أردوغان بترقية أتباعه الأوفياء لمناصب عليا في الجيش والحكومة، وقام بتمكين ومركزة سلطته وإبعاد أي شخص معارض له في كل أنحاء تركيا، تحت غطاء عملية التطهير التي يقوم بها في أعقاب محاولة الانقلاب.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل
طريقة أردوغان للسيطرة على السلطة في تركيا
الحادثة |
المتهم | الخطة |
الاستيلاء على السلطة |
جيزي بارك يونيو 2013 | جهات خارجية والسفير الأمريكي والعلويين والعلمانيين المتشددين | خلق صراع وهمي بين الإسلاميين والعلمانيين يوهم فيه الإسلاميين بأن العلمانيين يفعلون هذا من أجل القضاء على الإسلام في تركيا مستخدمة وسائل الإعلام في هذا الأمر. | تكميم وسائل الإعلام المعارضة، وإرهاب القادة العلمانيين ورجال الأعمال التابعين لهم |
تحقيقات قضايا الفساد ديسمبر 2013 | فتح الله كولن وأتباعه ومتأمرين من جهات خارجية | انقلاب قام به القضاء التركي ضد الحكومة التركية، ليتم بها نقل القضاء ووكلاء النيابة من وظائفهم وسن قوانين جديدة تسهل عملية الضبط والإحضار. | أصبحت الهيئة القضائية تحت السيطرة السياسية وأضحت قرارات الضبط والاعتقال وسيلة للتخويف |
محاولة الانقلاب الفاشلة يوليو2016 | أتباع فتح الله كولن والمخابرات الأمريكية والولايات المتحدة الأمريكية أيضا | سجن الآلاف من ضباط الجيش منهم ضباط لم يشاركوا في الانقلاب أصلا وإقالة 3000 قاض ووكيل نيابة | سيطرة أردوغان على الجيش ووسائل الإعلام المعارضة وإرهاب الخصم السياسي. |
الخاتمة
فشلت محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو عام 2016 بفضل تكاتف الناس ودور وسائل التواصل الاجتماعي الفعال، وإيمان الناس بالديموقراطية، وحماقة مدبري الانقلاب.
فقد العديد من الأبرياء أرواحهم وتعرضت الديموقراطية للتراجع مرة أخرى في تركيا، وكما أنّ للحكومة التركية الحق في ملاحقة ضباط الجيش المشتبه تورطهم في المحاول الانقلابية الفاشلة، إلا أنه يجب أن تسود روح العدل والقانون عند خضوعهم للتحقيق وأن يحاكموا في محاكمات عادلة، وإذا ثبت تورطهم أو مشاركتهم في هذه المحاولة الفاشلة عندئذٍ يستحقون عقوبة جراء هذه الجريمة.
إلا أن الذي يحدث في تركيا الآن هو عملية إبادة جماعية -إن صح التعبير تقوم بها الحكومة التركية، حيث استهدفت عشرات الآلاف من المدنيين وجعلتهم يعانون ظروفاً غير إنسانية البتة.
ولكي تقوم الحكومة بهذه الحملة شنت أكبر حملة تحريف وتزييف للمعلومات، ونجحت الحكومة في تقديم حركة الخدمة “كبش فداء” وذلك عبر توجيه أصابع الاتهام إلى أنصار كولن والكماليين والقوميين الجدد، والتركيز على حركة الخدمة من خلال التشويه التي تتعرض له، وبذلك تكون الحكومة بهذه الطريقة قد أزاحت كل الأصوات المعارضة لحكمها المستبد.
ففي تركيا اليوم لا يكفي فقط أن تقف في وجه الانقلاب بجانب الديموقراطية، فكل من يرفض توجيه الاتهام لحركة الخدمة يتهم بالتعاطف مع منفذي الانقلاب ويستهدف، مثلما حدث مع المطربة “سيله” عندما رفضت الغناء في حشد نظمه حزب العدالة والتنمية وعلى الرغم من إدانتها الانقلاب، إلا أنها تعرضت لحملات التشويه والقذف وتم فسخ التعاقدات معها.
كما تعاني عشرات الآلاف من الأُسر من الذين لا صلة لهم بالانقلاب من اضطهاد نظام أردوغان لهم، مثل الاحتجاز غير الآدمي والتعذيب والإساءة اللفظية والجسدية، والمضايقة والإهانة وإنكار حق الإقامة والسكن القانوني، وحقوق السفر والتعبير عن الرأي إلى غير ذلك.
فالرئيس أردوغان يستخدم كبش الفداء الذي قدمه بنجاح باهر وذلك لتقوية سلطته عن طريق بث روح الخوف بين معارضيه وتكميم أفواه من ينتقده، حتى إن الأحزاب المعارضة تخشى الحديثَ عن انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا.
وقد أصابت ردة الفعل الدولية حول الانقلاب الرئيسَ أردوغان وحاشيتَه بخيبة أمل، فبينما يُظهر قادة ُالدولِ ومنظماتُ حقوقِ الإنسانِ تضامنَهم مع الحكومةِ التركيةِ في جهودِها لملاحقة مدبري الانقلاب ومحاكمتِهم، إلا أنهم وجهوا سهام النقد لها بسبب استهداف المدنيين وعملية التطهير التي تقوم بها الحكومة التركية ضد فصيل بعينه في مؤسسات الدولة.
ففي الوقت الذي تعتبر تلك الانتقادات ذات قيمة هامة من أجل حماية حقوق الإنسان والحريات في تركيا، إلا أنها ليست كافية لإيقاف حكومة أردوغان عن استهداف المجتمع المدني.
إن إنهاء حالة الطوارئ وإعادة سيادة سلطة القانون، هما الأمل الوحيد لضحايا التطهير الجماعي الذي قامت به الدولة، وإن دعوة المراقبين الدوليين ومن تبقى منهم بداخل البلاد لفترة أطول لمراقبة الوضع في تركيا، ربما قد يساهم في التخفيف من ظروف الاعتقال الغير الإنساني وأشكال التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون.
لا يوجد قوة دافعة محلية من أهل البلدة يحول بين الرئيس أردوغان وطموحاته في تأسيس استبدادية منتخبة، وفي حالة ما التزم قادة الدول والمنظمات الدولية الصمت. سوف يسعى الرئيس أردوغان إلى استئصال حركة المجتمع المدني السلمية تماماً، كما سيسعى أردوغان لتأسيس دولة قمعية ويعمل على تمكين سلطته الاستبدادية مما يجعل الأمر شبه مستحيل أمام معارضته في إطار ديموقراطي سليم.
المراجع
الاعتقال الجماعي الذي قامت به الحكومة التركية في أرقام:
1- اعتقال 120 صحفياً
2- إغلاق 18 وسيلة إعلامية
3- فصل 3465 قاضيا ومدعياً عاماً
4- اعتقال 27239 شخصا
الإجمالي: 104914 ما بين 15 يوليو 2016 إلى 1 أكتوبر 2016
هذه الأرقام تحتوي على موظفين في الدولة ومعلمين وأفراد من الجيش والشرطة وصحفيين ورجال أعمال وقضاة ووكلاء نيابة وطلاب وربات منازل وأقاربهم إلى غير ذلك.
يمكنكم تحميل ملف PDF انقلاب فاشل