بقلم: علي أونال
كان الكاتب الصحفي التركي المخضرم “فهمي كورو” يفسّر كثرة الحديث عن حركة الخدمة وتضخيم قوتها عمداً وبشكل مبالغ فيه بـأن “البعض وضعوا مخططات من أجل إجراء تصفية حسابات ومواجهة خطيرة عبر حركة الخدمة”، في مقال كتبه في 4 مايو / أيار عام 2009. إذن تحالفُ الرئيس رجب طيب أردوغان اليوم مع البؤر العميقة التي كانت تضع مخططات مماثلة للإطاحة بحكومته أيضاً، وإعلانُه بالتعاون معها الحرب على حركة الخدمة، ألا يكون بمثابة خيانة للدعم الصادق الذي قدمته له، وذلك على الرغم من أنها (الخدمة) من أعدّت “الأرضية” التي وضع أردوغان قدميه عليها وقفز منها إلى درجات العلا في البلاد.
حسناً، هل يمكن أن يكسب أردوغان هذه الحرب ويقضي على الخدمة؟
- أردوغان يدير هذه الحرب وكأنه قد نسي الله؛ مدبر كل شيء، لكن العاقبة للتقوى دائماً.
- أردوغان شخص فانٍ زائلٌ، بينما الخدمة تيار اجتماعي ديني فكري علمي معنوي.. وهذا النوع من التيارات لم يُمكنِ القضاءُ عليها حتى اليوم ولا يمكن بعد اليوم أيضاً.
- كانت الأحزاب الحاكمة في الربع الأول من عمر الجمهورية التركية، وكذلك الانقلابات العسكرية بعدها، قد خاضت غمار الكفاح مع حركات رسائل النور وتيارات فكرية أخرى مشابهة لها، فما هي النتيجة يا ترى؟!
- يتحدث أحد المواطنين قائلاً” “والدتي كانت تكيل كل المدح والثناء على أردوغان وتنزهه عن كل خطأ! ثم عندما ذهبتُ لسحب معاش الشيخوخة لها من البنك وقدمتُه لها ناقصاً 100 ليرة. وعندما استفسرتْ عن سبب هذا النقص قلتُ إن أردوغان اقتطع هذا الشهر 100 ليرة من رواتب كل المتقاعدين من أجل الدعاية في الانتخابات. عندها راحت والدتي تستخدم كل ما تعرفه من ألفاظ الدعاء على أردوغان!”
نخلص من ذلك إلى أن أردوغان يستند إلى أرضية واهية يمكن للموجودين فيها أن يبيعوا دينهم وآخرتهم وبلدهم في سبيل الحصول على 100 ليرة؛ بينما تقوم الخدمة على مبدأ “العطاء والسخاء والإنفاق” وتجنّب انتظار أي شيء، وعلى أبطالٍ مستعدين لـ”منح كل ثروتهم من أجل بسمةٍ واحدة للأستاذ كولن” من أمثال رجل الأعمال “أكين إيباك” الذي صادر أردوغان جميع شركاته.
- وليام روسل وإدوارد جيبون ونظراؤهما من العلماء والمفكرين الغربيين الآخرين يُرجعون سبب تغلّب النصارى على روما الوثنية إلى فضائل الأخلاق والتضحية والصبر والعفة التي كانوا يتحلّون بها؛ كما يعزون سبب هزيممتهم فيما بعد أمام المسلمين إلى فقدانهم هذه الفضائل وتحلّي المسلمين بها. وأبناء حركة الخدمة مجهزون بهذه الفضائل، ولله الحمد.
- يستند أردوغان إلى 100 وقف “إسلامي” تعجز – باعترافه هو – عن إعداد 5 عناصر مؤهلين لتسلّم وظيفة معينة في مؤسسات الدولة؛ وإلى الذين يتغذّون على مال القطاع العام والعطاءات والمناقصات الحكومية، والذين يرون الدولة باباً للرزق؛ وإلى قاعدةٍ شعبية حملت حزب الرفاه الإسلامي إلى سدة الحكم عام 1995 بعد الحصول على 22% من الأصوات، لكن بعد 7 سنوات انخفضت نسبة دعمها لحزبها إلى 2% فقط. أما حركة الخدمة فتقوم على أرضية تستطيع إخراج 100 إنسان مؤهلين من كل النواحي مستعدين لتسلم أية وظيفة وتعتبر كل المناصب والمواقع فرصة ووسيلة لمزاولة خدمته والاضطلاع برسالته السامية.
لندَعْ أردوغان يواصل حربه على حركة الخدمة مع حلفائه الجدد… فهو سيمدّ يده إلى الخدمة للاستعانة والاستنجاد، بالضبط في النقطة التي سيزعم فيها أنه “قضى عليها”، وعندما سيغرق في مستنقع المخططات المشؤومة لحلفائه في هذه الحرب، لكن اليد الحكيمة والعادلة للقدر سترفض هذه اليد..