إزمير (الزمان التركية)اعتقلت قوات الأمن التركية في ديسمبر الماضي الشرطي البطل بلال كوناكجي المتخصص في التعامل مع المتفجرات، سبق وأن افتدى زملائه في العام 2009، لإنقاذهم وهو ما أدى إلى إصابته بإعاقة وصلت نسبتها 98 %، وذلك عقب صدور أول قانون بعد محاولة الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا في 15 يوليو، ضمن تحقيقات الانتماء لحركة الخدمة، التي يزعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تورطها في الانقلاب.
استدعي بلال كوناكجي – الذي تمكن من إبطال مفعول 18 عبوة متفجرة خلال عام 2009- بصورة طارئة إلى أحد المدارس الواقعة في شمال مدينة إزمير التركية، 5 فبراير 2009، للتعامل مع جسم غريب، اشتبه فيه أحد المواطنين خوفًا من أن يكون قنبلة.
وقرر كوناكجي التعامل مع الجسم المشتبه به بعيدًا عن المواطنين، وأخذ الجسم إلى مديرية الأمن، إلا أنه سمع صوتًا لتفعيل القنبلة الموجودة داخل الجسم، في طريقه إلى المكان المخصص للتعامل مع المتفجرات في المديرية، ولم يفكر في نفسه وإنما فكر فقط في زملائه في مبنى المديرية والمترددين عليه من المواطنين، فقرر حمل القنبلة والخروج بها مسرعًا وألقاها أسفل السلم.
وتعرض كوناكجي لإصابات بالغة عندما انفجرت القنبلة، فقد فيها بعض أعضائه، نقل على إثرها إلى المستشفى الجامعي التابعة لجامعة إيجه، وتمكن الأطباء من إنقاذ الشرطي إلا أنه أصبح معاقا بنسبة 98% .
وقالت زوجته في الخطاب الذي أرسلته إلى جريدة “يني تشاغ” التركية “جاءت قوات الشرطة إلى بيتنا يوم الثلاثاء 20 ديسمبر الماضي، عند الساعة 07:30 صباحًا، ضمن العمليات الأمنية للتحقيقات بشأن الانتماء لحركة الخدمة، نظروا إلى الصور الموجودة في يدهم ثم إلى زوجي للتأكد من أنه هو، ولأن الصور التي معهم له قبل حادث الانفجار الذي أصيب فيه، حاول مأمور الشرطة التواصل مع النائب العام لشكه في أن يكون زوجي هو من كانوا يطلبونه للاعتقال نظرا لحالته المعاقة، إلا أنه لم يتمكن من التواصل معه واضطر لإجراء عمليات التفتيش واصطحاب زوجي إلى المخفر، وقالوا لي أنه سيعود مساءً أو يوم الجمعة على الأكثر، ولكنهم اعتقلوه 21 يومًا، حتى استمعوا إلى أقواله يوم 10 يناير الجاري، ولكن المحامي الذي خصصته لنا النقابة لم يحضر وجاء محامٍ آخر لم يستطع المرافعة والدفاع عن زوجي لعدم درايته بالتفاصيل. ترتب عليه بعد ذلك اعتقال زوجي 12 يومًا حتى الآن في ظروف قاسية، بالرغم من إعاقته بنسبة 98%.
نتعرض لأذىً نفسي كبير بسبب ما حدث، ابنتي الكبرى يتجنب الجميع التعامل معها لأن الناس ينظرون إليه وكأنه ابن رجل انقلابي، والصغرى، البالغة من العمر 3 سنوات، تستيقظ ليلًا باحثًا عن والدها وتنتظره دائمًا في النافذة، وأنا أيضًا لا أستطيع النوم أو تناول الطعام أو حتى الاهتمام ورعاية أبنائي.
كان زوجي سندي الوحيد والأكبر في هذه الدنيا، بالرغم من عجزه لجلب قوت يومنا منذ يوم إصابته، فقد عانينا كثيرًا من أجل تحسين الحالة النفسية لزوجي بعد إصابته، وكذلك الحالة النفسية لابنتنا، وكنا قد تأقلمنا على هذا الوضع، وإذ بهذه الواقعة تحدث وتقلب عالمنا رأسًا على عقب،
من خلال جريدتكم، أريد توجيه رسالة لمن له اليد في كل ما نمر به، كيف يأكل زوجي في محبسه، بعد أن أصيب بالعمى، ولا يحرك ذراعيه، فضلًا عن صعوبة تحركه على قدميه؟ كيف يقضي حاجته هناك؟ كيف يرعى نفسه؟ كيف يغسل ملابسه؟.
لا علاقة لنا بحركة الخدمة أو تنظيم الدولة الموازية، من قريب أو من بعيد، كيف يمكن لزوجي أن يرتكب الجرائم الموجهة إليه، وهو مصابٌ بعجزٍ بنسبة 98%، ونريد منكم أن تكونوا صوتنا”.
أذكركم أن تقرير المستشفى الجامعي التابعة لجامعة “إيجه” في مدينة إزمير، التي نقل إليها عقب الحادث، قيل فيه: “نسبة العجز بالجسد: 98%”.
ومن جانبها أوضحت، زينب كوناكجي، زوجة الشرطي المعتقل، أنها أرسلت خطابات لنواب بالبرلمان ولكنهم لم يوصلوا صوتها إلى أحد، قائلة: “لا نعرف ماذا يحدث، وهم أيضًا لا يقولون شيئًا واضحًا عن حالته. ولكنهم يوجهون التهم له. لا نعرف ماذا نفعل”.
وقالت كوناكجي في نهاية خطابها:
“إلى من يهمه الأمر من المسؤولين…! اعملوا ضمائركم، انظروا إلى هذه الأم الثكلانة باهتمام، بالله عليكم استمعوا لها…”.