إسطنبول (الزمان التركية): أجاب الأستاذ فتح الله كولن على القول إن هناك من يقول إن «الخدمة» خرقت الطاعة لولي الأمر في حوار أجراه أكرم دومانلي رئيس تحرحر جريدة زمان سابقا بتاريخ 21/03/2014
س: هناك من يقول إن «الخدمة» خرقت الطاعة لولي الأمر، فما تعليقكم؟
ج: الطاعة لأولي الأمر، لا تعني السكوت حيال أخطاء الإداريين والتخلي عن الحق والحقيقة. ثم إن مهمة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» لا تمارَس على المواطن العادي الذي يمشي في الشارع فقط، بل تشمل الجميع. إن مجال سياسة الشأن العام مجال اجتهادي، وليس من أصول الدين الثابتة التي لا تقبل الاجتهاد، وإن الاختلاف في مجال اجتهادي أمر طبيعي للغاية. وليس بالضرورة لجماعات خدمية أو لأبناء جماعة واحدة أن يفكروا بنفس النمط من التفكير في موضوع واحد، ويتحركوا بنفس النمط من التحرك في قضية واحدة. أما إذا كنتم تعيشون في نظام ديمقراطي، فلكم الحق في أن تعبروا عن وجهة نظركم بكل حرية، وإلا فإنه نظام لا يتوفر فيه الحد الأدنى من شروط الديمقراطية. وإن ممارسة ضغوطات سلطوية استنادًا إلى مفاهيم دينية، قد يؤدي إلى نتائج سياسية وقانونية لا تُحمَد عقباها. في واقع تركيا، هناك نمط سياسي يزداد سلطوية يومًا بعد يوم، أضف إلى أنه يمارس ضغوطات على الناس ويغلّف هذه الممارسات بأغلفة «دينية».
للأسف الشديد كانت القضية في منتهى البساطة، حيث طُرحت للنقاش بعضُ التصرفات السلبية التي بدت في جانب السلطة التنفيذية، وكان بالإمكان مناقشتها وتلافيها، ولكن ضُخّمت المسائل، وفُسّرت خطأ، وحُمّلت من المعاني ما لا تحتمل، وتم إعلان حرب عقدية ضد أناس معينين وأعلن نفير عام ضدهم، حتى إنهم أوصلوا الموضوع إلى حملة إبادة جماعية وحملة تكفيرٍ منظَّمة ضدهم.
هؤلاء الذين يهتفون في وجوهنا “لا تثيروا فتنة”، أليس من واجبهم أن يُسدُوا النصيحة نفسها إلى القائمين على أمر الحكومة والذين اعتادوا إمطار الأبرياء بالشتم والإهانة في الساحات العامة؟ إن أناسًا لا يجرؤون على إسداء أدنى نصيحة، بل لا يجرؤون حتى على أن يومئوا إيماءة نصح لرجال الحكومة، ناهيك عن توجيه انتقاد، لا تعني أقوالهم سوى ضربات مدمرة لأناس محترمين أصبح -للأسف- تحقيرهم وإهانتهم أرخص بضاعة وأسهل عمل.