تقرير: يافوز أجار
أنقرة (الزمان التركية) – قال مدير أمن إسطنبول مصطفى تشاليشكان إنهم كلّفوا ألف شرطي بشنّ حملة ضد تنظيم داعش الإرهابي، و5 آلاف آخرين بشنّ حملة للحفاظ على الهدوء والاستقرار بمدينة إسطنبول عشية المحاولة الانقلابية.
جاء ذلك خلال إجابته على أسئلة لجنة التحقيق البرلمانية في محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو/ تموز الماضي، حيث زعم تشاليشكان أن توظيف هذا الكمّ الهائل من أفراد الشرطة في تلك الليلة بالذات كان بمحض صدفة.
لكنّ الغريب هو أن الصدفة ذاتها قد شهدتها العاصمة أنقرة أيضًا وفي الليلة ذاتها! إذ تبين أن مديرية أمن أنقرة هي الأخرى أسندت إلى ألفي شرطي مهمة تنفيذ حملة للحفاط على الهدوء والاستقرار بالمدينة.
وأفاد تشاليشكان أنهم كانوا في اجتماعٍ من أجل شنّ حملة أمنية ضد داعش خلال الدقائق الأولى للمحاولة الانقلابية، مشيرًا إلى أن عناصر الشرطة الذين تم تكليفهم بالحملة ضد التنظيم الإرهابي بلغ ألف شرطي، بينما تم تكليف 5 آلاف آخرين بشن حملة للحفاظ على الهدوء والاستقرار بالمدينة. وإذا تمت إضافة عناصر الشرطة الذين كانوا في مهامهم الروتينية فإن هذا الرقم سيتجاوز عشرة آلاف.
وعند الأخذ بعين الاعتبار أن عدد الضباط والجنود الذين انتشروا بالشوارع ليلة الانقلاب لم يتجاوز بضعة آلاف، يتبين أن عدد قوات الشرطة كان يبلغ 3 إلى 5 أضعاف عدد الانقلابيين، ما يدعو للتساؤل حول سبب عدم تصدي قوات الشرطة الجاهزة للعناصر الانقلابية، رغم أن عددهم هو أضعاف عدد الانقلابيين، وتوجُّه الرئيس رجب طيب أردوغان إلى دعوة المواطنين المدنيين للخروج من منازلهم إلى الشوارع من أجل التصدي لمحاولة الانقلاب، الأمر الذي تسبّب في مقتل عشرات الناس.
ومن الملاحظ أن تشاليشكان شعر بالحاجة إلى الإدلاء بتصريح حول مصير تلك العملية المخطّط لتنفيذها ضد تنظيم داعش في ليلة الانقلاب فقال: “نفذنا تلك العملية بعد أسبوعٍ أو عشرة أيام من المحاولة الانقلابية. ولم نشهد أي عقبات أو مشاكل، بينما تم خلالها مصادرة أشياء مهمة!”.
شغل السلطات الآلاف من شرطة أنقرة وإسطنبول بعمليات ضد داعش في ليلة الانقلاب صدفة، مع أنها لا تنفذ أية عملية جادة ضده حتى في الظروف الضرورية، ودعوة المواطنين المدنيين إلى التصدي للمحاولة الغادرة يترك علامة استفهام كبيرة جديدة في الأذهان، إضافة إلى الشبهات السابقة التي تحوم حول تدبير انقلاب مصمّم على الفشل بهدف الحصول على الذريعة اللازمة لتنفيذ الانقلاب المضاد الذي انطلق صباح اليوم التالي للانقلاب الفاشل ولا يزال مستمرًا إلى اليوم.
يذكر أن الكاتب الأمريكي مايكل روبن الذي سبق أن عمل مستشارًا في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) انضمّ مؤخرًا إلى القائلين بأن مليشيات سادات (SADAT) أو الجيش السري التابع لقصر الرئيس أردوغان هم من قتلوا معظم المواطنين المدنيين الذين نزلوا إلى الشوارع من أجل التصدي لمحاولة الانقلاب سعيًا لتضخيم مأسوية الانقلاب الفاشل.
والتصريحات التي أدلى بها العقيد المتقاعد أ. د. نوزاد تارهان الذي يرد اسمه باعتباره مستشاراً مسؤولاً عن “الحرب النفسية” ضمن كوادر جيش سادات السري على قناة “خبر ترك” بعد عدة أيام من محاولة الانقلاب تدعم الادعاء المذكور. إذ قال: “كان هناك كيان تحت اسم مجلس الشورى العسكري داخل الجيش في أثناء الانقلاب الأبيض عام 1987، وقد قام هذا الكيان بتصفية المئات بل الآلاف من العسكر. ونحن بدورنا أسسنا جميعة “المدافعين عن العدالة” مع هؤلاء العسكر المعرضين للتصفية. وأعضاء هذه الجمعية من الجنود والضباط الذين يتجاوز عددهم ألفًا خرجوا إلى الشوارع ليلة الانقلاب. أتتساءلون ماذا فعلوا؟ إنهم محترفون في الدبابات والأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى ويعرفون كيف يخربون هذه الدبابات ويعطلونها. فهم من صعدوا على دبابات الانقلابيين وأوقفوها. وكان بينهم عديد من المصابين. فهم قاموا في تلك الليلة بما يجب عليهم استنادًا إلى الخبرة التي اكتسبوها عندما كانوا يزاولون مهمتهم العسكرية قبل تصفيتهم”.
أليست هذه التصريحات تكشف عن “اليد الدموية” التي تقف وراء محاولة الانقلاب الخائنة المصمّمة على الفشل في تركيا؟!
الواقع أن التصريحات التي أدلى بها القائد العام لقوات الدرك الجنرال المتقاعد غالب مندي، والتي قال فيها “إن محاولة الانقلاب في ليلة منتصف شهر تموز / يوليو المنصرم تم تنفيذها ضمن خطة مشروع الشرق الأوسط الكبير” تجسِّد تلك اليد بصورة صارخة، حيث إن عدسات الكاميرات قد رصدت أردوغان أكثر من مرة وهو يعلن أنه “الرئيس المشارك في مشروع الشرق الأوسط الكبير”!