أنقرة (الزمان التركية): كتب عمر لاتشينار أحد أهم المفكرين في تركيا، أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يستعد لـ”حرب أهلية شاملة”، بعدما عجز عن “تحقيق الظروف اللازمة لإشعال حرب في الخارج”؛ نظرًا لأن دول العالم لم تعد تكترث لتنمرات وعنتريات الرئيس رجب طيب أردوغان.
وفيما يلي أبرز النطاق التي تطرق إليها عمر لاتشينار في مقاله المنشور في مجلة بيريكيم (Birikim):
قيادة العدالة والتنمية اتخذت خطوتها الأخيرة لإعلان حرب شاملة ضد كل فئات الشعب، باستثناء الفئة المنسجمة معها والتي تعتبرها “أساس الشعب” وتزعم أنها تشكل غالبية البلاد. فاستمرار قيادة العدالة والتنمية في التزام موقفها الحاد الذي تفاقمت عنفه يومًا بيوم منذ عام 2013، بدلا من أن تخفف وطأته رغم النصائح والتحذيرات الموجهة لها بحيث تحول إلى تحدٍّ شامل، والحملات الشعواء التي نفذتها خلال الشهر الأخير وكأنها تستهزئ بعقولنا وأخلاقنا وفهمنا وصبرنا لا نجد لها معنى وتفسيرًا آخر سوى ما ذكرنا أعلاه.
وقد يكون هناك من ينكرون هذه الحقيقة الواضحة المرعبة، انطلاقًا من أن إدارة العدالة والتنمية لن تخطو خطوة جنونية وغير منطقية كتأجيج حرب داخلية، في الوقت الذي تخوض أو تستعد فيه حاليًا للحرب في الخارج، خصوصًا في سوريا والعراق. وبطبيعة الحال، فإن هذا هو صوت العقل السليم والمنطق المستقيم؛ حيث إن تَوجُّه حكومة تُواجِهُ مشاكل مع الدول الأخرى في الخارج لاتخاذ خطواتٍ تحقق الوحدة والتضامن في الداخل على أوسع نطاق هو الموقف المنطقي الوحيد في ظل هذه الظروف؛ لكن إذا انتبهتم فإن قيادة العدالة والتنمية كلما كثرت وازدادت المشاكل في الخارج، بل هي التي تعمل على ذلك بنفسها، لا تكتفي بزيادة العنف والقمع في الداخل، بل تسعى أيضًا لإحداث شرخ وتعميقه عمدًا بينها وبين المعارضة يصعب معالجته، من خلال اختلاق أسبابٍ وصلت إلى حد إهانة العقل والإنصاف – تمامًا مثلما حدث مع صحيفة جمهوريت -. ولهذا السبب لا يمكن استغراب الطريقة التي تعامل بها حزب العدالة والتنمية الحاكم مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
من الواضح أن إدارة العدالة والتنمية تعي جيدًا أنها لا تمتلك تلك “القوة التي تكفي لترجمة احتمالية الحرب مع الأعداء في الخارج إلى أرض الواقع، على الرغم من أنها تحاول إقناع الرأي العام بمدى ارتفاع هذه الاحتمالية من خلال الخطابات الرنانة والتصريحات النارية والعنتريات التي لا تقتل الذباب، لأن تركيا بحاجة للحصول على تصريح أو إذن كي تصبح طرفًا في الحرب سواءً في سوريا أو العراق، وإلى الآن لم تمنحها الولايات المتحدة ذلك الإذن؛ لأن تركيا لم تقدم لها ضمانات على أنها ستلتزم بالشروط التي وضعتها، وكذلك روسيا أيضًا وضعت وستضع شروط أكثر صرامة، أما السماح لتركيا لتكون أحد الأطراف الرئيسية فعليا في الحرب القائمة بالعراق فهو أصعب من الأول.
ونظرًا لذلك فإن قيادة العدالة والتنمية تدرك جيدًا أنها مضطرة إلى الاكتفاء بالتغذّي على كونها “في حالة حرب مع الأعداء في الخارج” على الصعيد الخطابي فقط لفترة من الوقت. وإذا كان الأمر كما وصفنا، فإن هذه القيادة ترى التركيز على خطاب “العدو الداخلي” والحرب معه أكثر من خطاب “العدو الخارجي” أمرًا ضروريًا لكي تتمكن من الحفاظ على قاعدتها الشعبية وتحقيق أحلامها.
فنحن على أعتاب حرب ستستهدف وجودنا وأنماط وجودنا ومجموعة القيم والأهداف التي تشكلهما. بل ربما انتهت مناوراتها واستعداداتها.
فهل نحن مستعدون لهذا واتخذنا التدابير اللازمة يا ترى؟
https://youtu.be/UImVKWE-sgc