أنقرة (الزمان التركية): طرح حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على البرلمان يوم الخميس الماضي مقترحًا ينص على إرجاء عقوبة الاستغلال الجنسي في حال زواج الضحية من الجاني، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في البلاد.
وسيتم التصويت عليه في الجمعية العامة للبرلمان التركي يوم الثلاثاء القادم، ومن المتوقع أن تتم الموافقة على مشروع القانون المثير للجدل بدعم نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وينص المقترح القانوي على ما يلي “في حال زواج الضحية بالجاني دون تهديد أو إكراه أو خداع أو تأثير على إرادتها الشخصية، يحق تعطيل النطق بالحكم في قضايا الاستغلال الجنسي الذي لم يتم البتّ فيها، دون النظر إلى شروط المادة الـ231 من قانون المحاكمة أو إرجاء تنفيذ الحكم في القضايا التي تم البتّ فيها، ويسري هذا القرار على قضايا الاستغلال الجنسي التي وقعت حتى تاريخ 16/11/2016. وفي حال انتهاء الزواج خلال فترة المهلة بسبب تقصير الجاني يتم النطق بالحكم السابق ضد الجاني أو يتواصل تنفيذ عقوبة الجاني. وفي حال تعطيل النطق بالحكم بحق الجاني أو إرجاء محاكمته وفقا لهذا البند، يتم إسقاط الدعاوى بحق من ساعدوه على ارتكاب الجريمة أو حرّضوه على ارتكابها أو ساعدوا في ارتكاب الجريمة”.
دفاع وزير العدل عن “قانون إنقاذ المغتصبين”
أشار بوزداغ إلى وجود كثير من الناس الذين تورطوا في مثل هذه الجريمة ويقضون في السجون حاليًا أيام عقوبتهم، زاعمًا أن هذا القانون يهدف إلى حل المشكلة التي تعاني منها تركيا، وإلا ما كانوا ليتخذوا خطوة تشجّع على زواج القاصرات. وأوضح بوزداغ أن نحو 3-4 ألف شخص يعانون من هذا الوضع في كافة أرجاء تركيا.
معارضة جمعية تابعة لنجلة أردوغان للقانون
جمعية النساء والديمقراطية التي تشارك نجلة أردوغان سمية أردوغان في مجلس إدارتها عارضت مقترح القانون الذي ينص على عدم معاقبة الجناه في قضايا الاستغلال الجنسي في حال زواجهم من الضحايا.
وذكرت الجمعية في بيانها بشأن المقترح “عدم تعريف الجاني بصورة مفهومة بما فيه الكفاية وبطريقة ستريح ضمير الرأي العام هو أحد أكبر القصور. وعلى الجانب الآخر من الأرجح أنه سيتم إجبار الضحية على الزواج في هذا السن الصغير تحت هذا الضغط وستُجبر على مواصلة هذا الزواج. ومن عيوب المقترح أيضًا أنه ينص على إنهاء القضايا القائمة بحق المحرضين على هذا الجرم والمعاونين على ارتكابه والعفو عنهم، وعدم تحديد مدة سريان العمل بالقانون. وأهم إشكاليات المقترح هو أن إثبات حدوث إكراه أو تهديد أو تأثير على إرداتها أمر صعب للغاية. فكيف سيتم إثبات الإرادة الشخصية لطفلة في سن صغير حتى ولو لم تتعرض للإكراه والتهديد؟”.
يُذكر أن سمية أردوغان تشغل منصب نائب رئيس الجمعية.
استنكار الشعب الجمهوري للقانون
عقد أعضاء حزب الشعب الجمهوري المعارض في لجنة القانون والنائبات التابعة له مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا تناولوا فيه الأحداث الوخيمة التي قد تنتج عن المقترح الخاص بمحاكمات جرائم الاستغلال الجنسي الذي طرحه حزب العدالة والتنمية الحاكم على اللجنة العامة.
فقد أشارت نائبة الحزب عن مدينة موغلا سها ألدان أن أساس المقترح هو “اغتصاب الفتيات في سن الخامسة عشر بموافقتهن”، على حد تعبيرها.
أما نائبة رئيس الحزب ليلى كارابيك فانتقدت القانون بقولها: “للأسف شهدنا في هذا البلد أطفالًا يتعرضون للاغتصاب على يد 12 شخصًا وهم لا يزالون في سن الرابعة عشر. فهل ستقرر وزارة العدل في هذه الحالة أي مغتصب ستتزوجه الطفلة؟ هل مهمة الحزب الحاكم هي التلاعب بمستقبل الفتيات لتبرئة 4000 مغتصب داخل السجون؟ أم أن مهمته هى إصدار قوانين ووضع سياسات للقضاء على ما تبقى من روح الفتاة؟”.
أمينة أردوغان أول من طرح تبرئة المغتصبين
مذيعة نشرة الأخبار الرئيسة على قناة سي إن إن التركية المقرّبة من أردوغان نفشين منجو أدلت بتعليق مثير للجدل حول المقترح الذي عُرض على البرلمان، حيث ذكرت أن قرينة الرئيس التركي أمينة أردوغان هي أول من تناولت المقترح خلال كلمتها في مؤتمر “وضع المرأة في دول منظمة التعاون الإسلامي” الذي عُقد قبل ثلاثة أيام. وكتبت منجو في تغريدتها على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي تويتر “يبدو أن أحد أقارب فُلان قد تورط في قضية استغلال جنسي فهم يسعون لتطهيره وتبرئته من خلال القانون”، على حد قولها.
وقام آلاف من مستخدمي تويتر بإعادة نشر هذه التغريدة، غير أن اللافت في الأمر هو تعليق الكاتب والمقدم التلفزيوني يكتان كوبان الذي قال “مقترح القانون الذي تم إعداده انطلاقًا من قصص ضحايا الجريمة يجعلنا نفكر في عباراتك هذه التي تثير عديدًا من التساؤلات يا نفشين!”.
بوزداغ: إن لم نمرر هذا القانون سنتعرض لضغوط دولية
خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني تناول نائب حزب الشعب الجمهوري أوزجور أوزال التغيير القانوني الذي أحدث انفجارًا مدويًا بالرأي العام التركي ووصِف “بالعفو عن المغتصبين”. وروى أوزال حواره الأخير مع وزير العدل، حيث قال أوزال إن بوزداغ أخبره أنهم إن لم يمرروا القانون هذه الليلة فلن يستطيعوا تمريره أبدًا وستتعرض تركيا لضغوط من المنظمات النسائية والمجتمع الدولي.
استنكار الأمم المتحدة للقانون المطالب بتبرئة مغتصبي الأطفال
استنكرت الأمم المتحدة المقترح المطالب بتبرئة مغتصبي الأطفال، مشيرة إلى أن كل أشكال العنف ضد الأطفال تُعد جريمة ولا بد من معاقبة مرتكبيها.
وفي تصريحات لها حول الموضوع قال المتحدث الإعلامي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كريستوف بوليراك: “جميع أشكال العنف ضد الأطفال تُعد جريمة ولا بد من معاقبة مرتكبيها. وفي أية قضية يجب أيضًا مراعاة المصالح العليا للأطفال في القرارات التي ستصدر. اليونيسف تشعر بالقلق الشديد تجاه مسودة القانون التي تبدو كعفو للمجرمين. لذا ندعو أعضاء البرلمان التركي كافة إلى بذل أقصى جهودهم لحماية الأطفال في تركيا”Ç
وكانت صحيفة “الجارديان” البريطانية أثبتت أن المعارضة، والمشاهير، ومنظمات حقوق المرأة التي تعمل بها ابنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبرت عن قلقها ازاء هذه الخطوة.
وأدانت منظمة “اليونسيف” مشروع القانون، وقال المتحدث باسم المنظمة كريستوف بوليراك، في تصريح اليوم لوكالة “فرانس برس” بأن “هذه الأشكال الدنيئة من العنف ضد الأطفال هي جرائم يجب أن يعاقب عليها بصفتها تلك وفي كل الحالات. المصلحة العليا للطفل يجب أن تعلو على أي اعتبار آخر”.
هذا وقد شارك اليوم الأحد آلاف من المواطنين في تظاهرة في الشطر الآسيوي من مدينة اسطنبول، احتجاجًا على القانون الجديد المثير للجدل بشأن “الاعتداء الجنسي”. وطالب المتظاهرون بسحب هذا القانون، ورفعوا لافتات إلى “حزب العدالة والتنمية” الحاكم قالوا فيها “ارفع يديك عن جسدي” و”لن نسكت، لن نطيع”.
https://youtu.be/UImVKWE-sgc