في ظل المحن التي يمر بها العالم الكبير محمد فتح الله كولن، تطفو على السطح أخبار من هنا وهناك لا أراها إلا منحا من الله تعالى، وفق سننه في خلقه، يمنحها لهذا الرجل جزاء تضحياته المتواصلة. وهي منح تكاد تغطي كل مجالات حياة الناس اليوم.
ونظر لكثرتها، بارك الله له فيها وزاد من أمثالها، سأعرج على بعضها، وأخص بالذكر مجال الفكر والثقافة. لقد تسارعت الأحداث في العالم الإسلامي بشكل غير مسبوق، لكنها في تركيا كانت “دراماتيكية”. إذ لم يستوعب الناس إلى اليوم، لماذا اتهمت الحكومة التركية حركة الخدمة، ولماذا كان للعالم فتح كولن الذي ساهم في نهضة تركيا الحديثة نصيب الأسد من كل تلك الاتهامات؟ لم يستوعب الناس هذه الاتهامات فحسب بل، يستغربون كيف تستمر الحكومة التركية في هذه الاتهامات وهي عاجزة عن تقديم دليل واحد للناس فضلا عن إقناعهم.
النتيجة الطبيعية لهذه التصرفات هي انقلاب الناس من التشكيك في الأحداث إلى اتهام الحكومة التركية بفقدان مصداقيتها في مجال الحقوق والحريات ومن ثم طعن الديمقراطية التي ناضل من أجلها الشعب التركي في الصميم. وفي المقابل تزايد الفضول للتعرف على حركة الخدمة وشيخها الأستاذ كولن.
هكذا نقلت حماقات سياسة الحكومة التركية الناس من مشككين في الأحداث إلى اهتمام غير مسبوق بحركة الخدمة وفكر الأستاذ فتح الله كولن. فإضافة إلى الخبراء في السياسة والدين، اهتم رجال الفكر والثقافة بحركة الخدمة و بتوجهات هذا الرجل “فتح الله كولن” بحثا ودراسة لمعرفة فلسفته ورؤيته للحياة. محاولين فهم هذا الانقلاب في مواقف الحكومة التركية، في الوقت الذي يشيد بفكره ورؤيته ومواقفه كل الدعاة والمفكرين والمثقفين الذين تعرفوا عليه أو على حركة الخدمة. ونظرا لاتساع هذه الظاهرة سنخصص كلامنا أولا لمجال البحث العلمي، وأخص بالذكر كوكبة من الباحثين والدارسين الذين سبروا أغوار فكر محمد فتح الله كولن وخلصوا إلى نتائج غاية في الأهمية. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر البحوث الأكاديمية الرصينة، التي لم يخل منها بلد لا مؤسسة أكاديمية أو جامعية. صحيح هذه ارتسامات وآراء رجل باحث متتبع، وآمل أن يوجد من يقوم بهذا العمل بمنهج احترافي فيسبر أغوار هذا الموضوع ويلم أطرافه ليخلص إلى نتائج مثيرة في هذا الصدد، ولنكتشف في النهاية أنها منح في قلب المحن.
لقد نشر وألف عدد من الدراسات والكتب حول حركة الخدمة ورائدها الأستاذ فتح الله كولن، لكن المغمور منها والمجهول كثير جدا في مشارق الأرض ومغاربها ولا أظن حركة أو تيارا فكرا أو دينيا أو سياسيا حظي بمثل هذا الاهتمام في الوقت الراهن. وقد قدر لكاتب هذه السطور أن يفتح الموضوع أمام جهات أكاديمية مختلفة في عدد من بلدان العالم، فاندهشتُ لشدة ما وجدت من رغبة عارمة عند الناس لمعرفة المزيد عن حركة الخدمة وشيخها.
https://youtu.be/CGV03bY9w5A