تقرير: جمال أدهم
القاهرة (الزمان التركية) بثت قناة العربية في الساعة السادسة من مساء أمس الجمعة بتوقيت القاهرة مقابلة خاصة أجرتها مع الداعية التركي فتح الله كولن حول التهم التي يوجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إليه منذ الكشف عن تحقيقات الفساد والرشوة أواخر العام 2013، إضافة إلى اتهامه إياه بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا منتصف الشهر الماضي.
لكن يبدو أن التصريحات التي أدلى بها الأستاذ كولن خلال مقابلته مع قناة العربية أزعجت السلطة الحاكمة في تركيا وأنصارها إلى حد بعيد، حيث سارع الجيش الإلكتروني التابع لحزب العدالة والتنمية المؤلف من عشرات الآلاف إلى الهجوم على القناة، بالنقد والشتم والإهانة وشتى الاتهامات، من خلال وسائل الإعلام التركية والعربية التي يمتلكونها وحساباتهم الشخصية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
فقد أطلق هذا الجيش الإلكتروني هجوماً واسعاً على قناة العربية والمملكة العربية السعودية عبر هاشتاج #العربية_تتبنى_فتح_الله_كولن، وكأن مجرد ظهوره على شاشتها يعني أنها تدعمه في كل تصريحاته وآرائه وأفكاره. لذلك قال أحد رواد تويتر رداً على هذا الزعم: “اللقاء لا يعني أن #العربية_تتبنى_فتح_الله_غولن وإلّا فإن #الجزيرة تتبنى الهالك بن لادن والإرهابيين الذين استضافتهم”.
واتهم الكاتب الصحفي إسماعيل ياشا المعروف بدعمه الشديد لأردوغان المملكة العربية السعودية بممارسة “النفاق” أكثر من دولة الإمارات، في تغريدة نشرها مساء أمس حيث قال: “على الرغم من عدائها لتركيا ورئيسها المنتخب، فإن سياسة الإمارات أكثر وضوحاً تجاه تركيا وأقلّ نفاقاً”.
وأضاف: “نحن في تركيا بحاجة إلى قناة عربية مثل العربية لا تمثلنا وصحيفة عربية مثل الشرق الأوسط لا تمثلنا كما يقول الإخوة السعوديون”. ومن ثم دعا ياشا الإعلام التركي للتخلّي عن “نشر الكذبة التي تدعي أن الملك السعودي سلمان سيقوم بضخّ هذا الحجم من الاستثمارات في تركيا”، على حد وصفه.
ويبدو أنه كانت هناك ضغوطات مباشرة من السلطة الحاكمة في تركيا، إضافة إلى هذه الضغوطات الإعلامية، حتى خضعت قناة العربية واضطرت إلى حذف مقابلتها الخاصة مع الأستاذ كولن، سواء كانت نسختها المصورة أو المكتوبة.
وتراجُع قناةٍ مثل العربية عن نشر مقابلة مع شخصٍ مثل الأستاذ كول، في وقت تسعى فيه جميع وسائل الإعلام العربية والدولية لانتزاع موعد منه للحوار معه، فإن دل على شيء فإنه يدل على حجم الضغوطات التي مارسها أردوغان، ولعلها بشكل مباشر، على هذه القناة، الأمر الذي يعطي فكرة أيضاً عن الواقع الأليم للإعلام التركي أمام ضغوطات أردوغان.
الجدير بالذكر أن قناة الجزيرة كانت أجرت مقابلة مع الأستاذ كولن عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة إلا أنها لم تستطع أن تبثها رضوخاً للضغوطات التي مارسها أردوغان عليها، مع أنها تزعم الحيادية واحترام الرأي الآخر بموجب سياسة النشر التي تتبناها. لكن قناة العربية حققت نجاحاً بإجراء حوار مع الأستاذ كولن وجرأتها على بثه عبر شاشتها، غير أنها أحدثت مفاجئة وصدمة كبيرة لدى الصحافة العربية والدولية ومتابعيها بعد أن حذفت النسخة المصورة والمكتوبة للحوار من موقعها الإلكتروني وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وهناك تساؤلات يثيرها المشاهد والمتابع العربي عما إذا كانت قناة العربية وأمثالها من القنوات ووسائل الإعلام العربية هي الأخرى ستخضع لضغوطات أردوغان أيضاً، تماماً مثل الإعلام التركي، أم لا؟ الأمر الذي سيؤدي إلى غياب شمس الحقيقة عن العرب كذلك، كما هو الحال في تركيا حالياً، إذ لا يسمع فيها إلا صوت الأبواق الإعلامية التابعة لأردوغان فقط.