بقلم: يافوز أجار
لقد سئم الشارع التركي والدولي من مبادرة السلطات التركية إلى اتهام حركة الخدمة، والأستاذ فتح الله غولن في كل حادثة صغيرة أو كبيرة تشهدها البلاد، في مسعى منها لإسدال ستار على فشلها في توفير الأمن للمواطنين من جانب، والتستر على المجرمين الحقيقيين الذين يقفون وراء هذه الأحداث من جانب آخر.
فكما أن الرئيس رجب طيب وجه أصابع اتهامه إلى حركة الخدمة، فيما يسمى بـ”الانقلاب الفاشل” منذ الساعات الأولى من اندلاع أحداثه، وقبل إجراء أي تحقيقات مبدئية، مع أن أداءه كان أحسن بكثيرٍ من أداء الانقلابيين في تلك الليلة بحيث يمكن اعتباره أفضل مسرحية لعام 2016، كذلك اتبع الطريقة ذاتها بشأن كل من حادثتي اغتيال السفير الروسي والهجوم المسلح على نادي “رينا” الليلي، بحيث دفع كلَّ من له مسكة من العقل إلى القول “ليس إلى هذا الحد!”.
الاستمداد بسيناريوهات وهمية للمسلسلات
وإذا بدأنا من الحادثة الأخيرة، فإن وسائل الإعلام التابعة للرئيس أردوغان شرعت منذ اللحظة الأولى في إلصاق جريمة الهجوم المسلح الذي استهدف المحتفلين بالعام الجديد في ملهى ليلي بمدينة إسطنبول، والذي أسفر عن مقتل 39 بريئًا، إلى جانب 69 مصابًا، وحاولت تدعيم مزاعمها بنشر جزء من أحد المسلسلات البوليسية التي أذيعت قبل سنوات على قناة أس تي (STV) المغلقة حتى قبل الانقلاب المسرحي، والتي تضمنت لقطات يظهر فيها مهاجم مسلح وهو يرتدي لباس نويل، تمامًا مثلما زعمت في حادثة اغتيال السفير الروسي عندما استمدت بأحد مسلسلاتها أيضًا.
والمثير للدهشة والشبهة هو أن عديدًا من عناصر الجيش الإلكتروني التابع لحزب العدالة والتنمية نشرت جزء المسلسل المذكور في اللحظة عينها مع واقعة الاعتداء المسلح على الملهى، ما يكشف عن احتمالية تورط بعض البؤر العميقة المتسترة في أجهزة الأمن في الواقعة مع التخطيط لإلقاء الجريمة على حركة الخدمة، كما هو الحال في اغتيال السفير الروسي، لكن سقطت كل هذه المزاعم عندما خرج كل من رئيس الوزراء بن علي يلدريم ووزير داخليته علينا لينفيا ارتداء المهاجم لباس نويل. بمعنى أن القنبلة الموقوتة التي أراد إعلام القصر وضعها في بيت حركة الخدمة انفجرت في يده وفشلت محاولاته الرامية إلى توجيه الناس إلى سيناريوهات وهمية بدلاً من الحقائق المريرة المتعلقة بالتقصير والإهمال والضعف الأمني الذي وصل إلى حد التعمد.
لكن الواقع هو أن مسؤولي حكومة حزب العدالة والتنمية وجمهورها المؤيد لهم هم من يعدون الأجواء لمثل هذه الهجمات الإرهابية بالخطاب العدواني الذي يستخدمونهم في شحن أنصارهم وردّ من اعتبروهم أعداء.
وكان إعلام السلطة سار على النهج ذاته في مسألة اغتيال السفير الروسي، إذ ألقت الجريمة على حركة الخدمة أيضاً، وساند ادعاءاته بنشر جزء من إحدى المسلسلات التي عرضت على شاشة أس تي في (STV) كذلك قبل عامين تضمن مشهدًا مشابهًا لعملية الاغتيال، متغاضيًا أن التلفزيون الرسمي تي آر تي (TRT) تعرض في أحد مسلسلاته لاغتيال السفير الروسي أيضًا قبل 25 يومًا وليس قبل عامين!
ولو افترضنا صحة هذه الطريقة التي تتبعها وسائل إعلام أردوغان فإنه لن يسلم أحد من الاتهامات، حتى قناة تي أر تي الحكومية.
نحو نظام الرجل الأوحد خطوة بخطة
ليس من الغريب أو المفاجئ أن يقدم أردوغان حركة الخدمة مسؤولة عن مقتل السفير الروسي والهجوم على الملهى الليلي، عبر وسائل إعلامه، بعد أن رأينا منه تقديمه إياها مسؤولة عن كل كبيرة أو صغيرة تحدث في تركيا، بما فيها ارتفاع الدولار أمام الليرة التركية، بل غلاء أسعار الفواكه والخضروات في البلاد أيضًا.
ولعل الجميع متفقون على أن أردوغان غدا الرجل الأوحد الذي يسيطر على كل شيء في تركيا، وجمع في ذاته كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والمناصب الحكومية. إذ بعد أن سلّط الأمن التركي الأضواء على 4 وزراء من حكومته ورجال أعمال مقربين منه عام 2014 وهم متلبسون بجريمة الفساد، واعتقل عددًا منهم، زعم أردوغان بوجود “دولة موازية” داخل الدولة تريد الإطاحة به عبر توظيف تحقيقات الفساد، مع أنه من طالب وزراءه بالاستقالة من مناصبهم بل مارس الضغط عليهم.. تلا ذلك عزله ونقله عشرات الآلاف من الشرطيين، إلى جانب المدعين العامين والقضاة، ليحلّ محلهم أنصاره، ولو لم يكن لهم خبرة وأهلية، ويشكل أمنًا جديدًا كل أفراده مكونون من مؤيديه، بعد تلقيهم تدريبات لمدة 4 أو 6 أشهر فقط.
ثم أجرى تعديلات جذرية في هيكلة القضاء، وأغلق المحاكم العاملة منذ عقود، وأسس محاكم الصلح والجزاء الجديدة، فبات القضاء أيضًا تابعًا له، بما فيه القضاء الأعلى، بحيث أعلن صراحة أنه لا يحترم قرارات المحكمة الدستورية ولا يلتزم بها.
أخذ بعد ذلك يتحين الفرصة لتصفية العسكريين غير المرغوبين فيهم حتى تخضع المؤسسة العسكرية له أيضًا، فوجد الذريعة، أو بعبارة أصح، خلق هذه الذريعة، من خلال إعداد انقلاب محبوك مصمم على الفشل، وأجرى التغييرات اللازمة، بحيث أعلن نفسه القائد الأعلى للجيش كذلك، بعد أن أصبح الرئيس العام للأمن والمدعين العامّين والقضاة يعتقل أو يطلق سراح من أراد.
وبعد تصفية الجيش، أنشأ جيشًا جديدًا احتل أهمَّ المواقع عناصرُ جيشه المسمى بجيش “صدات” السري المكون أعضاؤه من الإسلاميين المتشددين المتطرفين ومن مليشيات داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الأخرى، وبذلك استطاع التوغل في الداخل السوري بعد أن كان يرفض الجيش القديم ذلك رفضًا باتًّا ما لم يكن هناك قرار دولي.
خلاصة القول إنه أصبح أخيرًا الرجل الأوحد الذي لا يتحرك شيء إلا بإذنه، إن صح التعبير، ومع ذلك يستطيع أن يزعم أن حركة الخدمة هي التي قتلت السفير الروسي.. وأنها من دبرت الهجوم على الملهى.. إن هذا لشيء عجاب!
إن كانت لدى الخدمة تلك القوة..!
حسنًا.. فمن ظلم حركة الخدمة أكثر، أردوغان أم بوتين أو المحتفلون بالسنة الميلادية؟ هو الذي تسبّب في قتل كثير من المنتمين إلى الخدمة في السجون تحت التعذيب، وادعى أنهم انتحروا بأنفسهم، ثم وصل عدد من أعتقل منهم حوالي 150 ألفا، دون تمييز بين الشباب والشيوخ بل النساء والعجائز، إضافة إلى أنه أغلق كل المؤسسات التعليمية والخيرية والإعلامية، واستيلائه على الشركات المقربة منها.
أليس من المنطقي أن تستهدف هذه الحركة وتقتل أردوغان نفسه بدلا من السفير الروسي أو المحتفلين بالسنة الجديدة، إن افترضنا تلك القوة والقدرة اللازمة لديها؟ لذلك هذه المزاعم يضحك عليها حتى الغربان! ولا يقتنع به أي عقل حر في العالم.
والجانب الآخر للموضوع هو أن موقف حركة الخدمة من القضية السورية ومثيلاتها معروف وواضح جدًا منذ البداية، ومقترحاتها المقدمة لأردوغان منشورة في الصحف ومدونة في المواقع الإخبارية.
الأستاذ كولن نصحه بالانتقال إلى الحقبة الديمقراطية بالتدريج في سوريا، مثلما كان في تركيا، ودعا إلى تفعيل كل الطرق الدبلوماسية الممكنة، محذرًا من مغبة الفوضى والاشتباكات المسلحة التي لا تعرف عقباها، وهذا كان موقفه المبدئي مع كل القضايا المشابهة.
لكن أردوغان استخف به، وقال “هل سأعتمد على أفكار شيخ لا يعرف شيئًا من السياسة”، لكن رأينا فيما بعد أنه اضطر إلى العودة إلى النقطة التي أشار إليها الأستاذ كولن في كل القضايا المعروفة للجميع، بدءًا من القضية الفلسطينية وسفينة مافي مرمرة، ومرورًا بالعلاقات مع مصر، وانتهاء بالأزمة السورية.. وعندما كان أردوغان يستمع إلى النصائح ويفعّل مبدأ الحكم التشاركي كانت تركيا تحلق في السماء عاليًا بأجنحة قوتها الناعمة المتمثلة في العلاقات السلمية الاقتصادية والثقافية وغيرها، وتتحاور مع جميع البلدان وتساهم في حل مشاكل المنطقة لكن بعدما تخلت عن هذه القوة الناعمة وتوجهت لاستخدام قوتها الغاشمة لانسجامها مع مطامعه في الزعامة الإقليمية والخلافة غدت عاجزة حتى عن المشي في الطرق المعبدة.
ضرورة شرعية الأهداف والوسائل
والنقطة الأخيرة هي أن موقف الأستاذ كولن من الطرق والأساليب الإرهابية معروف ومعلوم للجميع منذ البداية.. فهو قد قال، مئات المرات، إن المسلم لا يمكن أن يكون إرهابيًّا كما لا يمكن أن يكون الإرهابي مسلمًا.. إنه ليس رأيه الجديد، وليس قولاً تكتيكيًّا عابرًا.. بل هو رأي ومبدأ ثابت عنده لم يتغير في أي ظرف مهما كان.
فهو قال ذلك عندما كان الإسلاميون السياسيون من أمثال أردوغان يرون تنظيم القاعدة ونظراءه “حركة إسلامية”، وبن لادن “مجاهدًا في سبيل الله”، ولم يتغير موقف الخدمة هذا حتى بعد أن وضع أردوغان السكين على عنقها وبدأ يقطع كل يوم وريدًا من أوردتها ولا يزال.
فماذا فعلت الخدمة، بالله عليكم، سوى الدفاع عن نفسها بالوسائل الشرعية دون استخدام ذرة من العنف حتى الاحتجاجات السلمية، مع أنها قادرة على ذلك.. وسبب ذلك بسيط، لأنها تؤمن إيمانًا جازمًا بأنه كما يجب أن تكون الأهداف شرعية، كذلك يجب أن تكون الوسائل المؤدية إليها شرعية أيضًا.
سبب اللجوء إلى سيناريوهات وهمية بدلا من الحقائق الناصعة
كشف الأستاذ كولن عن سبب لجوء إعلام السلطة إلى سيناريوهات وهمية للمسلسلات المعروضة على القنوات التابعة للخدمة قائلاً “هدف هذه المحاولات البائسة هو التستر على الجريمة من خلال قذف افتراءات لجهات لا صلة لها أصلاً بالواقعة، بدلاً من تكريس الجهود للعثور على المجرمين الحقيقيين”، منوّهًا بضرورة دراسة وإعادة النظر في أسباب وعوامل تصاعد موجة الإرهاب واتخاذ إجراءات وتدابير كفيلة بمنع تكرارها، عوضًا عن السعي لتوجيه أصابع الاتهام إلى أناس أبرياء مع غياب أدنى على ذلك.
والحقيقة أن السيدة “سحر”، الشقيقة الكبرى لمولود ألنتينتاش؛ قاتل السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف، أسقطت جميع مزاعم الرئيس أردوغان حول تورط الخدمة في هذه العملية البغيضة من جانب، وأشارت إلى بعض البؤر التي تختفي في أعماق الدولة التي خططت وحرضت على هذه الجريمة عبر استغلال سذاجة شقيقها من جانب آخر؛ إذ نفت في لقاء أجرته معها صحيفة “حريت” التي انضمت إلى صفوف إعلام أردوغان تمامًا بعد الانقلاب الفاشل، صحة ادعاءات أردوغان وإعلامه حول تلقي شقيقها الدروس في أحد المراكز التعليمية التابعة لحركة الخدمة وحصوله على منحة دراسية من أحد رجال الأعمال المقربين منها، بشكل قاطع، وأكدت أن شقيقها درس على نفقة والدتها الخاصة، داعية أصحاب مثل هذه الادعاءات إلى تقديم الأدلة والوثائق التي تثبت غير ذلك.
الواجب الطبيعي للحكومة، في الوقت الذي تحولت تركيا فيه إلى بحيرة دماء، هو اتخاذ تدابير كفيلة بالحيلولة دون حدوث هجمات مشابهة مرة أخرى، ومهمة وسائل الإعلام التابعة لها تسليط الأضواء على ملابساتها والسعي للكشف عن المجرمين الحقيقيين الذين يقفون وراءها، وليس الاشتغال بالبحث عن أدلة أو خلق براهين لتجريم حركة الخدمة في كل حادثة تقع في البلاد، ذلك لأن الثغرات الأمنية النابعة من سياسات الحكومة باتت موسعة بحيث لا يمكن ترقيعها بحركة الخدمة.
ضرورة دراسة أسباب الضعف الأمني
لا شكّ أن الضعف الأمني الذي دأب المسؤولون على نفيه رغم حدوث هذا الكم الهائل من العمليات الإرهابية في السنتين الأخيرتين سيكون مدار النقاش لدى الجميع، بدءًا من المواطن العادي، ومرورًا بالكوادر البيروقراطية الأمنية، وانتهاءً إلى دول العالم.
لقد رأينا كيف أن المواطنين استاؤوا من التصريحات التي أدلى بها نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش والتي قال فيها “ليتخذ المواطنون تدابيرهم لكن عليهم أن لا يخافوا”، في معرض رده على سؤال صحفي حول ما إذا كانت هناك مخاوف من وقوع هجمات إرهابية جديدة بعد الهجوم على النادي الليلي، وكأنه يستهزئ بعقول الشعب.
ماذا يمكن أن يفعل المواطنون، فهل ينزلون إلى الشوارع مرتدين زي خبراء المفرقعات؟! والقوات الأمنية المسؤولة عن توفير الأمن للمواطنين بدؤوا يخافون من أن يكونوا هدفًا لرصاصة طائشة أو قنبلة موقوتة في أي لحظة، كما أن الدول الأجنبية ستحاسب أردوغان على تحويل تركيا إلى ملاذ للإرهابيين بحيث باتت التنظيمات الإرهابية من القاعدة وداعش وجبهة النصرة وحزب العمال الكردستاني هي جيران تركيا، بعد أن حاول الإطاحة بدول المنطقة المتمتعة بالشرعية الدولية مهما كانت، في سبيل تلميع صورته كزعيم إقليمي وخليفة إسلامي.
ومن الناحية السياسية فإن الأحداث الأخيرة من شأنها أن تقوي يد المعارضة التركية وتدفع الشعب إلى البحث عن بديل قادر على توفير الأمن له، خاصة بعد انهيار النهضة الاقتصادية المزعومة عقب ارتفاع العملات الأجنبية إلى مستويات قياسية، لأن الشعب بات بحاجة شديدة إلى الأمن أكثر من حاجته إلى الرفاهية الاقتصادية العابرة، بعد انتشار الإرهاب في كل أنحاء تركيا.
أما من الناحية الاقتصادية فإن الاستثمارات والأموال سواء كانت محلية أو أجنبية تتطلب الأجواء الآمنة حتى تستمر وتزداد، ومع أن أردوغان قدم خدمات جليلة لتركيا من الناحية الاقتصادية، مقارنة بالحكومات السابقة، لكن هناك تضخيم كبير في كمية ونوعية هذه النجاحات الاقتصادية، حيث ركز أردوغان على المشاريع العابرة اللامعة التي ستجذب دعم الشعب على المدى القصير بدلا من المشاريع المستديمة، إذ أن الاقتصاد الحالي قائم بشكل أساسي على قطاع الإنشاءات والعقارات والسياحة بدلا من الاقتصاد الحقيقي الذي يتمثل في إنتاج الصناعة الثقيلة، وما يسمعه بعض العرب من إنتاج تركيا مروحيات وطائرات ومعدات عسكرية أخرى بصناعة محلية فيه تضخيم، حيث إنها عبارة عن تجميع، لأن الأدوات والمحركات الأساسية والبرمجيات كلها صناعة تجميعية اللهم إلا ما ندر.
من تغيير أنظمة المنطقة إلى التركيز على البيت الداخلي
بعد تهميش دوره، بل إخراجه من اللعبة تمامًا في الأزمة السورية، عقب اضطراره إلى الاتفاق مع روسيا على بقاء الأسد، بينما كان رحيله شرطًا أساسيًّا له منذ البداية، من المنتظر أن يتوجه أردوغان إلى التخلي عن تعليق كل إخفاقاته في الداخل والخارج على “شماعة حركة الخدمة”، ويصبح رجل الدولة الوقور الذي يتخذ الحيطة والحذر والتروي في كل شيء، ويحل المشاكل خلف الجدران دون إصدار ضجة وصخب ودون جعجعة بلا طحن، لا يندفع ولا يركب على العواطف والمشاعر الجياشة، ولا يستعجل حتى لا يخطو خطوة يستحيل بعدها الرجوع عنها إلا بعد ضياع السمعة والصورة، لا يتكلم أمام الشاشات بل يفعل وينفذ بصبر وخطة مدروسة بحيث قد لا يشعر بها الآخرون، مثل بريطانيا، التي لا نسمع لها ركزاً، مع أنها حاضرة بقوة في كل حادثة تقع في العالم.
لكن الواقع أن أردوغان بعد تورطه في فضائح الفساد والرشوة، وتعاونِه مع الإرهابيين، وممارسةِ كل أشكال الظلم والانتهاكات، سلك طريقاً بدراجة هوائية يقودها على خطٍّ ضيّقٍ جداً ومحفوفٍ بالمخاطر من جانبيه، لذلك يشعر بضرورة الضغط على دواستها بصورة مستمرة ومتزايدة حتى لا تتوقفَ عجلتها فيَقَع ويهلكَ، وهذا لا يعني أنه لا يمكن أن يعود إلى صوابه ورشده الذي كان عليه في بدايات حكمه.
وأنا أتمنى مثلما تمنى الأستاذ كولن في أحد حواراته أن يتوب أردوغان قبل أن يموت على ما ارتكبه من مظالم بحق شعوب المنطقة، خاصة الشعب التركي والكردي والسوري.
وأرجو أن تؤدي إخفاقاته الخارجية إلى تركيزه على إعادة ترتيب البيت الداخلي لتركيا والتخلي عن أحلام إعادة ترتيب المنطقة.
وآمل أن يدرك في أقرب وقت أن تركيا بقيادته اصطمت بالجدار أو سفينة تركيا وصلت إلى اليابسة ولا يمكن الاستمرار على هذا النهج بعد اليوم شاء أم أبى.
سنة الله تنطبق على أردوغان أيضًا
لكن إن لم يعد إلى الطريق الصحيح وأصر على إلقاء الجريمة على الخدمة في العلن، ثم قام بالدعاية خلف الستار لدى قاعدته الشعبية بأنه لا يقف مكتوف اليد في مسألة مدينة حلب السورية، وإنما يسعى من خلال هذه العمليات والاغتيالات للضغط على الدول الكبرى لإخضاعها لقبول خطته المنسجمة مع مصالح الشعب السوري، دون أن يعلن ذلك أمام الشاشات التلفزيونية.. بمعنى لو ألح على البقاء كما كان حتى اليوم، فإن السنن الإلهية السارية منذ بزوغ فجر الإنسانية في الازدهار أو الانهيار سينطبق عليه أيضًا وسيذهب آجلا أم عاجلا، وستمضي البشرية في طريقها إن قدر الله لها مزيدًا من العمر، لأن ساعة الدنيا وعجلة الأحداث لا تتوقف بتوقف المتخلفين فكرًا وعملاً وتخطيطًا وتنفيذًا.