(الزمان التركية) – أكد الناطق باسم الرئاسة الأمريكية جون كيربي ضرورة وجود أدلة قاطعة تدين الجهة التي نفذت عملية اغتيال السفير الروسي لدى تركيا وانتماءاتها، كما أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ضرورة الانتظار حتى تظهر نتائج التحفيفات .. حيث اتفقت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا على عدم تبني الرواية التركية الرسمية التي وردت على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتؤكد أن مولود الطنطاش الذي اغتال السفير الروسي في أنقرة ينتمي إلى حركة الداعية فتح الله غولن.
ما يعزز الشكوك أن جبهة “فتح الشام” النصرة سابقا، أصدرت بيانا تبنت فيه عملية الاغتيال، وادعت أن الشرطي مولود المنفذ الوحيد للاغتيال ينتمي إليها، وأقدم على عمليته هذه انتقاما من روسيا التي كانت طائراتها تقصف مدينة حلب ومدنا سورية أخرى.
الميول الإسلامية المتشددة كانت واضحة من خلال الهتافات التي أطلقها مولود الطنطاش أثناء إطلاقة رصاصاته التسع على السفير الروسي، وكان أبرزها التذكير بما جرى في مدينة حلب، مضافا إلى ذلك أنه، أي الشرطي مولود، كان في طاقم حراسة الرئيس أردوغان لأكثر من 8 مرات بعد حدوث الانقلاب العسكري الأخير في تموز (يوليو) الماضي.
جبهة “فتح الشام” والكثير من الفصائل الإسلامية المتشددة الأخرى أظهرت حالة من الغضب غير مسبوقة تجاه الروس منذ تدخلهم في سوريا، وقيام طائراتهم الحربية بقصف مواقعها في حلب وادلب ومناطق سورية أخرى، ولذلك وقوفها خلف عملية اغتيال السفير الروسي في أنقرة غير مستبعد، لكن الجديد أن حالة الغضب هذه امتدت للرئيس أردوغان نفسه، لأنه في نظر هذه الجبهة، وفصائل أخرى، خذل حلب وأهلها ولم يف بوعوده تجاهها، ومن يتابع وسائط التواصل الاجتماعي مثل “الفيسبوك” و”التويتر” يجد الكثير من الانتقادات بل والتهجمات في هذا المضمار.
وأيا كانت الجهة التي وقفت خلف عملية الاغتيال هذه فإنها لعبت دورا كبيرا في تزايد التقارب الروسي التركي، وساهمت في إحداث مراجعات كبيرة في السياسة التركية تجاه سوريا، تأكدت في إعلان الرئيس التركي يوم أمس أن أولوية بلاده الآن هى محاربة الإرهاب وليس إسقاط النظام السوري، مما يتطابق كليا مع وجهتي النظر الروسية والإيرانية في الملف السوري.
لا نعتقد أن هذا الاغتيال سيحدث ضررا في العلاقات الروسية التركية، لكن خطورته الحقيقة تكمن في توجيهه ضربة قوية لاستقرار تركيا، عندما أظهرها بأنها دولة لم تعد آمنة، وإذا أكدت التحقيقات التي يشارك فيها خبراء روس أن منفذ عملية الاغتيال ينتمي إلى جبهة “فتح الشام” فإن العلاقات بين هذه الجبهة والحكومة التركية قد تشهد توترا غير مسبوق، وربما مواجهات على الأرض.
العام الماضي لم يكن عاما جيدا للسلطات التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم خصوصا، فقد شهد انقلابا عسكريا دمويا أراد الإطاحة بالرئيس أردوغان، مثلما شهد أيضا تفجيرات إرهابية دموية استهدفت المناطق السياحية لتخريب هذه الصناعة، وخلافات عميقة مع أوروبا ازدادت بعد تهديد الرئيس التركي بإغراق أوروبا بالمهاجرين، وتلاسن حاد خرج عن الأعراف الدبلوماسية بين الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ولا نعتقد أن العام الجديد سيكون أفضل حالا، حيث سيتم ترحيل معظم هذه القضايا الخلافية إليه، وأبرزها خطر الإرهاب.
https://youtu.be/GHKnCc1VDR0