أنقرة (الزمان التركية) – تشتعل الأزمة في العلاقات بين ألمانيا وتركيا يوما بعد يوم على خلفية إلغاء ألمانيا فعالية انتخابية كان سيحضرها وزير العدل التركي، الاستياء الألماني من اعتقال السلطات التركية صحفيا ألمانيا من أصل تركي، واتهام ألمانيا مؤخرا أئمة أتراك بالتجسس لصالح بلادهم.
وفي هذا الصدد .. استدعت تركيا السفير الألماني لديها احتجاجا على إلغاء بلاده فعالية انتخابية كان سيحضرها وزير العدل التركي، في حين أكد وزير الخارجية الألماني أن العلاقات بين البلدين يشوبها نوع من التوتر.
وأوضحت قناة “سي إن إن ترك” أن الخطوة التركية جاءت بعد أن ألغت إحدى المدن الألمانية تجمعا يؤيد التعديل الدستوري في تركيا.
واحتجاجا أيضا على هذه الخطوة، قال وزير العدل التركي “بكر بوزداغ” إنه عدل عن زيارة كانت مقررة إلى ألمانيا.
وأكد الوزير التركي خلال زيارة رسمية إلى مدينة ستراسبورغ الفرنسية أن اجتماعه المقرر مع نظيره الألماني لن يتم، وأنه سيعود إلى تركيا.
وأدان “بوزداغ” قرار السلطات الألمانية، الذي جاء بحجة أن القاعة لا تتسع إلى عدد الحضور المتوقع، وقال: “من غير المقبول ألا تتحمل السلطات الألمانية -التي تحدثنا باستمرار عن حقوق الإنسان والديمقراطية وحكم القانون وحرية التعبير- اجتماعا نظمته الجالية التركية”.
وسحبت سلطات مدينة غاغنو موافقة سابقة لـ”الاتحاد الأوروبي التركي الديمقراطي” من أجل إقامة التجمع المؤيد للتعديل الدستوري الذي يقضي بتحويل نظام الحكم بتركيا من برلماني إلى رئاسي، وكان الوزير سيتحدث فيه.
وفي هذا السياق أيضا، أعلنت سلطات مدينة كولونيا تراجعها عن السماح للاتحاد باستخدام قاعة كان من المتوقع أن يلقي فيها وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبقجي كلمة أمام الحشود.
وتشهد العلاقات التركية الألمانية توترا بعد سلسلة من الخلافات منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في أنقرة، وكان آخر معالمه الاستياء الألماني من اعتقال السلطات التركية صحفيا ألمانيا من أصل تركي؛ ما تسبب في استدعاء السلطات الألمانية للسفير التركي احتجاجا على الاعتقال.
من جهته، قال وزير الخارجية الألماني زيجمار جابرييل، الخميس الماضي، إن معاملة تركيا للصحفي “دنيز يوجل” ألحق ضررا فادحا بالعلاقات بين البلدين مع إلغاء السلطات الألمانية محادثات مع مسؤولين أتراك بارزين.
وأضاف جابرييل، الذي كان يتحدث أثناء زيارة العاصمة الأوكرانية كييف، أن وزارة الخارجية تحدثت مرة أخرى مع السفير التركي في ألمانيا وأكدت الحاجة إلى الحوار.
وقال إنه أبلغ السفير مجددا أنه عندما يأتي ضيوف من تركيا إلى ألمانيا “فإننا نتوقع منهم ألا يكتفوا بحضور تجمعات انتخابية فقط؛ بل أن يكونوا أيضا مستعدين للحوار مع وزير العدل أو وزير الاقتصاد أو وزير الخارجية أو أي كان”.
ولكنه شدد على ضرورة إيجاد حل للمشكلة في أسرع وقت ممكن، واصفا الضرر الذي وقع بأنه “كبير للغاية”.
الصحافة في صدارة الأزمة
وصعدت معظم الصحف الألمانية مؤخرا انتقاداتها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووصفت ملاحقة حكومته وعزلها لأعداد كبيرة من المتورطين في محاولة الانقلاب الفاشلة من وظائفهم بأنها “مهزلة”، وصنفت أردوغان في مصاف “أسوأ الحكام المستبدين”.
واعتبرت أن فشل تجربة حزب العدالة والتنمية يمثل أزمة كبيرة للديمقراطية تتجاوز تركيا إلى الدول الإسلامية، وتطرقت أخرى إلى إجراءات تعتزم النمسا المطالبة بتعميمها على الدول الأوروبية للتضييق على أنشطة مؤيدين لأردوغان فوق أراضيها.
بضربة واحدة
وتحت عنوان “بضربة واحدة”، قال راينهاردت موللر، بصحيفة فرانكفورتر ألغماينة، إن “محاكمة جنرالات مشاركين بانقلاب بتهمة الخيانة العظمى أمر طبيعي لا يقتصر على تركيا، لكن إعفاء الرئيس أردوغان لموظفين عموميين بالجملة فجأة – حتى لو كان ضمن إجراءات مواجهة محاولة انقلابية – يعتبر مهزلة في دولة قانون”.
وأوضح “موللر” أن أي دولة من حقها إعفاء جنود جيشها أو شرطتها وقادتها التنفيذين المتورطين في انقلاب من الخدمة، غير أنه اعتبر أن عملية الطرد والملاحقة الجماعية لقضاة غير محببين لدى النظام يظهر عدم تفهم الرئيس التركي لمبدأ الفصل بين السلطات.
واعتبر الكاتب أن فصل آلاف الموظفين بوزارة التربية والمطالبة بإقالة 1500 من رؤساء الجامعات والمعاهد العليا “يدل على عدم وجود علاقة لأردوغان – مثله مثل أسوأ الديكتاتوريين- بحرية البحث العلمي”.
استقطاب متكرس!
وفي “ديرتاجسشبيغيل” تعرضت سوزانا غوستن إلى حملة الاعتقالات والإعفاءات الجارية بتركيا بعد فشل الانقلاب، واعتبرت أن الاستقطاب بين أنصار أردوغان ومعارضيه، الذي ركز حزب العدالة والتنمية على جعله محورا للحملات الانتخابية في السنوات الماضية، قد تكرس في الواقع بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.
حملة انتقام
وأيدت غوستن ما ذهب إليه مراقبون لتطورات تركيا اعتبروا أن أردوغان بدلا من أن يقود المجتمع كله لتجاوز كابوس الانقلاب، أطلق بإجراءات الاعتقال والطرد الواسعة حملة انتقام ولم تصدر منه كلمة تصالح واحدة.
وأشارت إلى أن قيام جنود الجيش – الذي حظي حتى وقت قريب باحترام بالغ – بإطلاق الرصاص على المتظاهرين ودهس المحتجين ضد الانقلاب بالدبابات وقصفهم بالطائرات أحدث صدمة مروعة لدى الأتراك استند إليها أردوغان في حشد أنصاره بالميادين كل ليلة.
ورأت الكاتبة أنه أصبح سهلا في مثل هذه الأجواء اعتبار أي انتقاد لأردوغان وإجراءاته التالية لمحاولة الانقلاب الفاشلة خيانة عظمى، وخلصت إلى أن تحذير قيادات ونخب علمانية من خطورة تأسيس حزب العدالة والتنمية لحركة شعبية ذات توجه ديني بإشراك المساجد يمكن أن يتحقق في الواقع الجديد في تركيا.
ديمقراطية شكلية
وفي مقال بعنوان “ديمقراطية شكلية”، تناولت سيلكا مارتينيز بصحيفة دير تاجستسايتونغ التطورات الراهنة في تركيا بمقاربة مختلفة مشيرة إلى تطلع النشطاء الديمقراطيين العرب طويلا للتجربة التركية باعتبارها مثالا يحتذى.
وأضافت مارتينيز: “لهذا السبب، فإن فشل النظام الديمقراطي في الدولة الجسر بين الشرق والغرب يمثل مأساة لهذا البلد وأزمة للعالم الإسلامي”.
وخلصت إلى أن الأزمة الراهنة على ضفاف البوسفور تعد تراجعا محسوسا إلى الخلف يتجاوز تركيا إلى محيطها بدول الشرق الأوسط التي ستتحول في غياب الديمقراطية إلى كيانات مشلولة على غرار ما كان موجودا بمصر وليبيا في عهدي حسني مبارك ومعمر القذافي.
ذروة التأثير
ورغم مرور أسابيع، بل أشهر، على بعض المقالات المنشورة في الصحافة الألمانية ضد أردوغان وحزبه؛ إلا أن أثرها يظهر في الوقت الراهن في ظل اشتعال الموقف بين أنقرة وبرلين، وإن لم يكن هذا التأثير واضحا الآن فإنه بلا شك كان جزءا من الأزمة ذاتها منذ بدايتها.
فمنذ فشل محاولة الانقلاب في تركيا والصحف الألمانية لم تخل معظمها من انتقادات متتالية لسياسة أردوغان في مواجهة هذه المحاولة التي هزت بعنف المشهد السياسي العالمي وتسببت في أن يعيد عديد من الأطراف حساباتهم مرة أخرى حيال تركيا ونظامها الحاكم.
ويبدو أن ما وصل إليه شكل الخلاف حاليا بين ألمانيا وتركيا جعل من الحتمي تتبع الخط الإعلامي بشكل عام والصحفي على وجه الخصوص إبان اشتعال أي أزمة بين جهتين ترى كلتاهما الأمور بأعين مختلفة عن نظرائها.
الابتزاز المتبادل
وقال الكاتب الصحفي المصري والمتخصص في الشؤون التركية السيد محمد حامد في مقال نشره على صفحته الرسمية على فيس بوك
لاشك أن حكومة ميركل غير مسرورة للتعديلات الدستورية التركية الجديدة والتي تمنح الرئيس التركي صلاحيات خرافية ولكن اتفاق اللاجئين الذي وقع في مايو الماضي التف حول رقبة #ميركل والساسة الألمان مثل ثعبان الكبرى لذلك فرض عليهم صمت مطبق يطلق عليه غض الطرف من أجل المصلحة وأمام حركة القمع الواسعة التي تطال الجميع وجدت #المانيا ضالتها في إلغاء الفاعليات السياسية والحزبية المروجة لتعديلات الدستور الخرافية وهو أضعف الإيمان
أما الابتزاز الآخر أن الانتخابات الألمانية مقبلة ونظرا لأن الجالية التركية كبيرة للغاية فأنقرة تناور بأصوات الألمان ذو أصول تركية في ابتزاز واضح بأن بقاء حزب الديمقراطي المسيحي في السلطة بين أصابع السلطان أردوغان بالإضافة إلى أن الساسة الأتراك التقطوا الخلاف الأخير واستغلال قضية إلغاء الفاعليات والتضييق على مؤيدي التعديلات الدستورية في ألمانيا من أجل الاستعراض والحنجلة السياسية بأن الغرب يكرهون تركيا ويريدون إضعاف واستهداف تركيا واللعب على أوتار القومية التركية والإرث العثماني الأوتار التي تمزقت بين توزيع الكراهية والبغض على أنصار الانقلاب والأكراد الذي يشن عليهم حملة شرسة منذ صيف 2015 وأيضا ورقة الأسد وبعشيقه وروسيا من قبل ….
العلاقات الألمانية التركية تشبه التوأمين المتلاصقين ولكن كل منهما يحمل أفكارا مختلفة عن الآخر تولد خلاف وعدم الارتياح المتبادل ابتزاز خلافات سرية وعلانية ولكن من المستحيل أن تولد قطيعة لأنهم متلاصقان يؤدي إلى احتياج متبادل ديمومة لن تنتهي طوال الدهر