إسطنبول (الزمان التركية) – نشرت جريدة “آيدنليك” التركية مقالًا مثيرًا بعنوان “قنبلة رضا ضراب الإيراني! الولايات المتحدة الأمريكية تعرف، لكننا لا نعرف! بحوزة مَنْ ملياران من الدولار؟ من هم المتهمون السبعة؟”.
وفيما يلي ترجمة المقال الذي حمل توقيع الكاتب الصحفي عصمت أوزتشاليك:
لقد قلنا قبل ذلك عندما كشف الستار عن وقائع الفساد والرشوة في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013، أن رجل الأعمال ذا الأصول الإيرانية رضا ضراب يمثل أزمة أمنية بالنسبة لتركيا. ولكننا لم نستطع الإفصاح عن ذلك بشكلٍ واضح”.
وما يحدث الآن يؤكد صحة ما كنا نقوله. فقد استيقظ الغافلون على مساعي الحزب الحاكم الرامية إلى أن تكون “القوة البرية” للولايات المتحدة في شمال سوريا، الأمر الذي يكشف أن ملف رجل الأعمال التركي ذي الأصول الإيرانية رضا ضراب المعتقل لدى السلطات الأمريكية يمثل أزمة أمنية بالنسبة لتركيا.
كيف تطور الأمر
ومن المتوقع أن يتسبب ملف رضا ضراب في المزيد من الأزمات خلال الأيام المقبلة. لذلك نريد أن نسلط الضوء على كيفية تطور الأمر إلى أن وصل إلى هذا الشكل الذي نراه الآن…
إن رضا ضراب هو رجل أعمال من أصول إيرانية، وفي الوقت نفسه يتمتع بالجنسية التركية، حصل عليها في عهد حكومات حزب العدالة والتنمية. ما يزال في ريعان شبابه. لا يعرف أحد مصدر ثروته التي تقدر بالملايين. كانت الأمور تسير على ما يرام، ماذا حدث فجأة لينقلب كل شيء رأسًا على عقب؟
مخاوف رضا ضراب من إيران
شنت السلطات الإيرانية حملات مكثفة ضد الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد ونظامه، بعد أن ترك السلطة. فقد اعتقل رجل الأعمال الإيراني باباك زنجاني، في تحقيقات فساد ورشوة. وكان الدور يأتي على رضا ضراب؛ إذ أعطت الدولة العميقة في إيران الضوء الأخضر لاختطاف ضراب.
وكان رضا ضراب على دراية بذلك. وكانت الإشارات القادمة من إيران تشير إلى أن الأمر خطير. وبناءً على ذلك طالب رضا ضراب بتعيين حراسة خاصة له، إبان فترة رئاسة داود أوغلو للوزراء؛ إلا أنه لم يحصل على الاهتمام المتوقع، ما أصابه الذعر.
أف بي إي يتدخل في الأمر
بدأ رضا ضراب التواصل مع عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكيFBI. والتقى ضراب بعملاء التحقيقات الفيدرالية الأمريكية في مدينة “طرابيا” أكثر من مرة في مكان أطلق عليه “البيت الآمن”. واتخذت التدابير الأمنية اللازمة لإجراء اللقاء بشكلٍ سري، فقاموا بتغمية كاميرات المراقبة في الشوارع المحيطة بـ”البيت الآمن”.
أمَّا ضراب فقد قدَّم للأمريكان كل ما لديه من معلومات. وتمكنوا من إقناعه بالذهاب للولايات المتحدة الأمريكية. كل شيء كان على ما يرام. لم يكن من الضروري أن تستيقظ المخابرات التركية من غفوتها. لذلك صعد ضراب وعائلته إلى الطائرة المتجهة إلى أمريكا، وكأنها رحلة تنزه عادية.
وفور وصوله إلى مدينة ميامي في جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية، ألقي القبض عليه، وأصبح قيد الاحتجاز. وكان من اللافت للانتباه عودة زوجته إبرو جونداش وأطفاله إلى تركيا عقب الواقعة.
4 مليارات دولار
وبحسب مصادر إيرانية فإن كمية الأموال المنقولة إلى إيران عبر رضا ضراب في ظل الحظر المفروض عليها وصلت إلى 27 مليار دولار أمريكي، في مقابل حصوله على عمولة قدرها 15%، أي نحو 4 مليارات دولار أمريكي. في حين يقول مقربون من ضراب أن نحو 2-2.5 مليار دولار أمريكي قام بتوزيعها داخل تركيا.
هكذا دارت الحكاية داخل الكواليس السياسية
وقَّدمت إيران دعمًا كبيرًا لتركيا في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي ضربت الاقتصادات العالمية في 2009. وكان لابد من وجود دعم مقابل من تركيا لإيران. لم يكن هناك أي اعتراضات على ذلك؛ إذ قدمت لها الدعم لكسر الحظر الاقتصادي المفروض عليها ولكن مقابل عمولة.
ملياران من الدولار الأمريكي
وهنا انفجرت المفاجئة؛ وكشف الستار عن علاقات رضا ضراب بوزير الاقتصاد التركي ظفر تشاغلايان ووزير الداخلية معمر جولار ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي أجامان باغيش. إلا أن إجمالي تلك الأموال لا يزيد عن 100-150 مليون دولار أمريكي في أحسن تقدير. ولكن أين باقي الملياري دولار أمريكي.
7 متهمين جدد
اعتقلت الولايات المتحدة الأمريكية رضا ضراب ونائب المدير السابق لبنك خلق “Halkbank” التركي محمد هاكان أتيلا وأسماء أخرى، يشار إلى أنهم 7 مشتبه بهم لم يكشف الستار عن أسمائهم!
اختيار المحكمة
ألقي القبض على رضا ضراب في مدينة ميامي الساحلية جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن التحقيقات تجرى بواسطة النيابة العامة في مدينة نيويورك. أليس هذه هي المحكمة التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية في قضاياها ضد الدول الأخرى؟!
قد يبدو أن المستهدف رضا ضراب، إلا أن الهدف الحقيقي مختلف!
أمريكا على علم بتفاصيل القضية، أمَّا نحن فلا حول ولا قوة لنا…
هناك حالة مخيفة حول الواقعة. فمكتب التحقيقات الفيدرالية على علم بتفاصيل الواقعة، والنيابة العامة الأمريكية كذلك، والرئيس السابق لولاية نيويورك، أمَّا نحن الأتراك، لا حول لنا ولا قوة، ولا علم لنا بهذا.
لذلك نجد أن تركيا تجبر على الموافقة على إقامة دولة كردية واتخاذ خطوات من دورها تقسيم سوريا، ومن بعدها تفتيت تركيا نفسها؛ كل ذلك لأن أمريكا تعرف ما لا نعرفه نحن.
قد يبدو الأمر في شكله وكأنه تهديد للحكومة والحزب الحاكم، ولكنه في الواقع تهديد للدولة التركية؛ إذ يتم استغلال ضعف السلطة الحاكمة.
إذًا فإن ملف رضا ضراب يمثل خطرًا لأمن تركيا. ولكن ما هو الحل؟
على الحكومة التركية أن تشارك كل شيء مع الشعب، حتى تتمكن من المناورة والخروج من تحت بطش تهديدات الولايات المتحدة. وبخلاف ذلك، ستكون وحدة أراضينا في خطر!
فتصريحات وزير العدل الأمريكي السابق موكاساي الذي جاء على رأس وفد للتفاوض مع حكومة أنقرة تلخص وتوجز كل شيء: في حالة تحقيق تطورات لصالح رضا ضراب في الدعوى المقامة ضده، ستتمكن تركيا من الدفاع عن المصالح القومية الأمريكية أكثر مما سبق”.
أليس كل شيء واضحًا!!