أنقرة (الزمان التركية) – في ظل العمليات المستمرة بحق الإعلام المعارض في تركيا، أصدر المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين قرارًا بفضل القضاة الذين أصدروا قرارًا بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين في السجون التركية بعد 8 أشهر من الاعتقال، لعدم كفاية الأدلة.
وبحسب مصادر، فإن قرار فصل هيئة المحكمة التي أصدرت قرار الإفراج عن الصحفيين المعتقلين بتهمة معارضة الرئيس أردوغان، مؤقتًا، دون إبداء أسباب للقرار.
وكان الدائرة 25 من محكمة جنايات إسطنبول قد أصدرت حكمًا بالإفراج عن 21 صحفيًا من 29 صحفيًا قابعين داخل السجون التركية، منذ 8 أشهر، مشيرة في حيثيات الحكم إلى عدم كفاية أدلة الإدانة المقدمة مقبل المقدمة من قبل النيابة اعامة والحكومة، مما أغب حكومة حزب العدالة والتنمية ودفعها للضغط على هيئة المحكمة لإعادة إصدار مذكرة اعتقال في حقهم مرة أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن قرار المحكمة بالإفراج عن الصحفيين تسبب في مضجع كثير من الكتاب وأعضاء اللجان الإلكترونية التابعة للقصر الجمهوري والحكومة، خشية أن يؤدي ذلك إلى تأثير الدومينو على المعتقلين الآخرين بالتهمة التقليدية ألا وهي التورط فى الانقلاب والانتماء لحركة الخدمة، فهبّوا ليطلقوا حملة مضادة للقرار استخدموا خلالها كل أنواع التهديدات.
فقد بدأ الصحفيون الموالون لأردوغان عقب صدور القرار مباشرة بشن حملة شرسة من التهديدات والابتزازات غير الأخلاقية ضد القضاة الذين أصدروا قرار الإفراج عن الصحفيين، فبدؤوا يصدرون تعليمات لجهاز القضاء والأمن من ناحية، ويهددون الصحفيين بأنهم غير مأمونين على حياتهم بعد اليوم من ناحية ثانية، ويزعمون أن الشعب سيحدد مصيرهم وليس القضاة الذين اتهموهم بالانتماء إلى الخدمة أيضًا من ناحية ثالثة، ما أدى إلى إصدار قرار جديد يسلب من الصحفيين حريتهم لمدة أخرى لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.
وزعم الصحفي المعروف بقربه من أردوغان وحزب العدالة والتنمية فاتح تازجان الذي سبق أن دعا قبل عدة أيام لقصف المنزل الذي يقيم فيه الأستاذ محمد فتح الله غولن في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية، أن قرار الإفراج عن الصحفيين “القتلة” المعتقلين – على حد وصفه – لو نفذ لانهارت ثقة الشعب في القضاء ودفع الشعب إلى معاقبة هؤلاء بنفسه! وتابع بقوله: “إن الشعب التركي وصل إلى مرحلة الغليان، وأرواح هؤلاء الصحفيين معرضة للخطر. والقضاة هم المسؤولون عما قد يحل على الصحفيين في حال الإفراج عنهم، يجب العودة عن القرار وتصحيح الحكم فورًا”.
كما هدد الكاتب الصحفي جيم كوتشوك المقرب من الحكومة وأردوغان وجهاز المخابرات، من خلال تغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بأن هؤلاء الصحفيين سيدفعون الثمن غاليًا، في حالة عدم إلقاء القبض عليهم مرة أخرى، داعيًا إلى فصل القضاة الذين أصدروا قرار الإفراج عن الصحفيين.
وزعم كوتشوك أن الصحفيين المفرج عنهم سيهربون في الليلة ذاتها إلى خارج تركيا، ودعا السلطات الأمنية إلى إعلان حالة استنفار لإلقاء القبض عليهم، مطالبًا بفصل القضاة الذين أنزلوا حكمًا بالإفراج عنهم.
واستمر كوتشوك قائلاً وكأنه المتحدث باسم الحكومة: “سيتم فصل كل المدعين العامين والقضاة الذين ينتمون إلى منظمة فتح الله غولن…”، زاعمًا أن ذلك هو قرار الدولة الحاسم.
من جانبه، علَّق نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة إسطنبول، باريش ياركاداش، على قرار إعادة الاعتقال من خلال تغريدة على تويتر، قائلًا: “تعرض القضاء لضغط كبير، بعد أن أصدر قرارًا بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين منذ 8 أشهر في منتصف الليل بدون جريمة. وقد بدأت وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين التدخل بعد الحملة التي أطلقت على تويتر. ولكن المدعي العام الذي كان يريد الإفراج عنهم في الصباح، غيَّر قراره بحلول المساء! المدعي العام نفسه هذه المرة، أصدر قرارا باحتجاز 8 آخرين من الصحفيين! ما الذي حدث حتى جعله يتراجع عن قراره بعد 12 ساعة فقط. إن ما يحدث الآن هو عارٌ قانوني”.
وتابع ياركاداش “إذا كان في حق المفرج عنهم أي تحقيقات أخرى أو أي استحقاق قضائي، لكان على المدعي العام إيضاح ذلك أمام القاضي. ما حدث هو أن القضاء تعرض لضغوط أدى لتغيير الحكم القضائي. لا أعرف مصطلحا قانونيا أو منطقيا يمكنه تفسير وتأويل ما حدث. إن القضاء الذي يعاني من انهيار ثقة الرأي العام فيه، أصبح فاقدًا للمصداقية بشكلٍ كامل. إن إلغاء قرار الإفراج عن الصحفيين المعتقلين، نتيجة للضغوطات الواضحة والصريحة التي تعرض لها، يكشف أنه لم تبق أي آلية تحمي المواطنين داخل بلادهم”.
وتطرق ياركاداش إلى تهديد إعلام أردوغان للقضاة قائلاً: “إن استهداف القضاة من قبل وسائل الإعلام الموالية للحكومة بهذا الشكل الصارخ جريمة يعاقب عليها القانون، ويجب محاكمتهم بشكلٍ عادلٍ. ودستور الجمهورية التركية ينص على ذلك صراحة في المادة 277. على المدعين العامين التدخل فورًا، ووضع حد لمن يمارسون الضغوط على القضاة. إن لم يكن هناك عدل، لن يكن هناك معنًا لأي شيء. نحن جميعًا نريد الوثوق في القضاء. لا يمكننا تحمل هذا العوار القانوني الصارخ”.