تقرير: يافوز أجار
إسطنبول (الزمان التركية) فجر دوغو برينتشاك زعيم حزب الوطن اليساري المتطرف في تركيا والمعروف بدعمه للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل اختلافهم على النظام الرئاسي، قنبلة من العيار الثقيل، حيث اعترف بصورة علنية أن انقلاب 15 يوليو/ تموز الماضي كان انقلابا مفبركا ومخططا له مسبقا.
جاء ذلك خلال مؤتمر دوغو برينتشاك مع حزبه حول الاستفتاء على التعديلات الدستورية، إذ قال “إن نائبي السيد أتيلا أوغور توجه إلى مقر صحيفة “يني شفق” (الموالية للحكومة وأردوغان) قبل وقوع الانقلاب بيوم واحد. وقال للقائمين عليها “ستشهد البلاد خلال الأيام المقبلة انقلابا”. وطلب منهم إبلاغ الحكومة بهذا”.
وفي إطار رده على سؤال حول وصف أردوغان المعترضين على التعديلات الدستورية بالإرهابيين و”الانقلابيين”، قال دوغو برينتشيك “إن الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم وممثلي الحكومة أغلقوا هواتفهم ليلة الانقلاب الفاشل في منتصف العام الماضي. لكن هواتفنا كانت مفتوحة.. لا يمكن أن يغلق رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء هاتفيهما في الوقت الذي تشهد البلاد انقلابا”.
وأضاف “تواصلنا معهم بطرق غير مباشرة، وقلنا لهم اصمدوا وقاوموا، فهذا الانقلاب سيتم الحيلولة دونه. هذا الانقلاب ليس انقلابا يدبره الجيش التركي. حتى إن بعض قيادات حزب العدالة والتنمية سألونا “هل هذا صحيح حقا؟”، ولم يكن لديهم أي علم بالانقلاب وسير أحداثه. إن نائبي السيد أتيلا أوغور توجه إلى مقر صحيفة “يني شفق” قبل وقوع الانقلاب بيوم واحد. وكان حزبنا الوطن هو من طالب الحكومة والدائرة المقربة من رئيس الجمهورية بالصمود والمقاومة وقلنا إن الجيش التركي سيفشل هذا الانقلاب”. لم نفكر في الافتخار بهذا والتباهي به أمام الرأي العام من قبل. ولكننا الآن اضطررنا للإفصاح عن ذلك، لأنهم هم من فتحوا هذا الملف واتهمونا بدعم الإرهاب والانقلاب”، على حد قوله.
ومع أن برينتشاك يزعم أن نائبه أتيلا أوغور ذهب إلى مقر صحيفة يني شفق وأخبرها بالاستعداد لانقلاب ضد الحكومة “قبل يوم واحد من وقوعه”، إلا أن أتيلا أوغور سبق أن أعلن أنه أوصل خبر الانقلاب إلى هذه الصحيفة “قبل أسبوعين من وقوعه” وليس قبل يومين، كما يدعي برينتشاك. وهذا يدل بشكل صارخ أن الطرفين، أي مجموعتا برينتشاك وأردوغان كانتا على علم بمحاولة الانقلاب قبل أسبوعين من حدوثها على الأقل، مع أن هناك مصادر تدعي أن أردوغان استعد لهذا الانقلاب منذ عام.
وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال “إذا كانت هاتان المجموعتان تعلمان بالتخطيط لمحاولة الانقلاب، وكانتا قادرتين على منعها، فلماذا انتظرتا حتى وقع الانقلاب فعلاً، مسفرًا عن مقتل أكثر من 250 إنسانًا؟”. ليس هناك إلا جواب واحد لهذا السؤال ألا وهو: أن المجموعتين دبرتا انقلابًا مزيفًا صممتاه على الفشل، عبر استغلال بعض الجنود السذّج، لكي تحصلا على الذريعة المطلوبة للقضاء على حركة الخدمة، العدو المشترك للطرفين.
والواقع أن التقارير الاستخباراتية الثلاثة البريطانية والأوروبية والأمريكية فنّدت الرواية الرسمية التي حاكها الرئيس أردوغان حول هذه محاولة الانقلاب وكشفت أنه من دبرها لتحقيق أهدافه السياسية. إذ كانت المخابرات البريطانية أعدت تقريرًا نشرته مجلة “فوكس” الألمانية في منتصف العام الماضي بعد الانقلاب مباشرة يكشف أنها تابعت المكالمات الهاتفية والبريدية المشفرة لكبار مسؤولي الحكومة التركية منذ اللحظة الأولى من بدء أحداث محاولة الانقلاب، ويظهر أنهم، أي المسؤولين الأتراك، يأمرون فيها بتقديم الأستاذ فتح الله غولن كرقم أول يقف وراء هذه المحاولة، من أجل تنفيذ حملة تصفية شاملة ضد أفراد حركة الخدمة. كما أن التقرير الاستخباراتي الأوروبي الصادر في 24 أغسطس 2016، والذي نشرته مجلة “تايمز” البريطانية في الشهر الماضي أكد ما توصل إليه التقرير البريطاني، حيث اتهم أردوغان بشكل غير مباشر، بتدبير المحاولة الانقلابية وتصميمها على الفشل، لكي يتمكن من الحصول على ذريعة تصفية معارضيه، واستبعد أن يكون الأستاذ فتح الله كولن “العقل المدبر” الذي يقف وراءها.
وبعد هذين التقريرين، جاء تقرير لموقع washingtonhatti.com يكشف أن مصادر بارزة في حلف الشمال الأطلسي الناتو أعلنت لموقع aldirmer.no أن قادة الحلف يؤمنون بأن أردوغان من دبّر انقلابا عليه، ونقل الموقع عن مصدر في الناتو قوله إن الجنود الأتراك الذين لا يزالون على اتصال باحلف يرون أن أردوغان من وضع خطة منذ عام لتنفيذ الانقلاب، مشيرًا إلى أنه كان يمتلك قائمة بأسماء الأشخاص الذين كان يخطط لتصفيتهم ونفذ خطته هذه في صبيحة الانقلاب الفاشل.