بيروت/لبنان(ريترز) عاد الجدل بخصوص الزواج المدني يطل برأسه في لبنان مجددا بعد أن اتهم ناشطون وأزواج وزير الداخلية نهاد المشنوق بتعليق الموافقة على عقود الزواج لحين صدور قانون يسمح بذلك.
ونظرا لوجود نحو 18 طائفة دينية في لبنان يخضع البلد لنظام طائفي معقد لتقاسم السلطة. وتخضع قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بالزواج والطلاق والإرث وحضانة الأطفال لسلطة محاكم خاصة بكل طائفة.
وكان ذلك الوضع يسبب معضلة لكثير من الشبان والفتيات من الديانات المختلفة الذين يرغبون في الزواج دون التحول إلى ديانة شركائهم الأمر الذي كان يدفع كثيرين إلى السفر إلى قبرص في رحلة بالطائرة تستغرق 30 دقيقة لإجراء مراسم زواج مدني ثم العودة إلى لبنان لتسجيله.
لكن بعض اللبنانيين استغلوا ثغرة في قانون يرجع إلى عام 1936 إبان الانتداب الفرنسي تسمح لمن لا تحمل أوراق هويتهم أي إشارة إلى الطائفة التي ينتمون إليها بتسجيل زيجاتهم مدنيا.
وعلى ذلك الأساس سمح للبنانيين بتسجيل زواجهم لدى المحاكم المدنية في لبنان بعد أن وافق وزير الداخلية السابق مروان شربل على تلك الخطوة.
وانتهز كثير من اللبنانيين الفرصة تزوج كثير من اللبنانيين مدنيا داخل بلدهم بدلا من اللجوء للسفر إلى الخارج لهذا الغرض.
عقدت مريام ياسين وبديع مسعد قرانهما مدنيا في لبنان العام الماضي رغم انتمائهما إلى طائفة واحدة إذ يريان أن الزواج المدني يكفل للنساء حقوقا أكثر مما يكفله الزواج الديني.
وقالت مريام “أنا وبديع قررنا نتزوج مدني لأنه منعتبر أن علاقتنا بالدولة لازم تكون علاقة مدنية مش علاقة لها علاقة بالطوائف. وهيدا الشي ما له علاقة بنحن شو يعني معتقداتنا الدينية. ومنعتبر أن الزواج المدني بيحفظ حقوق المساواة بين الشخصين وبيحفظ حقوق المرأة أكثر بكثر من الزواج الديني. مشان هيك كان قلنا أنه أكيد راح نتزوج مدني.” لكن المشنوق ألغى قرار سلفه بخصوص تسجيل الزواج المدني مشددا على أن الأمر يجب أن يخضع لقانون يقره البرلمان لا للفقه والتفسير القانوني.
بيد أن الناشطين المدافعين عن الزواج المدني والأزواج يقولون إن ما من حاجة إلى قانون جديد وإن تشريع 1936 فيه الكفاية.
وطرح مشروع قانون جديد للزواج المدني على البرلمان العام الماضي لكن لم يحدد حتى الآن موعد لمناقشته. وإلى أن يقر البرلمان القانون لا تقبل السلطات تسجيل عقد زواج مريام وبديع وآخرين مثلهما.
وكان المشنوق قبل تعيينه وزيرا من المدافعين بقوة عن الزواج المدني ويقول منتقدوه إنه بدل موقفه بعد أن صار في موقع السلطة.
لكن الوزير قال في مقابلة صحفية إنه شخصيا يؤيد الزواج المدني في لبنان لكن في إطار قانون يقره البرلمان لا بموجب قرار إداري.
وأضافت مريام قولها “هلأ نحن كنا مفكرين أنه نتزوج مدني برة يعني مثل كل العالم. بعدين عرفنا أن الزواج المدني بلبنان مشي وصار قانوني وأقرته وزارة العدل وتسجل 13 عرس. عرفنا هيدا الشي أنه خلاص لشو بدنا نسافر؟ نتزوج هون؟ هيدا كان المبدأ. يعني ما كنا عارفين أنه معقد وما كنا عارفين أن ما راح يمشي. لأن ها الشي مشي وخلص وصار تسجل أولاد وتسجلوا أزواج (بالانجليزية). ما توقعنا وقتها أنه راح يتبدل الوزير ويقف كل شي كأنه تبدل القانون مع أنه القانون ما تغير.” وتقول وزارة الخارجية اللبنانية إن 560 زواجا مدنيا للبنانيين عقدت في قبرص في عام 2014.
وسجلت السلطات بالفعل 13 عقدا لزيجات مدنية عقدت في لبنان منذ قرار الوزير السابق. لكن 30 زيجة أخرى منها زواج مريان وبديع لا تحظى باعتراف السلطات منذ تعيين المشنوق. وأصبح لبعض أولئك الأزواج أطفالا لا يستطيعون تسجيلهم رسميا لأن الزواج غير مسجل.
ومن هؤلاء الأطفال نتاشا ابنة رواد غطاس وزوجته رشا عزو.
وقال غطاس خلال مظاهرة احتجاج على موقف المشنوق في الآونة الأخيرة أمام مقر وزارة الداخلية في بيروت “هو صراع ما بين الطائفيين وما بين الناس الأحرار. هلأ إذا بدك الصراع يتجلى بهيدا المشهد الموجود. بنتي هي إنسان واللي موجود جوة (في مقر الوزارة) هو طائفي. بنتي هي حدا بيختار.. عنده خيار.. عنده حرية الخيار اللي بده إياه بينما اللي جوة هو مسير لا مخير. بنتي عندها كل الحرية تعمل كل اللي بدها إياه بحياتها.. اللي جوة ما عنده أي.. أدنى.. ما أنه قادر. حدا ابنته متزوجة مدني.. وحدا هو عامل مطالعة عن الزواج المدني. لما وصل لمنصب ما عنده القدرة يعبر عن رأيه. هيدا الفرق. هودي (هؤلاء) بخافوا من حرية بنتي بالمستقبل. بنتي هي اللي راح تكون حرة.. هي ومجموعة من الأطفال الموجودين.. هودي ناس أحرار.. بخافوا من هول بس.”
وكان قد شارك في المظاهرة التي انطلقت من أمام الجامعة الأمريكية في بيروت إلى وزارة الداخلية طلاب في الجامعة وأزواج وأطفالهم وبعض ذوي الاحتياجات الخاصة.
وقال توني داغر الذي تزوج مدنيا في لبنان ولم تقبل السلطات تسجيل عقد زواجه خلال المسيرة “نحن هون عم نتضامن مع رفقاتنا اللي هم طامحين ليصير فيه دولة مدنية. حتى نحل ها المشاكل اللي صار لنا أكثر من 40 سنة عايشين فيها. نحن بدنا نوصل لدولة مدنية لحتى نعيش بوطن لنا ولأولادنا وأولاد أولادنا. هيك ما منوصل إلى نتيجة إلا بدولة مدنية.” وقال خليل مراد الطالب بالجامعة الأمريكية وعضو النادي العلماني بالجامعة “نحن مطلبنا الأول والأساسي هو قانون موحد للأحوال الشخصية. طبعا فيه زيجات اليوم صارت على أساس ثغرة مثل ما قال المحامي طلال الحسيني بالدستور اللبناني. طبعاً نحن مع تسجيل ها الزيجات بس نحن برأينا هيدا ما أنه الحل المثالي. الحل المثالي للزواج المدني بلبنان.. ليتحقق الزواج المدني بلبنان وليتشرعن.. هو خلال قانون موحد للأحوال الشخصية.”
ولم يناقش مجلس النواب اللبناني مشاريع قوانين منذ وقت طويل.
ويؤيد بعض الساسة في لبنان الزواج المدني بينما يعارضه رجال الدين.
خدمة الشرق الأوسط التلفزيونية