أوسلو (الزمان التركية) – لم يخرج الرأي العام الأوروبي من صدمة الأئمة والمسؤولين التابعين لرئاسة هيئة الشؤون الدينية التركية، المتورطين في أعمال تجسس وتخابر على الأتراك المقيمين في كلٍ من ألمانيا وهولندا، حتى وجد نفسه أمام صدمة جديدة ولكنها هذه المرة في النرويج.
فقد كشفت مصادر أن المواطنين الأتراك الموالين لحزب العدالة والتنمية المقيمين في بعض المدن النرويجية، وبعض المسؤولين التابعين لهيئة الأوقاف النرويجية، طلب منهم تجهيز قوائم بأسماء المواطنين المنتمين لحركة الخدمة من خلال الحسابات الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”. حتى إن إمام الجامع الرئيسي في مدينة أوسلو اتهم المنتمين لحركة الخدمة بالإرهاب عن طريق حسابه على فيسبوك.
كان لألمانيا السبق في كشف هذه المخططات التركية للتجسس على المواطنين الأتراك على أراضيها، تبعها بعد ذلك هولندا، ومن ثم اتجهت البوصلة إلى النرويج، التي كانت سببًا في طرح علامة استفهام كبيرة: “هل حزب العدالة والتنمية يستخدم أئمة الجوامع التابعين لهيئة الشؤون الدينية التركية في دول الاتحاد الأوروبي في أعمال تجسس؟”.
فقد كان من اللافت منشورات “يوسف ويكسال” أمين جامع الاتحاد الإسلامي التركي في مدنية أوسلو التابع لوقف الشؤون الدينية في النرويج وأحد كتاب الموقع الرسمي للمؤسسة، التي فضحت تورطه في أعمال تخابر؛ إذ حرَّض أعضاء إحدى المجموعات الاجتماعية التي أنشأها على الفيسبوك باسم “أتراك النرويج” على القيام بأعمال التجسس والتخابر. فقد كان ينشر روابط لموقعٍ ما داعيًا متابعيه لكتابة البيانات الخاصة بمن يشتبهون في انتمائه لحركة الخدمة، قائلًا: “أبلغوا عمن تعرفونهم من إرهابيي حركة الخدمة”.
وكان من بين هؤلاء أيضًا، إمام جامع الاتحاد الإسلامي التركي في مدنية أوسلو التابع لوقف الشؤون الدينية في النرويج، موسى جاليجي، إذ نشر على حسابه على فيس بوك عقب محاولة الانقلاب في 15 يوليو/ تموز 2016: “فليقهر الله – باسمه تعالى القهَّار- المسلحين الإرهابين التابعين لحركة الخدمة والداعمين لهذه المحاولة”. وأضاف: “إن القضية كبيرة، يجب إفساد هذا المخطط متيقظين جيدًا ومتحدين”.
أمَّا مصطفى صمد تشاتين تاش من مدينة ستافانفر بالنروج، فقد وجه السباب لأعضاء حركة الخدمة في النرويج عن طريق حسابه على الفيسبوك، قائلًا: “إنهم عديمو الشرف أعضاء حركة الخدمة في النرويج…”. ونشر عددًا من روابط البريد الإلكتروني للإبلاغ من خلالها عن أعضاء الحركة في النرويج، قائلًا: “أنتم أيضًا لا تقفوا مكتوفي الأيدي. أرسلوا أسماء وبيانات من تعرفون أنه من أعضاء حركة الخدمة سواء في تركيا أو في النرويج”.
إلغاء ومصادرة جوازات سفر الأتراك
كما أقدمت السلطات التركية على إلغاء جوازات السفر الخاصة بعائلات وأسر المواطنين الأتراك التابعين لحركة الخدمة في النرويج، وأشارت مصادر إلى أن مقربين ومتعاطفين من حركة الخدمة تلقوا رسائل من قبيل: “إن أسماءكم أرسلت إلى السلطات التركية؛ إذا جئتم إلى تركيا سيتم اعتقالكم فورًا”.
عمليات ضد المتخابرين الأتراك في ألمانيا وهولندا
بدأ الساسة الألمان والهولنديون يتحركون ضد ممارسات الأئمة الأتراك المتورطين في عمليات التجسس والتخابر ضد حركة الخدمة وأعضائها المتواجدين على أراضيها.
فقد تقدَّم نائب حزب الخضر الألماني، فولكار بيك، ببلاغٍ خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، للتحقيق في الادعاءات المنتشرة في الفترة الأخيرة حول تورط الأئمة التابعين للاتحاد التركي الإسلامي للشئون الدينية في أعمال تجسس وتخابر ضد أعضاء حركة الخدمة في الولايات الألمانية الختلفة لصالح الحزب الحاكم في تركيا.
13 إماماً على الأقل يمارسون التجسس
بدأت السلطات الفيدرالية الألمانية في التحقيق في ادعاءات تورط الأئمة الأتراك التابعين للحكومة التركية على أعضاء حركة الخدمة، موضحة أن تحقيقاتها كشفت عن وجود ما لا يقل عن 13 إمامًا متورطًا في القضية قاموا بإرسال معلوماتٍ عن 33 شخصًا و11 مؤسسة تعليمية في البلاد إلى هيئة الشؤون الدينية في تركيا.
مداهمة منازل 4 أئمة تابعين لمؤسسة الشؤون الدينية لتركية
داهمت القوات الأمنية الألمانية أربعة منازل تابعة للأئمة الأتراك العاملين لدى الاتحاد الإسلامي التركي في ألمانيا التابع لرئاسة الشؤون الدينية التركية، بتهمة “التجسس” والقيام بأنشطة استخباراتية.
وفي بيان نشرته في موقعها الإلكتروني، أعلنت النيابة الاتحادية العامة في ألمانيا أنها أصدرت أوامر للشرطة لاقتحام منازل أربعة من الأئمة الأتراك في ولايتي شمال الراين-وستفاليا وراينلاند بفالز، وذلك بتهمة “التجسّس لصالح دولة أجنبية” والمخالفة للمادة 99 من القانون الألماني.
وزير هولندي: يجب على الضحايا التقدم ببلاغٍ أمام السلطات
طالبت نائبة الوزير المسؤول عن الشؤون الاجتماعية في هولندا، جيتَّا كليجنسيما، المواطنين الأتراك الذين تعرضوا لعمليات التصنيف والرصد من قبل الأئمة بالتقدم ببلاغ أمام السلطات المختصة.
بينما وصف بيتر هيرما نائب الحزب الديمقراطي المسيحي الأئمة الجواسيس بـ”الذراع التركية الطويلة”. وطالب الحزب الحكومة الهولندية بطرد الملحق الديني التابع للسفارة التركية في هولندا.
في حين أصدرت هيئة الشؤون الدينية التركية تصريحًا مقتضبًا، موضحة أن الاتهامات الموجهة للأئمة مجرد “ادعاءات لا أصل لها”.
وأكَّد الاتحاد التركي الإسلامي للشئون الدينية صحة اتهامات التجسس، مقدمًا اعتذارًا للسلطات الألمانية. فقد أكَّد الأمين العام للاتحاد بكر ألبوغا في حوار صحفي له مع جريدة “Rheinische Post” المعلومات التي توصلت لها التحقيقات حول إرسال الأئمة الأتراك معلومات حول أعضاء حركة الخدمة لصالح الحكومة التركية في أنقرة.