إسطنبول (زمان عربي): على الرغم من فشله في محاولاته المتكررة لإقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأووربي والدول الأفريقية بمزاعمه حول حركة “الخدمة” التي تستلهم فكر المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن يحاول الرئيس رجب طيب أردوغان هذه المرة إقناع العالم العربي بأن حركة الخدمة هى “تنظيم إرهابي”.
وسبق أن فشل أردوغان في تحقيق أي نجاح من خلال حملة التشويه والاضطهاد والكراهية التي قادها بنفسه ومعه حكومة العدالة والتنمية والمستمرة منذ 3 سنوات في وصم حركة الخدمة بالإرهاب من أجل التستر على فساده الذي كشفته تحقيقات 17-25 ديسمبر/ كانون الأول العام 2013.
فبعدما فشل في إقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومؤخرا العديد من دول القارة الأفريقية التي قام بزيارتها، بأن حركة الخدمة هي تنظيم إرهابي، يسعى أردوغان إلى تحقيق ما فشل فيه ولكن هذه المرة في العالم العربي عبر السفارات والدبلوماسيين الأتراك في الدول العربية.
وتلقى أردوغان ضربة من واشنطن عقب إعلانه حركة “الخدمة” تنظيما إرهابيا، جاءته على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي الذي أعلن موقف أمريكا الرسمي في هذا الصدد من خلال رده على سؤال يتعلق بحركة الخدمة قائلا: “لا نراها تنظيما إرهابيا”.
كما أعلنت الحكومة الألمانية الشهر الماضي أن حركة “الخدمة” ليست على قائمة التنظيمات الإرهابية في الدول الأوروبية وبالتالي فهي أيضا ليست على لائحة التنظيمات الإرهابية في ألمانيا.
وعلى الجانب الآخر كانت شخصيات بارزة كالرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون شاركوا بأنفسهم أو أرسلوا رسائل دعم لمهرجان اللغة والثقافة التركية الدولي الذي تنظمه حركة الخدمة حول العالم.
فضيحة الفساد والرشوة الكبرى في تركيا
في السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول عام 2013 تبيّن أن 4 وزراء أتراك وأبناءهم تلقّوا رشوة من رجل الأعمال التركي من أصل إيراني رضا ضراب بعلم من رئيس الوزراء آنذاك، أردوغان، وعلى خلفية هذه الاتهامات أطلق المدعون العموم الجمهوريون في تركيا أضخم تحقيقات فساد ورشوة في تاريخ تركيا. ولفزعه الشديد اتّهم أردوغان المدعين العموم وقيادات الأمن المشاركين في تلك التحقيقات بمحاولة الانقلاب على الحكومة فقام بنقل مئات القضاة ومدعي العموم والآلاف من رجال الأمن من منصابهم بينما أقال البعض الآخر.
ومنذ تحقيقات الفساد والرشوة في 17-25 ديسمبر/كانون الأول عام 2013 وتركيا تبتعد عن عضوية الاتحاد الأوروبي وتواصل الانزلاق من بنية الدولة الديمقراطية إلى النظام الديكتاتوري.
وخلال هذه الفترة، وحتى الآن، استولى أردوغان بدون وجه حق على شركات خاصة وجمعيات وقفية وجامعات ومدارس وهيئات تعليمية وإعلامية من خلال فرض الوصاية عليها لرفضها دعمه ومبايعته وكشفها علاقته بالفساد والرشاوي والتنظيمات الإرهابية.
كما استولى أردوغان أيضا على صحيفة وقناة بوجون “Bügün” وقناة” كنال ترك “KanalTürk” وقناة سمانيولو “Samanyolu” وصحيفتي “زمان” و”تودايز زمان” “Today’s Zaman” ووكالة جيهان للأنباء والعديد من المؤسسات الإعلامية المعارضة وأوقف بثها ونشرها.
وفي عهد أردوغان تراجعت تركيا من كونها دولة نموذجا في الحقوق الفردية والحريات إلى دولة لا تعترف بحق الحياة لمؤسسات المجتمع المدني.
وأعلن أردوغان حركة “الخدمة” التي تقدم خدمات تعليمية في العديد من الدول حول العالم، تنظيما إرهابيا وبدأ حملة لدفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأفريقيا إلى الاعتراف بجماعة الخدمة تنظيما إرهابيا.
وعقب تصريح الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي “بأننا لا نرى جماعة الخدمة تنظيما إرهابيا” بدأ أردوغان حملة لإغلاق مدارس الخدمة في الدول العربية ببث فكرة أن جماعة الخدمة تنظيم إرهابي من خلال السفارات وبعض العناصر الاستخباراتية.
ومن المنتظر أن يحصل أردوغان، الراغب في إدراج حركة “الخدمة”، التي لا علاقة لها بأي حزب سياسي والتي تعارض الإسلام السياسي ولم تتورط في أية أعمال عنف أو أحداث بالشارع، وتقوم فقط بفعاليات تعليمية، بقائمة التنظيمات الإرهابية في الدول العربية على الرد نفسه الذي حصل عليه من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن الضغط الدبلوماسي الذي يمارسه أردوغان، الذي يعاني من مشاكل مع العالم العربي نتيجة لتدخله في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، سيؤدي إلى تراجع العلاقات مع العالم العربي من جديد بعد أن بذلت الحكومة التركية جهودا مضنية في الأشهر الماضية لإصلاح ما أفسدته تدخلات وتصريحات أردوغان وإعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع العالم العربي.