أنقرة (الزمان التركية): يستمر الانقلاب المضاد لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بكل قسوة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في الخامس عشر من يوليو/ تموز الماضي.
فقد تم اعتقال 20 ألفا و355 شخصاً وتوقيف 40 ألفا و29 شخصاً وإقالة 79 ألفا و900 موظف حكومي وإغلاق 35 مستشفى و1061 مدرسة و823 سكناً طلابياً و1125 جمعية، بحسب المعلومات الصادرة عن رئيس الوزراء بن علي يلدرم.
أحد هؤلاء الضحايا هو إبراهيم أدهم كوريش، النائب العام السابق في العاصمة أنقرة الذي اعتقل بعد توقيفه في التاسع عشر من يوليو/ تموز الماضي. تولى كوريش المنصب في عام 2010 وأداره بنجاح لنحو 3 سنوات وعلى الرغم من علاقاته الطيبة بالسلطة لفترة طويلة أدرج في القائمة السوداء بسبب عدم تستره على الفساد في قضية”دنيز فنري” في ألمانيا الذي كشف فساد السلطات التركية.
وأعقب هذه الواقعة أزمة شاحنات المخابرات التركية التي ترسل السلاح إلى سوريا في السابع من فبراير/ شباط وهى القضية التي تسببت في تنزيل رتبته وتعيينه نائبا عاما في أنطاليا في مارس/ آذار عام 2013 لعدم انصياعه إلى رغبة السلطة في تلك القضية.
وبعد مرور فترة ظهرت قضية تحقيقات الفساد في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول عام 2013 أعقبها تعيينه نائبا عاما في محكمة سكاريا، بعدها بفترة قصيرة أرسل إلى محكمة الأناضول في إسطنبول بصفته مدعياً عاماً.
وأثناء عمله في أدابازاري شُخِّص كوريش كمصاب بسرطان المخ وظل لأكثر من عامين يتلقى العلاج الكيميائي لينهار جسده بشدة، حيث بات عاجزاً حتى عن مغادرة المنزل.
بعد توقيفه في التاسع عشر من يوليو/ تموز الماضي تقرر حبس كوريش بتهم “الانتماء لتنظيم إرهابي” و” والسعي للإطاحة بالحكومة التركية باستخدام العنف والإكراه أو محاولة عرقلتها عن القيام بمهامها بشكل جزئي أو كلي”. وليس من المعروف بعد متى عثر كوريش، الذي يصارع مرضا خبيثا منذ فترة طويلة، الفرصة للمشاركة في تلك المحاولة الانقلابية المشؤومة نظرًا لعدم وجود أي دليل إدانة بحقه.
ويروي صديق اعتقل معه وضعه الصحي بقوله: “قبل التوقيف كان السرطان قد أصاب عينه وبدأ في فقدان الرؤية. لذا تلقى علاجاً كيميائياً. والآن يعالج بالأدوية. في الوضع العادي يجب عدم إصدار حكم اعتقال بحقه نظراً لوضعه الصحي لكن للأسف لم يسمحوا بهذا”.
في الأنظمة القانونية الطبيعية يتم إخلاء سبيل شخصٍ يصارع مرضاً كهذا أيا كان الجرم الذي ارتكبه. لكنه أرسل مباشرة إلى سجن سيليفري شديد الحراسة في ضواحي إسطنبول دون الأخذ بعين الاعتبار ما إن كان هناك دليل إدانة أم لا.
والآن يصارع للبقاء على قيد الحياة في ظل الظروف القاسية لسجن سيليفري. لا نعلم ما إن كان القضاة الذين أصدروا هذا القرار ينعمون بنوم هادئ ومريح أم لا لكنهم بدون شك أصبحوا وصمة عار في تاريخ القضاء لتصديقهم على قرار مخزٍ كهذا.