أنقرة (الزمان التركية) – في الخامس عشر من يوليو/ تموز الماضي شهدت تركيا أحد أغرب المحاولات الانقلابية في التاريخ حيث ظهرت حقيقة جديدة حول الانقلاب تفيد بأن قناة موالية لأردوغان بثت البيان العسكري قبلأن يعلن العسكر البيان العسكري في الموقع الرسمي للجيش والقناة الحكومية.
فاتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فتح الله كولن بتدبير المحاولة الانقلابية خلال الدقائق الأولى من اندلاعها، ومن ثم إعلانها عشية الانقلاب أنه علم بأمر الانقلاب بعد الظهيرة، ثم تراجعه عن ذلك وإعلانه على قناة سي إن إن الدولية أنه وصله خبر الانقلاب في حوالي الساعة الثامنة مساء، من ثم إخباره قناة الجزيرة أنه تلقى مكالمة هاتفية من صهره في حوالي الساعة الرابعة أو الرابعة والنصف عصرا حول الانقلاب هى بعضٌ من التناقضات المتعلقة بالمحاولة الانقلابية.
ولا تقتصر الشكوك بشأن محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو/ تموز الماضي على هذه الأمور فقط، فالعديد من التقويمات التي طبعتها قناة تي آر تي الرسمية ومؤيدي النظام الحاكم قبل الخامس عشر من يوليو/ تموز أظهرت هذا اليوم كعطلة رسمية. كما أن تقدم شركة “بانا” للإنتاج السينمائي المعروفة بقربها لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في الرابع عشر من مايو بطلب براءة اختراع لفيلمها “وادي الذئاب: الانقلاب” الذي اختارت اسمه في الثامن عشر من مايو أي قبل نحو شهرين من محاولة الانقلاب زاد من الشكوك والشبهات حول معرفتها المسبقة بأمر الانقلاب.
وتساءل الكاتب الصحفي التركي يلماز أوزديل عبر تغريدة نشرها بحسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلاً: “كيف تمكنت قناة A Haber (قناة أردوغان) من بث بيان الانقلاب في الساعة 23:23 أي قبل 82 دقيقة من نشره على الموقع الرسمي للجيش التركي في تمام الساعة 00:45 وكذلك قبل قراءة البيان العسكري من قبل مذيعة تيجان كرتاش في الساعة 00:02 في قناة تي أر تي الحكومية؟
كيف يحدث الانقلاب الحقيقي؟
أحداث محتملة في الانقلاب الحقيقي:
1- أهم شئ هو السيطرة على القادة الساسيين الذين يقودون الحكومة وزعماء الأحزاب الأخرى، لكن الساسة كانوا يجوبون القنوات.
2- ثاني أهم شئ هو السيطرة على وسائل الإعلام والتواصل (القنوات التلفزيونية وإذاعات الراديو والإنترنت والهواتف والصحف)، لكن القنوات التلفزيونية في تلك الليلة كانت كلها عاملة وأجرت حوارات مع مسؤولي الحكومة والرئيس أردوغان.
3- انطلاقة الانقلاب لاتكون في تمام الساعة 10:30 التي يكون الجميع فيها لا يزالون مستيقظين، بل تتم دائما قرب الفجر ، ويتم حينها الاستيلاء على جميع المؤسسات والمواقع المهمة.
4- لم يخرج الجنود الانقلابيون إلى الشوارع في كل محافظات البلاد وإنما اقتصر خروجهم على عدة مدن مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، حيث شوهدت مجموعة قليلة من الجنود على جسر البوسفور المعلق وفي المطار وبعض أجزاء العاصمة أنقرة.. وفور قدوم مؤيدي حزب العدالة والتنمية انسحبوا من هذه الأماكن أيضًا.
5- أهم قاعدة في تركيا وهى القاعدة الجوية الأولى بمدينة أسكيشهير لم تشهد أية تحركات. المسرحية بأكملها تمت ببعض الدبابات والمروحيات والمقاتلات. كانت توجد تحركات في الصباح لكن تبين فيما بعد أنه تم إسقاط مروحية من قبل طائرات القاعدة.
في الواقع يوجد كثير من الأمور لسردها لكن الواضح والجلي هو أن ما حدث ليس انقلابًا إطلاقًا. إذن ماذا كان إن لم يكن انقلابا؟ سأقول شئًا غريبًا آخر، ألا وهو أن الجنود نفذوا خطة رديئة جدًا بأداء هزيل جدًا بحيث جرت أحداث لا علاقة لها بالمستوى الاحترافي المتراكم من تراث انقلابي عريق لمؤسسة عسكرية كالمؤسسة التركية، ما يعني أنهم لم يكونوا على علم بما كانوا يفعلونه. هل هؤلاء هم الجنود الذين سيحمون تركيا من الحرب وسيضمنون لنا أن نؤدي الصلاة في دمشق مثلما قال البعض؟”
إنما الانقلاب الحقيقي يحدث إذا كان الجيش بأكمله على دراية بأمر الانقلاب، ويعتقل كل المعارضين حتى الصباح، وتعمل كل من القوات البرية والجوية والبحرية بصورة متزامنة، كما يفرض سيطرته على المباني الإدارية الرئيسة (الوزراءات والبلديات ومباني الحكام الإقليميين وماشابهها)، إضافة إلى السيطرة على وسائل الإعلام ومداهمة الشوارع والأماكن المهمة لمنع حدوث مقاومة مجتمعية بالإضافة إلى اعتقال الشخصيات السياسية”.
الواقع أن كل الأمور المذكورة أعلاه قام بها الرئيس أردوغان في صبيحة الانقلاب الفاشل من خلال انقلابه المدني المضاد حيث سيطر على كل مؤسسات الدولة والحياة الاجتماعية بعد عزل وإقالة جميع غير المرغوب فيهم، سواء كانوا في القطاع العام أو الخاص، ولذلك فهو محق في وصفه لهذه المحاولة الانقلابية الفاشلة بأنها لطف وهدية إلهية.. نعم إنها هدية إلهية لأردوغان”!
تقرير علي عبد الله التركي من جريدة الزمان التركية