أنقرة (الزمان التركية): تتزايد بمرور الوقت الأنباء الواردة بشأن ممارسات التعذيب والمعاملات غير الإنسانية التي تشهدها السجون التركية. أمين تشولاشان، كاتب صحيفة “سوزجو”، المعروف بأفكاره العلمانية، تناول في مقاله أحد الرسائل الواردة إليه.
أفاد تشولاشان بأنه يرى أن العديد من الأبرياء والعاجزين يتعرضون للظلم بسبب الأحداث الأخيرة التي تشهدها تركيا، مطالباً أجهزة الدولة بالإسراع في إيجاد حل لهذا الوضع. وأضاف أنه تجب محاكمة كلُّ من ارتبط اسمه بالإرهاب، ولن يعترض عندئذٍ أحد ما لم تنتهك الحقوق والقوانين، غير أنه ليس من الممكن تقبّل اضطهاد أناس أبرياء لا ذنب لهم إطلاقاً.
وأوضح تشولاشان أنه يتلقى العديد من الرسائل في هذا الصدد، مؤكداً أنه يتوجب عليه من الناحية الإنسانية عرض بعض هذه الرسائل على القراء والمتابعين.
وأورد تشولاشان بعض الرسائل الواردة إليها في مقاله على النحو التالي:
” مرحباً! زوجتي “نور حيات يلدز” تبلغ من العمر 29 عاماً وهي ربة المنزل. في التاسع والعشرين من أغسطس، توجهت من مدينة سنوب إلى سامسون من أجل الفحص الطبي الروتيني نظراً لكونها حاملاً في أسبوعها الرابع عشر. وجاءت الشرطة لتفتّش الحافلة التي ركبتها للذهاب إلى سامسون. وبعد أن اقتادتها الشرطة إلى محكمة سنوب بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي بدليل تطبيق هاتفي لم نسمع به من قبلُ، يسمى تطبيق بايلوك . فجأة أصبحت زوجتي عضوة في تنظيم إرهابي! وعلى الرغم من التأكيد على أنها لا تنتمي لأي جماعة إرهابية، ولم تستخدم التطبيق المزعوم أبداً، وإخبارها المعنيين بأن هاتفها أمامهم ورقمها معلومة، إلا أن السلطات اعتقلتها وزجّت بها في سجن سنوب.
وهذه كانت المرة الأولى التي تحمل فيها زوجتي، بعد مرور ثلاث سنوات على زواجنا، وكنا سنرزق بتوأم. كنا نجري الفحوصات الطبية بحرص شديد، ونفعل أقصى ما يمكننا فعله لتحظى بفترة حمل سليمة صحية. لم تكن تعاني من أي مشاكل صحية حتى اليوم الذي اعتقلت فيه. لكنها اضطرت إلى أن تعيش في أسبوعها الرابع عشر في ظل ظروف السجن الصعبة. ونظراً لكونها حاملاً لتوأم فإن الظروف المعيشية كانت أكثر أهمية من أي حمل عادي. كل ما أردته هو الإفراج عنها، مع إخضاعا للرقابة القانونية، وأن تأتي يومياً للتوقيع في مركز الأمن، لكي لا يتعرض الحمل للخطر.. أردت وطلبت ألا تبقى والدة تحمل في بطنيها روحي طفلين خلف قضبان حديدة. لكن رفضت كل الاعتراضات التي تقدمنا بها استناداً إلى التقارير الطبية، وإلى كونها حاملاً لتوأم، بل حتى لم يلقوا نظرة على هذه الاعتراضات.
الثامن من الشهر الجاري كان اليوم الأربعين على دخولها السجن والأسبوع التاسع عشر في حملها. وللأسف فقدنا توأمنا. روحان لم تفتحا عينيهما على العالم بعدُ صارعتا للبقاء على قيد الحياة داخل عنبر يضمُّ 25 شخصاً لكنهما لم تنجحا. وباعتباري مرشحاً للأبوة، احترق قلبي وكأنه أطلقت رصاصة على دماغي. حرتُ في أمري ولم أدرِ ما أفعله. هل حياة الإنسان رخيصة بهذا القدر؟ ألم زوجتي على فقدان الطفلين كان أوجع. مكثت يومين في المستشفى تحت رقابة قوات الدرك. حدث ما حدث وفقدنا ثمرة زواج بدأ قبل ثلاثة أعوام. وتدهورت صحة زوجتي البدنية والمعنوية. ففي الوقت الذي كان ينبغي أن تبتعد عن الضغط العصبي وضعوها خلف القضبان من جديد. أعادوها مرة أخرى خلف القضبان وهى لم تتجاوز بعد صدمة فقدان الطفلين. الاعتراضات والتقارير الصحية وفقدان التوأم لم تكفِ. ماذا ستفعل زوجتي هناك بتلك الحالة النفسية؟ ومن سيدفع الثمن إن أصابها أيضاً مكروه؟
كل هذه المأسات بدأت بتوجيه السلطات تهمة شفاهية تمثلت في استخدام ذلك البرنامج. لم يكترثوا لإفادة زوجتي ولم يُقدموا أي دليل يثبت استخدامها للبرنامج؛ لأنها لم تستخدمه بالفعل. لكن يستمر اعتقالها وسجنها بسبب هذه التهمة. في الوقت الراهن تصارع أم فقدت طفليها التوأم للبقاء على قيد الحياة هناك. أنا عاجز عن فعل شئ وأشعر بالقلق الشديد تجاه الوضع النفسي والصحي لزوجتي. سأكون ممتناً إن قدمت لنا يد العون.
……
تشولاشان: هذه هذه القصة .. ماذا ينبغي عليه أن يفعل يا ترى؟ هذه دراما إنسانية… اتصلت بزوج السيدة نور حيات، وكان خائفاً بطبيعة الحال، ولم يكن يرغب في ذكر اسمه.
قصة مأساة أخرى بلغت تشولاشان
إلى اليوم لم نؤيّد إلا حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتابعنا وسائل الإعلام المحافظة، ووقفنا على مسافة منكم (أي الكاتب تشولاشان). كان نجلي يعمل كاتب عدل في المحكمة، وقبض عليه. لدينا تقارير من مستشفيات حكومية تفيد أنه معاق بنسبة 75 في المئة، وأنه يستخدم حفاضات. التهمة الموجهة إليه استخدامه تطبيق “Bylock”. لم يستخدم أبداً هذا الشئ الذي لاندري حتى ماذا يكون. لم يتم العثور على أي شئ يخص حركة الخدمة خلال عمليات تفتفيش منزلي. نجلي يعاني من إعاقة في قدمه اليسري، فقد خضع لعمليتين جراحيتين فيها. ويتمكن من تحريك قدمه بمساعدة المسامير. كما خضع لأربعة عمليات جراحية بسبب التصاق والضغط الموجود على أعصاب الحبل الشوكي. وعلى الرغم من ذلك لا يستطيع التحكم في عملية الإخراج (يتبول على نفسه). فهو يعاني من إعاقة دائمة ويضطر لاستخدام الحفاضات على الرغم من بلوغه الخامس والعشرين. نجلي لا يستطيع العيش داخل السجن بدون عناية والدته. نطالب بإصدار تقارير صحية من جديد. نطالب بنقله إلى مستشفى متكامل الخدمات. لكن كل الأبواب تُغلق في وجهنا.
ننتظر الفرج عاجزين… من فضلكم أسمِعوا وأوصلوا صوتنا للمعنيين.
أرجو أن لا تذكروا اسمي.
…..