أنقرة (الزمان التركية) – تثار التساؤلات منذ فترة طويلة حول موقف كل من الرئيس التركي ورئيس الوزراء السابقين عبد الله جول وأحمد داود أوغلو من التعديلات الدستورية التي تتضمن تحويل نظام الحكم في البلاد من البرلماني إلى الرئاسي والتي يسعى الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان إلى حسمها بالاستفتاء المقبل في السادس عشر من أبريل/ نيسان المقبل.
وبالرغم من أن كلا من جول وداود أوغلو لم يعلنا في أي مناسبة سابقة بشكل مباشر رفضهما أو تأييدهما للنظام الرئاسي المثير للجدل والذي يلقى انتقادات كبيرة من المعارضة التركية، إلا أن أطرافا عديدة رجحت عدم اقتناعهما بالسياسات التي يتبعها أردوغان في الآونة الأخيرة وخاصة مساعيه لتمرير التعديلات الدستورية وتوسيع صلاحياته التنفيذية بشكل كبير.
ومع انطلاق الحملات الرسمية لحزب العدالة والتنمية لدعم التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء، بدأت تظهر مؤشرات رأى فيها البعض دليلاً قوياً على موقفهما الرافض للاستفتاء أو بالحد الأدنى رفضهما أن يكونا جزءا من الحملات التي تسعى لحشد الشارع للتصويت مع أو ضد النظام الرئاسي..
وظهر أبرز هذه المؤشرات أول من أمس السبت عندما لم يشارك كل من جول وداود أوغلو في المهرجان الأول والأضخم لحزب العدالة والتنمية الحاكم للإعلان عن انطلاق الحملة الرسمية للحزب لدعوة الشعب التركي للتصويت بنعم في الاستفتاء المقبل، وباستثنائهما حضر جميع وزراء ونواب الحزب من الجدد وغالبية السابقين وجميع الشخصيات المقربة منه والداعمة له.
وقبل أيام من المؤتمر أُعلن أن داود أوغلو وجول أنهما لن يشاركا في المهرجان بسبب وجود الأول في السعودية لأداء العمرة والأخير ضمن برنامج له خارج البلاد، وهو مبرر لم يتقبله الشارع التركي والمراقبون الذين اعتبروا الأمـــر مؤشــراً قوياً على رفضــهما الخوض في حملات دعم التعديلات الدستورية حتى وإن لم يعلنا معارضتهما لها.
ولم ينض جول وداود أوغلو إلى الحملة الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تمثلت في إصدار فيديو يقول كل مشارك فيه «أنا موجود من أجل تركيا قوية سوف أصوت بنعم في الاستفتاء»، وهي الحملة التي شارك فيها جميع الوزراء والنواب وقيادات الحزب وعدد كبير من مؤيديه.
ومع أن عبد الله جول يعتبر من أبرز المؤسسين الأوائل لحزب العدالة والتنمية إلى جانب أردوغان، إلا أنه أبدى العديد من المواقف في السابق تعبر عن رفضه لبعض السياسات التي يتبعها أردوغان خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المعارضين لسياساته سواء من خارج أو داخل الحزب، ولاحقاً عمد أردوغان إلى إسقاط اسمه من قائمة القادة المؤسسين للحزب.
كما يعتبر داود أوغلو أو كما يسميه مناصروه «الخوجة» أو الأستاذ من أبرز قيادات الحزب ويمتلك قاعدة شعبية مهمة في الشارع التركي واضطر لتقديم استقالته من رئاسة الوزراء ورئاسة الحزب بضغط مباشر من أردوغان بعد أنباء عن خلافات واسعة بينهم حول العديد من الملفات منها سياسات الحكومة في التعامل مع دول الجوار والاتحاد الأوروبي، لكن السبب الأساسي كان حسب العديد من المراقبين هو رفض داود أوغلو لمساعي أردوغان آنذاك في البدء بالعمل على إجراء تعديل دستوري يحول نظام الحكم في البلاد من البرلماني إلى الرئاسي.
وبعد ذلك قام أردوغان بتعيين بن علي يلدريم في رئاسة الحزب والوزراء لانجاز المهمة الموكلة إليه وهي التفرغ والعمل من أجل تمرير التعديلات الدستورية وهي المهمة التي رفضها داود أوغلو وأدت إلى الإطاحة به بشكل أساسي.
ومنذ أن أطاح به أردوغان من رئاسة الوزراء والحزب اعتاد داود أوغلو على عدم الظهور في الإعلام إلا في مواقف نادرة مع رفضه الحديث حول العديد من الملفات الحساسة في البلاد لا سيما المتعلقة بسياسات أردوغان.
وفيما قالت تقارير إعلامية سابقة إن أردوغان ربما يلجأ إلى اتهام عبد الله غُل بالانتماء أو دعم حركة الخدمة وزعيمها فتح الله غولن المتهم حالياً بقيادة تنظيم إرهابي ومحاولة الانقلاب في حال أبدى معارضة علنية له، يرى مراقبون أن هاجس هذه التهمة نفسه بات يواجه داود أوغلو بقوة وهو ما يمنعه من أبداء أي نوع من المعارضة أو الانتقاد العلني لسياسات الرئيس القوي