أنقرة (الزمان التركية) – يبدو أن واقعة اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة، أندريه كارلوف، على يد حارسه مولود الطنطاش، لن تنته تداعياتها حيث تتكشف كل يوم حقائق جديدة حولها.
فقد انتشرت صور للشيخ “نور الدين يلديز” الذي اعتاد الطنطاش التردد على دروسه، مع أبو “عبد الله الحموي” زعيم حركة أحرار الشام المعروفة بعلاقتها مع تنظيم جيش فتح الشام في سوريا.
وبحسب موقع “أكتيف خبر” التركي، فإن زعيم حركة أحرار الشام، أبا عبد الله الحموي، لقى حتفه بنهاية عام 2014، خلال هجوم على مدينة إدلب خلف العديد من القتلى أثناء اجتماع عدد كبير من قادة التنظيم.
وأوضح الموقع التركي أن الشيخ نور الدين يلديز التقط صورا مع أبي عبد الله الحموي، في قرية “بنش” التابعة لمدينة “إدلب” السورية التي يتخذها تنظيم أحرار الشام مركزا له.
وأشار الموقع إلى أن الشيخ نور الدين يلديز نشر خطاب تعزية بعد وفاة أبو عبد الله الحموي أواخر عام 2014، مؤكدا أنه اعترف في هذا الخطاب بلقائه مع أبي عبد الله.
ويقول الشيخ يلديز في القطعة الأولى من خطابه: “وصلنا إلى أحد البيوت المتواضعة في قرية بنش في محافظة إدلب السورية، لم نستطع أن نميز أبو عبد الله الحموي بين رجال عظماء يجلسون على أرائك تاركين أسلحتهم جانبا. كان متواضعا وكأنه آخر من سيتحمل مسئولية الأمة من الرجال، كان رزينا بما يكفي ليكون قائدا يحمل هذه المهمة على عاتقه. كان وقورا يلعب في لحيته الرقيقة السوداء من حين لآخر. جلست مع هذا المسلم المملوء بالثبات والاستقامة وتناولنا الطعام، وتحدثنا عن الجهاد والمجاهدين”، على حد تعبيره.
وأثنى نور الدين يلديز في خطابه على أبي عبد الله الحموي، وقدراته في المعارك وكيفية تحويل مسارها إلى صالحه وتحقيق الانتصارات، مؤكدا أنه “استشهد” هو ورفاقه في إدلب وأنها خسارة كبيرة في صفوف المجاهدين.
يذكر أن الشيخ نور الدين يلديز أصبح في مأزق لا يحسد عليه عقب حادث اغتيال السفير الروسي في أنقرة؛ بعد أن كان يذهب إلى سوريا ويدخل في صفوف حركة أحرار الشام في ظل العلاقات الوطيدة التي كانت في تلك الفترة بين حزب العدالة والتنمية وأجهزة الاستخبارات التركية وتلك الجماعات.
وظهر ذلك جليا عندما اتخذ قرارا بتجميد دروسه واجتماعاته بحي “بايرام باشا” في العاصمة أنقرة، وجهوده لإخفاء علاقته بحركة أحرار الشام، الأمر الذي تبعه مسح وحذف جميع صور نور الدين يلديز مع الحموي من محرك البحث جوجل؛ إلا أن الأقدار شاءت أن تنسى صورة صغيرة له على موقع تايم تركي TimeTürk الإسلامي المقرب من الحزب الحاكم.
يذكر أن وكالة أخبار “سبوتنيك” الروسية، قد نشرت خبرا بتاريخ 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، تقول فيه إن حركة أحرار الشام توصلت لاتفاق جديد مع جبهة النصرة (التي أعلنت انفصالها عن تنظيم القاعدة وإعادة تشكيل صفوفها تحت اسم جيش فتح الشام). كما انضم جند الأقصى لجيش فتح الشام، وأوضح أحد قادة أحرار الشام توصلهم لاتفاق جديد مع جيش فتح الشام. وكذلك دعا جند الأقصى أنصاره للتعاون مع جيش فتح الشام بعد إعلانه عن توصله لاتفاق معه.
رويترز: أحرار الشام المدعوم من تركيا يزداد قوة
ومن جانبها، قالت وكالة أخبار رويترز، في سبتمبر/ أيلول 2015، إن حركة أحرار الشام المدعومة بقوة من جانب تركيا، تحولت إلى ثاني أقوى التنظيمات المعارضة في سوريا بعد تنظيم داعش.
وبحسب الوكالة فإن حركة أحرار الشام تمكنت من إعادة ترتيب صفوفها بعد مقتل قادتها العام الماضي، مشيرة إلى أنها بدأت تلعب دورا مهما في الحرب الداخلية السورية.
وتربط الكاتبة والباحثة مريم قاروني من مكتب وكالة رويترز بالعاصمة اللبنانية “بيروت” سر قوة أحرار الشام في تقرير لها، إلى النقاط التالية:
– سيطرة فصائل المعارضة السورية على منطقة باب الهوى (معبر حدودي مع تركيا) نقطة الاتصال القانونية الوحيدة بين الطرفين.
– قوة صفوفها في محيط مدينتي حلب وإدلب.
– دخولها في مساومات مع حكومة الشام بدعم من تركيا.
– تغيير فكرها واتباع أيديولوجية جديدة يوافق عليها الغرب.
وأكدت قاروني في تقريرها أن أحرار الشام تواجه داعش قائلة “قال دبلوماسي غربي أرى أن أحرار الشام تنظيم لامركزي واقعي، لديه النية للعمل مع باقي التنظيمات والجماعات الأخرى. وبالتأكيد سيكون له الكلمة في عملية السلام المتوقع حدوثها في المستقبل. قادة التنظيم السابقين لم تكن لديهم نية السيطرة على الحكم في سوريا. كما أنهم يبدو أنهم يفكرون في لعب دور في مستقبل سوريا. أحرار الشام تقوم حاليا بعمل اتفاقيات مع نظام الأسد وحليفه اللبناني حزب الله. تدور هذه المفاوضات والاتفاقيات حول مستقبل قريتين شيعيتين تحت سيطرة الحكومة السورية في إدلب بالقرب من الحدود مع لبنان.
الاجتماعات بين الفصائل والجماعات المعارضة في سوريا، المدعومة من تركيا وإيران، انقطعت على الأقل مرتين. إلا أنه كان بمثابة تجربة مربحة بالنسبة لأحرار الشام تدريبا على اتفاقيات ما بعد الحرب.
مقتل القادة خلال العام الماضي
شكلت حركة أحرار الشام جماعة تابعة لتنظيم القاعدة أصلا، وعند موت قادة الحركة جميعا في هجوم واحد، توقع الجميع أنها نهاية التنظيم.
إلا أن رويترز توقعت ازدياد التنظيم قوة وشراسة، موضحة أنها تتحرك بتحالف وتعاون مع جيش الفتح الذي تمكن من استعادة إدلب بنحو ألفي مقاتل، وأنه قد تحول إلى أقوى تحالف للتنظيمات، وكان بين صفوفه جبهة النصرة.
وفي الأسبوع الماضي، استقرت حركة أحرار الشام على اختيار أبي يحيى الحموي قائدا لها خلفا لأبي عبد الله الحموي، والذي خاطب باقي التنظيمات الجهادية في سوريا في أول خطاب له؛ مؤكدا أنهم سيشاركون في المباحثات والمفاوضات التي من المقرر عقدها في المستقبل.
علاقة خاصة بجبهة النصرة
وأوضحت رويترز أن محاولة حركة أحرار الشام الانفصال عن تنظيم القاعدة أغضبت جبهة النصرة، مؤكدة استمرار وجود علاقة وارتباط خاص بين جبهة النصرة وأحرار الشام.