بقلم .صابر حسين
من قبل كان اسمها رئاسة الشئون الدينية واليوم تحوّل اسمها إلى رئاسة الشئون الأردوغانية.
كانت حركة الخدمة تمارس أنشطتها في تركيا منذ 40 عاما، وكانت الشئون الدينية في جميع مراحلها تشارك الخدمة في فعالياتها المرتبطة بالشأن العام، وكان رئيسها يحرص في كل مناسبة على إلقاء كلمة تشيد بالمناسبة والضيوف والمنظمين، ولا يفتأ يردد على مسامع الحاضرين ما تقدمه حركة الخدمة من إنجازات على المستويين المحلي والعالمي، ومن ذلك قوله في كلمته التي ألقاها في مؤتمر الإجماع والوعي الجمعي بإسطنبول عام 2013:” إن حُسن التقويم في خلق الله للإنسان في وجود القلب والعقل والإرادة، وأن دواعي الإجماع قائمة فاتفاقهم حجة بالغة واختلافهم رحمة واسعة” ثم أكدّ على ذلك بحضور هذا الجمع الكبير من أكثر من 80 دولة حول العالم شاكراً حضورهم ومثنياً على دور مجلة حراء الكبير والمنتشر في جميع أنحاء العالم.
يعني الرجل كان يؤصل لفكرته بالثناء على دور مجلة حراء الكبير والمنتشر في جميع أنحاء العالم أمام وفود دينية رسمية ومحلية على أعلى مستوى وفدوا من نحو ثمانين دولة تقريبا، ثم هو الآن يرسل خطابات إلى 135 دولة في هذا العالم يحذرهم فيها من حركة الخدمة، يخوف غير المسلمين منهم بادعاء نشر الخدمة للإسلام في بلادهم، ويخوف المسلمين منهم بادعاء تبشيرهم بالمسيحية.
وإذا أردنا أن نذهب هذا المذهب في بيان تناقض أقوال الرجل وأفعاله فسيطول بنا المقام، لكني هنا أسجل نقطتين:
النقطة الأولى هي أن الرجل الذي يتبوأ هذا المنصب قد جعل من نفسه والهيئة التي تتبعه بوقا للسلطة الحاكمة، فإذا ما رضيت تلك السلطة على فريق أو مجموعة شارك في مؤتمراتهم وأثنى على مجهوداتهم، وحيّا إنجازاتهم، وإذا ما غضبت أخرج الملفات السرية على حد زعمه، وشغل نفسه والأئمة من خلفه في تجريحهم، والحط من شأنهم، بدلا من الانشغال بما يحفظ شباب الأمة ويحمي دينها. العجيب أيضا هو تطاوله على علماء آخرين في بلاد أخرى كانت لهم وجهات نظر مختلفة -ليس معه- ولكن مع حاكمه، ومن ثم تحولت رئاسة الشئون الدينية في عهده إلى رئاسة الشئون الأردوغانية.
النقطة الثانية: وهي عبارة عن تخوف، ففي إحدى محطات المترو في الخط الواصل بين المطار وآكسراي كان هناك مجموعة من الشباب يبدو أنهم كانوا تابعين للمنظمات الشيوعية، يوزعون منشورات يدعون فيها لتظاهرة كبيرة في ميدان يني قابي للمطالبة ببعض الإجراءات، منها على سبيل المثال: محاكمة حزب العدالة والتنمية وعلى رأسه أردوغان لأنهم -بحسب البيان- هم الذين مكنوا حركة الخدمة من مفاصل الدولة، ومنها أيضا إلغاء هيئة الشئون الدينية، لأننا – بحسب تعبيرهم- في دولة علمانية ولا مكان لهيئة تنظم الشئون الدينية فيها، إلى غير ذلك من ملاحظاتهم على النظام الرأسمالي وخطره على البلاد والمنطقة.
ما يهمنا من هذه الحكاية هو أن تسييس هيئة الشئون الدينية بهذا الشكل المهين، يعزز من ترويج هذه الدعوات يوما بعد يوم، فهل سيتنبه السيد محمد “جورماز” إلى هذا العمل، وينأى بمؤسسته عن هذا الخطر الذي يحدق بها، أم سيستمر في “تعاميه” عن حقيقة هذه الأمور حتى يورط هذه المؤسسة فيما لا يحمد عقباه؟