بقلم: فادي عيد
لا يخفى على أحد أطماع المستعمر القديم فى ليبيا حاليا، ودور ايطاليا وتحركها المشبوه بالملف الليبي، وانحيازها الكامل لحكومة الوفاق بقيادة أمين المصالح الغربية بليبيا فايز السراج الذي لا يعترف به أحد فى ليبيا سوى بعض المليشيات، وحتى المليشيات التى أنحازت له بالامس انقلبت عليه اليوم، اما ما قد يكون غير واضح للعين المجردة هو الدور المشترك المشبوه والتنسيق الايطالي التركي تجاه ليبيا، فإذا كانت ايطاليا تم تكليفها من بريطانيا وادارة باراك اوباما للتحرك فى ليبيا، فللسلطان أردوغان وقطر أيضا تكليف من بريطانيا تجاه ليبيا، وإن كان اردوغان الان يعاقب من أوروبا لخروجه على النص الذي كلف به فى شمال سوريا وملف اللاجئين، وتخطى الدور المطلوب منه، فهو يسير كما كلفته بريطانيا دون أي خروج على النص فى ليبيا، وكما كان يسير فى البداية بالملف السوري.
ويسير كل من روما وأنقرة على سطر واحد بالملف الليبي، ولذلك لم أتعجب أن تكون إيطاليا الدولة الوحيدة بالقارة العجوز التى لم تدخل على خط المواجهة مع أردوغان مؤخرا من بعيد أو من قريب، بل قد تكون تصريحات جنتيلوني رئيس وزراء ايطاليا تنحاز بعض الشئ لتركيا، وهو الامر الذى يترجمه ويقول أسبابه الملف الليبي، وهنا أيضا نرى عمق الجواب الذى رد به رئيس وزراء ايطاليا الاسبق ماتيو رينزي منذ عام، عندما سئل بمسرح فلورانسا عن سبب تدهور العلاقات مع مصر سريعا، فرد رينزي قائلا ان هناك من يضغط عليه لقطع العلاقات مع مصر، ثم تتم تنحية رينزي من المشهد تماما، كي يأتى بدلا عنه وزير الخارجية المتشدد تجاه الملف الليبي باولو جنتيلوني.
وبعد استشعار تركيا وقطر بقرب عودة طرابلس ليد الجيش الليبي، بالتزامن مع توجه دول أوروبا صوب مصر، بعد اليأس من التعامل مع أردوغان، جاء الهجوم على الهلال النفطي الاخير من قبل مليشيات سرايا الدفاع عن بنغازي، وهو هجوم تظهر عليه كل بصمات الدوحة وأنقرة، ولذلك جاء رد الجيش الوطني الليبي سريعا، قبل ان يعلن 20مارس الجاري عن أطلاق عملية “الرمال المتحركة” لتحرير الجنوب الليبي، وغلق منافذ الارهاب القادمة من قطر عبر السودان، السودان الذى دخل فى منحنى جديد من الصراع مع الدولة المصرية بعد زيارة الشيخة موزة له.
كل ما سبق نعلمه ونراه من البداية ونعرف كافة ابعاده، ولكن ما يضحكنى كثيرا ترديد أردوغان مؤخرا تصريحات تفيد بأن أوروبا الصليبية تهاجمه لدفاعه عن الاسلام والمسلمين، وانا أسأله ألم يكن من الأجدر ان تكون بلد الفاتيكان (إيطاليا) هى أكثر من يهاجمك بما أنك فى حرب ضد الصليبيين ؟! ولماذا تركيا تلعب دور كلب حراسة مصالح حلف الناتو بالمنطقة العربية والدول الاسلامية؟! ولماذا تسعى دائما للانضمام للاتحاد الاوروبي عفوا الاتحاد الصليبي؟!
جدير بالذكر أن فايز السراج ذهب للعاصمة الايطالية روما يوم الاثنين 20 مارس بصحبة كلا من وزير الخارجية محمد الطاهر حمودة سيالة، ووزير الداخلية عارف الخوجة للمشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الهجرة غير الشرعية بالبحر المتوسط، بينما حضر رئيس الاركان التركي خلوصي أكار لروما يوم الثلاثاء 21 مارس فى زيارة تستمر لمدة ثلاثة ايام.
فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بشؤون الشرق الاوسط