بقلم: ويسل آيهان
سلط الكاتب ويسل آيهان الضوء على الدوافع الحقيقية وراء الأزمة التي افتعلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع هولندا من أجل تحقيق مكاسب سياسية عدة، وعدد في مقاله أصحاب المصالح وما يجول بخاطرهم في تلك الأزمة بأسلوب ساخر مسرحي.
وندرج أدناه نص المقال:
رئيس وزراء هولندا: لقد وجدت نفسي داخل فيلم خاطئ، لم أجرب من قبل شيئًا من هذا القبيل أبدًا، إذ لا يرضى الأناس المهذبون المثقفون المدنيون بالمكوث في المكان الذي لا يريدههم صاحبه، كان يجب على الوزير التركي الرحيل من أراضينا.
الحوار النفسي لرئيس وزراء هولندا: سبحان الله.. أنا مصدوم جدًا.. من أي نوع هؤلاء الناس ومن أي بلد، فهل يذهب الإنسان إلى مكان رغم أن صاحبه لا يريده؟ لقد طردناه، لكنه تسور الجدار وحاول دخول بلدنا! يا لها من وقاحة!.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: لا يمكنكم أن تمنعونا، فنحن نذهب وندخل حيث نريد، من أين جاءت الزنابق التي تزين بلدكم يا ترى؟!.
الحوار النفسي للوزير جاويش أوغلو: لقد شوهنا صورتنا أمام أعين معارفنا في أوروبا، لكن لا ضير، بل هو أمر جيد، حيث ضمنت البقاء في منصبي حتى الأبد، بل من الممكن أن أكون نائب الرئيس أردوغان نظرًا لأنني أتقن اللغة الإنجليزية! .
وزيرة الأسرة التركية فاطمة بتول كايا: لقد أعلنّا أننا لن نغادر هولندا قبل اللقاء بمواطنينا.. ونحن هنا منذ 4 ساعات ولم يقدموا لنا حتى الماء! لو لم يسمح سيادة الرئيس أردوغان لي بالعودة لما عدت إلى بلدي، بل متّ هناك!.
الحوار النفسي للوزيرة فاطمة: وااااوو..! لا أصدق نفسي ما هذه المعجزة التي حققتها؟! لقد أصبحت بطلة قومية! وتمكنت من دخول رأس سيادة الرئيس، فهل يمكن أن يعينني في منصب نيابة الرئيس يا ترى؟!
رئيس بلدية روتردام المسلم أحمد أبو طالب: إنهم تعهدوا وأكدوا أن الوزيرة التركية لن تذهب إلى مقر القنصلية التركية، لكن القنصل التركي العام نقض عهده وكذب بصورة صارخة في محاولة لخداعي، حيث إنه استدعى الأتراك للتجمع في مقر القنصلية من أجل المشاركة في اجتماع الوزيرة.
الحوار النفسي لأحمد أبو طالب: الله يعمر بيتكم! إنكم تدوسون على قانون بلدكم الذي يحظر الداعية في خارج تركيا ويأتون إلى هنا، ومن ثم تكذبون دون حياء من الله أو الناس، ويح لكم، لقد شوهتم صورة الإسلام بكذبكم ووقاحتكم! .
رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم (قبل أسبوع من الأزمة): هولندا تتوجه للانتخابات في 14 من الشهر، وهناك فارق ضئيل جدًا بين الحزب الحاكم وذلك اليميني المتطرف حزب فيلدرس، لذلك فإن أي نوع من الدعاية هناك قبل هذه الانتخابات لا يبدو ممكنًا.
وبعد يوم من الأزمة: الذي حدث في هولندا لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال، وسترد تركيا عليها قاسيًا، حتى لا تكرر مثل هذه التصرفات التهورية مرة أخرى.
الحوار النفسي لبن علي يلدريم: أنى لي أن أعلم نية الرئيس أردوغان وهدفه؟! فعقلي قاصر عن إدراك مثل هذه الألاعيب والأحاييل! غير أن شركتي البحرية العاملة في هولندا هي التي ستتضرر من هذه الأزمة، فما هو الحل يا ترى!.
رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية محمد جورماز: أنا بصفتي رجل دين أرفض الممارسات غير القانونية والأسلوب غير اللائق الذي تعرضت له وزيرة الأسرة السيدة فاطمة، وأدعو بابا الفاتيكان فرانسيس وجميع رجال الدين في المجتمع الغربي وأعضاء الكنيسة أن يقفوا في وجه معاداة الإسلام والكراهية والحقد.
الحوار النفسي لمحمد جورماز: وضع أنفسنا مكان تركيا واحتكارنا الإسلام، واتخاذنا الشعائر الإسلامية والرموز الوطنية دروعًا للدفاع عن أنفسنا وسياساتنا ورماحًا للهجوم على أعدائنا طريقة جلبت لنا المصالح دومًا ولا زلنا نجني ثمارها!.
الرئيس أردوغان: إنهم فلول وبقايا النازيين.. انتظروا .. سترون.. لا يمكنكم أن تصححوا هذا الخطأ مهما فعلتم… إنكم لم تدفعوا بعدُ أي ثمن جراء ذلك.. حتمًا ستدفعون ثمن ذلك غاليًا! إن الدول الأوروبية لا تعضّ بعضها بعضًا، هولندا لم تتصرف مثل دولة أوروبية بل مثل جمهورية الموز، هل ينفعك حتى لو كنت عضواً بكل كيانك في الاتحاد الأوروبي؟.
الحوار النفسي للرئيس أردوغان: أكثر من روعة! كل شيء يجري كما هو مخطط له! هذه الإستراتجية تعمل وتجدي قبل كل استحقاق انتخابي، ليعش شعبي؛ فإنه لم يخنّا ولم يخجلنا أبدًا في هذا الصدد، وزيرتي فاطمة قامت بواجبها بأفضل صورة، فذهبت إلى هولندا عندما قلت لها “اذهبي”، وكذلك لبّت عندما قلت لها “عودي إلى الوطن”، إنها أحسنت صنعًا.. لا توقُّف ولا تريُّث.. بل علينا الاستعداد للهجوم على الأعداء الجدد!
زعيم الحزب العنصري خيرت فيلدرز: أنادي كل الأتراك المقيمين في هولندا الذين يشاطرون الأفكار ذاتها مع أردوغان: اذهبوا إلى تركيا ولا تعودوا مرة أخرى.. مع السلامة.. باي باي!!
الحوار النفسي لخيرت فيلدرز: كانت الانتخابات في خطر، وكان الفرق بيني وحزب مارك روتيه شاسعًا، لكن الآن عاد الأمل لي مجددًا بفضل أردوغان.. شكرًا له جزيلاً، فقد قدم لي طوق النجاة، كان وعدي الأول في الانتخابات هو إغلاق المساجد ومنع بيع القرآن الكريم، ثم إغلاق الحدود في وجه اللاجئين المسلمين، يا أيها الذين لوحوا أعلام تركيا في شوارع روتردام بعزة وفخر، أنا آتيكم لكي أطردكم.. اخرجوا من بلادنا.. أنتم الذين خربتم بيوتكم بأيديكم!.
ملاحظة: نهنئ الناخب الهولندي المتسم بالبصيرة والحنكة؛ لأنهم لم يقبلوا على التصويت لصالح الزعيم اليميني المتطرف على الرغم من كل الجهود التي بذلها الرئيس أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.