تقرير: علي عبد الله التركي
القاهرة (الزمان التركية): إن أحداث الخليج عام 1990 ليست بالبعيدة المنسية؛ تلك المصيبة التي دكت رؤوس العرب دكا من محيطهم الى خليجهم، والتي أفضت الى أسوأ التداعيات على البلاد العربية وشعوبها قاطبة حتى يومنا هذا، فلم يكن حينها “صدام حسين” ليجرؤ على دخول الكويت دون أن يكون قد تلقى الضوء الأخضر من أمريكا، التي بعثت بسفيرتها “أيبريل جلاسبي” إلى بغداد لإبلاغ الرئيس العراقي الراحل “صدام حسين” بأسلوب ملتوٍ رسالة مفادها “أن الولايات المتحدة لا تمانع اجتياحه للكويت، على اعتبار أنه شأن داخلي ليس لأمريكا أي دور فيه”.
ما أن سمع “صدام حسين” هذا حتى ابتلع الطعم سريعا، ثم وجه جيشه مباشرة شطر دولة الكويت واحتلها في ليلة سوداء ظلماء متناسياً دور أمريكا في تأجيج نار الحرب بينه وبين إيران في زمن ليس ببعيد، وتزويد الطرفين بالسلاح طوال فترة الحرب حتى تتوازن القوى العسكرية بينهما أو تتقارب، لضمان مواصلة الحرب بينهما على مدى سنوات طويلة، حتى خرج كلا الطرفين من الحرب أضعف بكثير مما كان عليه قبل دخوله، ثم تقف أمريكا موقف المنقذ والمدافع عن الحقوق والحريات التي لا تتوانى عن إغاثة المظلوم من الظالم، فيوجه الرئيس الأمريكي “بوش” بارجاته الحربية المحملة بالجنود والطائرات والعتاد بمشاركة 30 حليفا دوليا إلى منطقة الخليج العربي، ويرسي قواعده العسكرية فيها، للإطاحة بـ”صدام حسين” الذي سبق أن أعطاه الضوء الأخضر لدخول الكويت وأيده في حرب إيران، ليعلم “صدام” في وقت متأخر جدا أنه وقع في فخ دبرته له أمريكا بكل دهاء ولكن بعد فوات الأوان.
لقد أعادت أمريكا كرتها مرة أخرى مع حليف قوي آخر لها في المنطقة هو تركيا، عندما أعطت أمريكا للرئيس التركي رجب طيب “أردوغان” الضوء الأخضر ذاته لدخول الأراضي السورية بعد أن أعلنت حكومة أردوغان أنها ستطهر عناصر داعش الإرهابي عقب هجوم إرهابي دموي في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا مما أسفر عن مقتل 54 مواطنا تركيا.
وبالأمس فقط بدأت أمريكا تحذيراتها لأردوغان من الجموح إلى حرب حليف آخر لها في سوريا هو الأكاد الممثلون بتحالف سوريا الديمقراطية الذي يضم بين قواته وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري ، اللذين تصنفهما تركيا كتنظيمين إرهابيين وتعتبرهما امتداداً لمنظمة حزب العمال الكردستاني.
وطالبت أمريكا تركيا بوضوح بأن تجمع جهودها مع حليفها الثاني (الأكراد) وأن يوجهان هذه الجهود لللقتال ضد داعش.
يضاف هذا إلى ما سبقت أن أعلنته روسيا عن رفضها من الأساس التدخل التركي في سوريا.
لكن أردوغان ووزراءه ومسؤوليه يؤكدون أنه لا تراجع وأن على أمريكا أن تقنع الأكراد بالبقاء شرق الفرات وعدم عبور النهر إلى الضفة الغربية وإلا باتوا هدفا لتركيا.
فهل سيلقى أردوغان بغروره وجنون عظمته وأحلامه الطوباوية المصير نفسه الذي تعرض له صدام حسين عندما احتل الكويت بتوجيه أمريكي؟ الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن ذلك..
https://youtu.be/KbF86IyriPE