غزة (الزمان التركية) تقرير- جيهان كوارع: وقفت مزدانة بثوب التخرج، عندما سمعت اسمها لتكريمها في حفل تخرجها من مرحلة البكالوريس، صفقت لها كل الايادي الحاضرة إلا أيادي أهلها التي كانت تتمنى أن تكون بين الجمهور تشاركها فرحتها، والذين تفصلهم عنها المعابر ومئات الحواجز وألف تصريح، وقرار بالابعاد من الاحتلال الاسرائيلي ، الفلسطينية.
ناهد عصيدة ، 26 عاماً، تروى لصحيفة الزمان التركية قصة الإبعاد وحرمان الاحتلال من رؤية عائلتها على مدار6 أعوام متتالية.
عصيدة هي زوجة الأسير المحرر مازن فقهاء من الضفة الغربية والمبعد بقرار سلطات الاحتلال الاسرائيلي الى قطاع غزة بعد الافراج عنه من في صفقة تبادل الاسرى المعروفة بـ “صفقة شاليط ” أو ” صفقة وفاء الاحرار ” والتي تمت بين اسرائيل وحركة حماس عام 2010 ، بعد قضائه 10 اعوام من اصل 9 مؤبدات وخمسين عاما بتهمة التخطيط لعملية صفد والتي قُتل فيها 9 جنود و أُصيب 50 آخرون عام 2002.
وعن بداية معاناة الإبعاد تقول ناهد : ” بعد ما أُفرج عن مازن تقدم لخطبتي ، وكان أخذ القرار بالموافقة على الزواج من رجل مبعد إلى مكان لم يسبق لي العيش فيه وبعيداً عن الأهل والأقارب قرار صعب.
وتابعت : ” سمح لي الاحتلال بالقدوم إلى غزة في رحلة أقل ما توصف بأنها قطعة من العذاب على معابر الاحتلال ومعبر رفح البري برفقة والديّ لإتمام مراسم الزواج “.
وأضافت ناهد : ” بعد مغادرة والديّ القطاع عام 2012 لم يسمح لهما الاحتلال بزيارتنا مرة أخرى وكذلك منعوا أهل زوجي، وتم منعنا من السفر إلى الضفة أيضا.
وفيما يتعلق بإجراءات الاحتلال لإعاقة التواصل بين المبعدين وأهاليهم أكدت ناهد أن الاحتلال قام بتهديد عائلتها وعائلة زوجها بالاعتقال او هدم منازلهم في حال قاموا بالاتصال بناهد وزوجها.
وأضافت:” صدر أمر بالمنع من السفر نهائيا بحق أهالينا وتضمن المنع حرمانهم من أداء العمرة والحج بحق أهالينا، وبعد تدخلات من أطراف عديدة سمح الاحتلال لعائلة زوجي بأداء فريضة الحج بشرط ألا يلتقوا بابنهم المبعد وعدم دخول غزة “.
وكشفت ناهد عن تعرض إحدى صديقاتها للتحقيق والتهديد بعد معرفة الاحتلال أمر تواصلها معها ، مما اضطرت ناهد معه إلى اقتصار علاقاتها بأقاربها على محادثة هاتفية في أوقات قليلة خوفاً على حياتهم من ممارسات الاحتلال.
وأضافت : “في الإبعاد ممكن أن تتعود على المكان لكن تبقى الغربة الأكثر قسوة هي غربة الأهل وافتقادك لوقوفهم بجوارك في أفراحك وأحزانك ومرضك”.
ووصفت ناهد الفترة التي تعرضت فيها غزة للحروب بأنها من أسوأ الفترات التي عاشتها قائلة: ” لأول مرة أعيش أجواء الحرب كنت خائفة جدا ، صحيح بالضفة يوجد احتلال ومواجهات واعتقالات لكن تبقى هذه الأمور لا شئ أمام رعب الحرب، وأن أرى الناس يموتون أمامي وأهلنا على الجانب الآخر مرعوبين وبفكرون ان القصف علينا “.
وعن التحاقها بالجامعة تقول ناهد : “درست تخصص التاريخ والآثار في جامعة النجاح بمدينة نابلس وبعد انتقالي إلى غزة التحقت بنفس التخصص في الجامعة الاسلامية.. كانت مرحلة دراسية صعبة جدا في ظل مسؤوليات رعاية اثنين من الاطفال وبيت ولا قريب ليعينني على ذلك، بالإضافة إلى الامراض التي عانيت منها أثناء فترات الحمل والولادة القيصرية “.
ورغم كل الصعوبات التي واجهتها ناهد استطاعت أن تتخرج بتقدير امتياز من جامعتها معلقة على ذلك : ” يرجع الفضل لتفوقي إلى الله ثم إلى زوجي الذي كان سندا لي وشجعني على الوصول لكل ما أطمح إليه”.
وأكدت ناهد أنها ستواصل مسيرتها التعليمية وستلتحق عما قريب ببرامج الدراسات العليا في الجامعة للحصول على درجة الماجستير، وعبرت عن امتنانها وسعادتها لحسن المعاملة التي قابلها بها سكان قطاع غزة ولذلك استطاعت ان تكون شبكة علاقات اجتماعية بها الكثير من الاصدقاء داخل غزة.
واختتمت ناهد حديثها بتعبيرها عن اشتياقها لأهلها قائلة : “أصعب شئ انه تكون المسافة بيني وبين أهلي مسافة ساعة ونصف الساعة بالسيارة ونعيش في بلد مساحته 27 ألف كم مربع، لكن في الوقت نفسه أكون بعيدة عنهم، ولا أسمع صوت دعواتهم لي بالرضا كل يوم ، ولا أتمكن من تقبيل جبين أمي ولا معانقة والدي، وأن يكون لي صغار حرموا من حنان الجد والجدة الذين لا يعرفونهم إلا بالصور وكل هذا بسبب احتلال لا يريد لنا الحياة فوق أرضنا “.