أنقرة (الزمان التركية) تقرير: علي عبد الله التركي
نشر إبراهيم كاراجول رئيس تحرير صحيفة “يني شفق” التركية المقربة للرئيس رجب طيب أردوغان مقالًا مثيرًا اليوم الاثنين طالب فيه بضم مدنتي حلب السورية والموصل العراقية إلى تركيا.
فعقب تصريح أردوغان خلال الأيام القليلة الماضية بأن “الموصل ملك لتركيا، وعلى من لا يصدقوننا مراجعة التاريخ”، كتب كاراجول مقالًا أكد فيه ضرورة تسليم كل من مدينتي الموصل العراقية وحلب السورية إلى تركيا.
وأفاد كاراجول بأن عملية الموصل التي انطلقت بضجة كبيرة ودعاية عملاقة وما أعقبها من المواجهات الدائرة في مدينة كركوك والمؤمرات الجديدة تحاك عبر تنظيمي داعش والعمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري كلها تستهدف تركيا بشكل صريح، زاعما أن عملية الموصل هدفها إبعاد أنقرة عن المنطقة تمامًا.
وأضاف كاراجول: “جميع تحركات داعش والعمال الكردستاني في هذا الإطار وهمية وعبارة عن سيناريو. فكلها تحركاتٌ تهدف لتمهيد أرضية إنشاء جبهة معارضة لتركيا بطول البحر المتوسط وصولًا إلى الحدود الإيرانية”، ثم استدرك قائلاً: “لكن التحول الكبير الذي حدث عقب انقلاب الخامس عشر من يوليو/ تموز الماضي والمفهوم الدفاعي الجديد وتحول تركيا من خط الدفاع إلى خطّ الهجوم سيفشل كل مخططات إبعاد تركيا عن تلك المناطق”، على حد قوله.
كما ذكر كاراجول أن تركيا الدولة الوحيدة التي تتصدى للتنظيمات الإرهابية في المنطقة كلها، مشيرًا إلى أنها تتصدى لتنظيمي داعش والعمال الكردستاني الإرهابيين في اللحظة عينها.
وزعم كاراجول أن شمالي العراق وسوريا لن يخضع بعد الآن لرقابة هذين البلدين قائلاً: “تُحاك لعبة ومؤامرة من خلال توظيف داعش والعمال الكردستاني لإقصاء تركيا عن المنطقة. وهدف هذه اللعبة هو تركيا. وخلال فترة قصيرة ستظهر أمامنا في صورة إعلان حرب. إذن بغضّ النظر عمّن يحيك هذه اللعبة يجب أن تسيطر تركيا على هذه المناطق وتدخلها تحت سيطرتها. علينا هذه المرة ألا نسقط ضحية لمؤامرات تعاد حياكتها بعد مرور 90 عامًا”، وفق قوله.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة ديريليش بوسطاسي التركية الموالية لأردوغان خريطة تركيا وضمّت أجزاء من مناطق في كل من سوريا والعراق إلى الأراضي التركية.
حزب أردوغان وفكرة الإمبراطورية العثمانية الجديدة
في الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان عام 2011، أدلى رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو بتصريحات في مدينة جناق قلعة ذكر فيها “العالم الذي انقطع عنا يجب عليه أن يتحد معنا مجددًا. تركيا ستصبح دولة عالمية في غضون اثنى عشر عامًا المقبلة”، على حد زعمه.
لقيت فكرة الإمبراطورية العثمانية الجديدة صدىً وقبولاً لدى العدالة والتنمية الحاكم ومجموعة من المحافظين في تركيا، وذلك بالتزامن مع إعراب داود أوغلو عن رغبته في أن تحظى الدول التي انفصلت عن الامبراطورية العثمانية بالاستقرار والسلام، وعقب الموقف البطولي” الصوري” الذي أبداه أردوغان في نقاشه مع الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز في منتدى دافوس. وصفت موقفه بـ”الصوري” حيث أعلن أردوغان في تصريحاته عقب واقعة “دقيقة واحدة” الشهيرة أن رد فعله كان موجهًا لمدير الحوار وليس بيريز.
وإن كنا سنتطرق إلى فكرة العدالة والتنمية في إقامة إمبراطورية عثمانية جديدة سيتبين لنا أن هذه الأفكار ذهبت أدراج الرياح بالنظر إلى تراجع أردوغان عن وصفه إسرائيل بالدولة الإرهابية، وتطبيعه العلاقات معها مرة أخرى، وتراجعه أيضًا عن موقفه العدائي تجاه روسيا واعتذاره لها، وتحميله حركةَ الخدمة والطيارَ ثمن العلاقات المنقطعة مع روسيا، مع أن داود أوغلو صرّح علناً بأنه من أعطاه التعليمات بإسقاط المقاتلة الروسية، فضلاً عن فشله في مسألة الموصل.
نظام أردوغان أقبل على إعادة تصميم المنطقة قبل إعادة ترتيب بيته الداخلي، حيث عميت بصيرته بسبب تركيزه على أطماعه السلطوية والتستر على جرائمه الكثيرة بحيث بات لا يلاحظ أن دولًا ، بينها إسرائيل وإيران، تستدرجه إلى المنطقة لتأتي إلى عقر داره وتقضي على ما تبقى من “تركيا” وتقطع أجزاءً منها تمهيداً لتأسيس دولة كردية.
والواقع أن وضع أردوغان الحالي ينطبق عليه إلى حد كبير ما جاء في المثل التركي الذي يقول “أضاع البرغل الذي في بيته بسبب محاولته الحصول على الأرزّ الذي في دمياط المصرية”، والذي يعني ضياع “الموجود” بسبب الحرص على تحصيل “غير الموجود”.