إسطنبول (الزمان التركية): تناول الداعية التركي فتح الله كولن القضية الكردية والصلح والسلام في المنطقة في حوار أجراه معه أكرم دومانلي رئيس تحرير جريدة زمان الأسبق في الحادي والعشرين من مارس أذار 2014،.
وفي إجابته على السؤال الذي وجه إليه حول رأيه «مسار حل المشكلة الكردية» والنقطة التي تم الوصول إليها؟ قال الداعية كولن:
لقد أكدتُ مرارًا وتكرارًا، أن المسلم يقف إلى جانب الصلح دائما، ويتصرف بما ينسجم مع روح الصلح والسلام. فيما يتعلق بسؤالكم فهناك -في تلك المنطقة- مشاكل قد تراكمت عبر عقود، وقد كان السعي لحلها يتم بالسلاح دائمًا. وبطبيعة الحال، كبُرت المشكلة وتفاقمت. أما الآن، فقد دخلنا في مرحلة صلحٍ وتهدئة، ويجب أن لا نعطل هذه المرحلة. لأنها فرصة كبيرة لكي يعيد الطرفان النظر في الأخطاء التي ارتُكبت، وينسوا العداوة والبغضاء فيما بينهم. يجب أن تكون الدولة عادلة تجاه شعبها قبل كل شيء، ويجب بالتالي أن لا تتخذ موضوع الحقوق والحريات الأساسية أداة مساومةٍ مقابلَ مآرب سياسية أخرى.
قبل أن تبدأ مفاوضات الحل هذه، كنت -أنا الفقير- قد بينتُ قناعتي وأكدت على ضرورة الاهتمام بالتعليم باللغة الأم (اللغة الكردية). ولكن لم تتم أية خطوة في هذا الاتجاه، وما زالت المماطلة مستمرة. وقبل ذلك، من الضروري تكوين معلِّمين قادرين على التعليم باللغة الكردية. وهذا الدور لا يمكن أن يقوم به الشعب، بل يجب على الدولة أن تأخذ بالمبادرة. وحينما تقوم الدولة بذلك، عليها أن تبتعد في أفعالها وتصرفاتها عن كل ما يوحي بالمنّة والتفضّل عليهم. لأن هذه المنطقة، كانت مهدًا لحضارات عريقة، وموطنا لعلماء وعباقرة طوال التاريخ. وبينما تقوم تركيا بذلك، أي بينما تعترف بالحقوق والحريات الأساسية لمواطنيها الأكراد، عليها أيضًا أن لا تتوانى عن مدّ يدِ التعاون إلى أشقائها الأكراد القاطنين في البلدان المجاورة، بل ويجب أن تعزّز الروابط التاريخية والثقافية معهم من جديد، وبشكل غير قابل للانقطاع.
نحن نعاني من ثلاث مشاكل كبرى، وقد أشار إليها الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي قبل قرن من الزمان، وهي: الجهل، والفقر، والتفرقة. وقد نتج عن هذه المشاكل؛ اليأس، والحيلة، والغدر، وعدم الثقة. وبالتالي يجب أن نتناول كل هذه المشاكل في منتدى مشترك وأرضية توافقية، ولا يمكن للمعالجات التكبّرية أو النظر من عَلٍ أن تحل هذه المشاكل أبدا. وإذا كانت هناك رغبة في إيجاد حل وسط، فلن يتأتى ذلك إلا عبر مقاربة توافقية تشمل برعايتها كافة أجزاء المنطقة وكافة أبنائها مهما كانت أفكارهم واتجاهاتهم وانتماءاتهم. يجب ألا نمارس الإقصاء على أحد. ينبغي أن نلتقي على أرضية توافقية مشتركة مع الجميع، السياسي منهم وغير السياسي. علينا أن نتيح الفرصة -لأبناء تلك المنطقة- لكي يتمكنوا من حلّ مشاكلهم بأنفسهم. وإذا ما وقع تباطؤ أو تهاون في هذه الأمور فأخشى أن تتوقف مسيرة الحل وتثور المشاكل من جديد. أجل، جيد أن نواسي أنفسنا بالقول “ألا يكفي؟ ها قد وقفت الدماء”. ولكن أليس في هذا القول شيء من البراغماتية كذلك؟ ينبغي أن نسعى إلى أبعد من ذلك. ينبغي أن نعمل على إدخال الطمأنينة والأمن والسعادة والاستقرار في نفوس أبناء المنطقة. ينبغي أن نسعى إلى توفير مناخ آمن يتيح إمكانية التعايش السلمي لجميع أبناء المنطقة بكرديّها وسنيّيها وعلوييّها وعربها وسريانيّها كأنهم أعضاء أسرة واحدة.