أبدى الأستاذ فتح الله كولن رأيه في التوتر السنّي الشيعي الحاصل في الشرق الأوسط خلال الحوار أجرته معه صحيفة” الشرق الأوسط” في 24 مارس (آذار) عام 2014
س: ما تعليقكم على التوتر السنّي الشيعي الحاصل في الشرق الأوسط؟
ج: لا يصح تمييز الناس على أنهم سنّة أو شيعة. ويجب أن يُعامل الأفراد بناء على كونهم بشرًا بالدرجة الأولى أيًّا كانت دياناتهم أو معتقداتهم أو مذاهبهم. الإنسان -بما أنه إنسان- يمتلك حقوقًا أساسية، وبما أنه مواطن يمتلك حقوقًا ديمقراطية. كذلك هناك بون شاسع بين الدين أو المذهب والأيديولوجيات السياسية الحديثة.
لا ينبغي أن يكون هناك إشكال لدى عالَم السنة إزاء المجتمعات الشيعية التي تكنّ حبًّا خاصًّا لآل البيت. ومع ذلك فإن مبادئ ديننا لا تجيز لأي دولة أن تمارس القمع والإساءة على أساس الفروق الطائفية في محاولة للظهور كقوة إقليمية. ولقد كانت هناك جهود لتقريب المذاهب عبر التاريخ القريب لعب فيها -غالبًا- زعماء الشيعة دور المحرك. ولكن للأسف، فقد كان قادة الشيعة يميلون إلى توظيف هذه الجهود لأغراض توسعية خاصة بهم، حتى إن الشيخ يوسف القرضاوي الذي كان متعاطفًا مع الفكرة في البداية، قد اشتكى من مواقف علماء الشيعة خلال السنوات القليلة الماضية وعاتبهم على ذلك.
والمشكلة وإن بدت في الظاهر على شكل توتر بين السنة والشيعة، إلا أن الحقيقة مرتبطة بأهداف سياسية أخرى؛ مثل الهيمنة على المنطقة وتوسيع النفوذ والتحول إلى قوة إقليمية. لذلك تُستَخدم الانتماءات الدينية والمذهبية والطائفية وسيلةً لتحقيق هذه الأهداف؛ إذ يقوم بعض الساسة بتحويل الدين إلى أيديولوجية سياسية وتضييق مساحته لتوافق ذهنياتهم السياسية القمعية المحدودة. هذا بالإضافة إلى وجود محاولات حثيثة لتحويل الهوية السنية أو الهوية الشيعية إلى منطلقات تفضي إلى أيديولوجيات.. لا أحد يستطيع أن ينكر أن إيران اليوم، تسعى إلى تحقيق غايات قومية فارسية تحت ستار التشيّع. بالطبع يحق للدول أن تعزز مصالحها الوطنية وتحاول حمايتها عبر وسائل مشروعة في الساحة الدولية، لكن إثارة التوتّرات الدينية والطائفية والعرقية، لا ينبغي أن تكون إحدى هذه الوسائل. هذا خطأ، وعلى جميع المنظمات الدولية أن تكافح هذا الخطأ.
من ناحية ثانية، إذا كانت هناك قضايا نراها خطأ، وفق معتقدنا، بمقدورنا أن نشرح هذا للناس بطريقة حضارية قوامها الرحمة والتلطف والحكمة، من منطلق أن لا إكراه في الدين. ولكن، للأسف، قام بعض الأفراد والجماعات بتقديم صور مضللة عن المدرسة السنية، وذلك عبر الترويج للعنف والإرهاب باسم أهل السنة. ومثل هذه الجماعات تتسبب بالخراب والضرر الأكبر للإسلام نفسه. فالعالم الإسلامي بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الوئام والوفاق والتسوية السلمية للقضايا السياسية. هذا أمر ضروري بالنسبة للأمة من أجل أن تتخلص من مثل هذه المواقف والأحداث المدمرة.