برهان حاجي هادي
يأمرنا الله سبحانه وتعالى بأن نكون قوامين لله شهداء بالقسط ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين بقوله سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا” (135)النساء
فقياما بهذا الواجب، وقياما بهذه الشهادة أقول بعد متابعة دقيقة للأستاذ فتح الله كولن إننى وجدته داعية إلى الله بدءاً بالإيمان به سبحانه ووصولا إلى ( لا حول ولا قوة إلاَ بالله ) . كما جاء في كتابه ( ونحن نقيم صرح الروح) في الصفحة الخامسة والثلاثين.
يحدد كولن ” كليات رسائل النور” للأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي (رحمه الله) مرجعا مفضلا للوصول إلى هذه الدرجة من الإيمان ويؤكد أن الإرتقاء إلى درجة الإحسان ( أي أن نعبدَ الله كَأننا نره أو كأَنَّه يرانا) تكون بالعبادة. فيقول:” علينا أن نرتقي بإيماننا عن طريق العبادة إلى درجة عين اليقين وبلوغ مرتبة الإحسان، وتحويلَ أسس الأخلاق الحسنة إلى مَلكات تندرج في ماهيتنا، وفي النهاية نقل هذه المزايا التي حصلناها إلى الآخرين ، وتنويرَ كل مكان وزمان وإنسان وكل مجالات الحياة بأنوار الإيمان ويؤكِّد على ذكر الله والعبادة في كل الأحوال ، إنه يهتم بهذا النص ويردده: “إلتزم الصّمت وتفكّر، أو تحدّث عمّا يُرضي الله، أو انشَغِل بذكر الله، ولكن لاتأخذّنَّك الأحداث الجارية أبدا” ويحث على اقتناص كلِّ الفرصِ لِتوجيه الإنسانية إلى الله وعشقِ هذه الوظيفة والتعلق بها بقوله:” على الإنسان أن يهتم في جميع حركاته وسكناته بِإحياء الآخرين، وأن يبذل وسعه لتتعلّمَ الإنسانية قواعد سلوكية جديدة ، وَأن يقتنصَ الفرصَ لتوجيه الإنسانيَّة إلى الله تعالى ، وأَن يَعشَقَ هذه الوظيفةَ وَيَتعلَقَ بِها”.
هكذا نرى أن الله غايَةُ الأستاذ فتح الله كولن، فنراه يُقدَّرُ الرسول (ص) حق قدره، فيعرض حياته وشخصيته المباركة مفصلا كخاتَم النبيين (عليهم الصلاة والسلام) داعيا الناس جميعا لاتباعِهِ (ص) اتِّباعا شاملا من عبوديته لله سبحانه إلى تعامله مع الصغار. فيتدارس مع النخبة من طلابه كتب السنة المعتبرة عند أهل السنة والجماعة وفي مقدمة تلك الكتب الصحاح الستة وشروحها المعتبرة كشرح الإمام النووى لصحيح مسلم. ويأمر بالاقتداء بالصحابة الكرام ( رضي الله عنهم) في تقدير مكانة السنة، فيقول: “كان الصحابة الكرام يعرفون أن السنة النبوية أمانةٌ مقدّسةٌ لَديهم، وأنهم يَتَقَرَّبون إلى الله بمقدار قُربٍهم من السنة، وإن ابتَعدوا عن السنة ـ معاذ الله ـ فلن يلقَوا أيَّةَ معاملة كريمة في الدار الآخرة”.
ونرى الأستاذ فتح الله كولن مهتَمّاً بالقرآن اهتماما كبيرا وجادا إلى درجة أنه يقول: “قراءةُ أقلّ من جزء من القرآن الكريم يومياً بتدبر وتكرارُ قراءةِ هذا الجزء في الصلوات الخمس في نفس اليوم تركٌ للقرآنِ وهَجْرٌ لَهُ . وإنه يتدارس مع النخبة من طلابه ثمانية عشر تفسيرا من التفاسير المعتبرة عند أهل السنة والجماعة كتفسير الطبري والقرطبي وإبن كثير ويأمر طلابه باتباع القرآن في كل تصوراتهم وقيمهم وموازينهم والتحرر من تأثير المنهجية المادية الغربية تحررا كاملا .
وَمن ناحيةٍ أخرى نرى الأستاذ فح الله كولن يعتبر الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي حجّةً عليه وعلى طلابه فيلتزمُ التزاما كاملا بكل ماورد عن بديع الزمان لأنه يؤمن إيمان ذي البصيرةٍ بحُجّيَّة رسائل النور ، فيقول: ” كل ما جاء في كليات رسائل النور إما تفسير لآية كريمة أو معنى لحديث شريف” ويُبَيِّنُ ذلك للنخبة من طلابه حين يتدارس معهم رسائل النور.
بعدَ كل ما تقدَّمَ فإن القول بأن الخدمة فرقة ضالة، هو قولَ يَفْتَقِرُ إلى أَبْسَطِ شروطِ الموضوعية، إنّ هذا القولَ نابعٌ من الهوى . أسأل الله سبحانهُ أن يُعينَ الذين قالوا هذا القول الظالم أن يعودوا إلى الحق ، فإن الحق قديم وإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.
والسلام عليكم
https://youtu.be/gSRDz7SLkAM