بقلم: عزت عبد الرحيم بركات
من الأمور التي تلفت الأنظار في مواقف حركة الخدمة التي تتعرض لمضايقات شديدة على يد الحكومة التركية التي تتهمها بمحاولة قلب النظام عن طريق العنف وإزهاق الأرواح، كونها ثابتة على خطاب موحد رافض للعنف.
ويؤكد ذلك موقفهم الثابت السلمي أمام ممارسات القمع والتشريد والتعذيب التي يتعرضون لها، البعيد عن الخطاب الكراهي والتصعيدي الذي من شأنه أن يصب الزيت على النار .
ومبعث هذا الموقف الإيجابي ليس ظرفيا يزول بزوال دواعيه وإنما هو نابع من صميم الفكر الذي يبنون عليه تصورهم في التغيير.
حيث يرون أن محاولات من قبيل الانقلابات والثورات ببلد ما على أنها فوضوية لا تورث نظاما موثوقا ولا تغييرا إيجابيا مديدا.
وبالتالي فهم ينأون عن كل تحرك وتصرف يمس بالاستقرار ويبدد ثقة الجماهير. ومن هذا المنطلق قرروا قاعدة “إن أسوأ نظام أحسن من اللانظام”.
ولو تصورنا نجاح الانقلاب فلن تجني الحركة سوى كره الناس ونفورهم منها وهذه حقيقة قلتها ساعة وقوع الانقلاب وكذلك سمعتها من أبناء حركة الخدمة.
إن كانت حركة الخدمة فعلا حركة تحرض على العنف وتستحل الدماء وتنفذ أعمالا إرهابية لقلب نظام الحكم كما ادعاها أردوغان ورئيس الشؤون الدينية في تقريره عن الحركة، لرأينا ذلك. ولكن لم نشهد أحدا من حركة الخدمة رشق سيارة ولا أحرق متجرا ولا قتل أحدا استنادا إلى قاعدة العين بالعين والسن بالسن كما فعل ذلك حزب العمال الكردستاني حينما صادرت الحكومة التركية إحدى بلديات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بأن قتل المسؤول الحكومي الذي تم تعيينه وصيا على مجلس إدارتها. وهدد المسؤولين الحكومين بالثأر والانتقام.
ورغم توالي أنباء عن ممارسات التعذيب والضرب والاغتصاب بالسجون بحق معتقلي حركة الخدمة من الرجال والنساء وحالات الوفاة التي لم يرفضها مسؤولون حكوميون بل أقروا ما جاء في هذه الأنباء فلم يدينوها ويسائلوا مرتكبيها، ظلت حركة الخدمة متمسكة بمبدأ مطالبة حقوقها بالقانون ولم تروج خطابا يحرض على العنف والانتقام. ولم يحمل أحد منهم سلاحا ولا كفر أحدا من رجالات الدولة ولا الشعب الصامت، عكس ما وقع في مصر إبان ثورة 30 من يونيو من تكفير للمسؤولين وتحقير للشعب وتبن لخطاب العنف.
وأعتقد بناء على موقف الحركة السلمي أن الأيام المقبلة تحمل في أحشائها ما يسرها، ويحمل جهات سياسية وعلمية أخرى على الندم والخجل بسبب قراراتها التي جانبت الصواب بشأن الحركة.