تقرير: جمال أدهم
أنقرة (الزمان التركية) – في الوقت الذي تواصل الحكومة التركية اعتقال عشرات الآلاف من الناس، سواء كانوا عسكريين وأمنيين أو مواطنين عاديين، بحجة “استخدامهم تطبيق بايلوك Bylock”، ظهرت حقائق جديدة أسقطت جميع الذرائع والمزاعم الخاصة بهذا التطبيق الذي هو المستند الوحيد في اتهام حركة الخدمة بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل.
ودأبت الحكومة التركية على اتهام الداعية فتح الله غولن بأنه “العقل المدبر” الذي يقف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو تموز الماضي، مدعيةً أن تطبيق بايلوك كان الوسيلة التي تتواصل عبرها العناصر الانقلابية التابعة لحركة الخدمة.
ومنذ اليوم الأول من محاولة الانقلاب حتى يومنا، نشرت وسائلُ إعلام السلطة آلافاً من القصص والحكايات المفبركة حول استخدام المنتمين إلى حركة الخدمة هذا التطبيق لأغراض تناقل “المعلومات والأوامر السرية” فيما بينهم، زاعمةً أن جهاز المخابرات يحوز 18 مليون مراسلة و3.5 ملايين رسالة إلكترونية من تلك المراسلات التي جرت بينهم عبر تطبيق بايلوك.
وساقت القنوات التلفزيونية والصحف اليومية الواقعة تحت سيطرة الرئيس رجب طيب أردوغان آلاف الأخبار المفبركة في هذا الصدد، حيث زعمت أن هذا التطبيق لا يمكن أن يستخدمه إلا المنتسبين إلى حركة الخدمة، ولا يمكن الدخول إليه إلا بعد إدخال كلمة السر التي هي الرقم التسلسلي الموجود على ورقة “الدولار الواحد” الموزعة على أعضاء الخدمة، ولذلك يوجد عدد كبير من هذا الدولار الواحد عند أعضاء الحركة.. وما إلى ذلك من المزاعم الواهية.
وبعد هذه الادعاءات وما شابهها، انطلقت عملية اعتقالات عشوائية تعسفية استهدفت عشرات الآلاف من الناس، ولم تقتصر على العسكريين والأمنيين فقط، بل طالت الموطنين العاديين، حتى الشيوخ من النساء والرجال أيضًا. ولكن لم تقدّم السلطات التركية حتى اليوم خلال جلسات المحاكمة أي دليل من المراسلات الجارية بين المنتسبين إلى الخدمة والتي تشكّل جريمة قانونياً، مع أنها ادعت في وقت سابق أنها تمتلك منها الملايين، علماً بأن الاعتقالات بتهمة استخدام تطبيق بايلوك لا تزال مستمرة في الوقت الراهن.
لكن… الخبر الذي نشره أمس الاثنين إسماعيل سايماز في صحيفة “حريت” التركية المعروفة بميولها العلمانية، والتي دخلت هي الأخرى تحت سيطرة الحكومة وأردوغان في السنوات الأخيرة، أسقط جميع المزاعم المذكورة وقضى على أسطورة بايلوك.. ذلك أن “ديفيد كينز”؛ الشخص الذي أعد برنامج وتطبيق بايلوك، أجرى حواراً مع الصحيفة أكّد فيه أن التطبيق توقَّف تداوله وطرحه في كل من Google Play وAppstore منذ شهر يناير من العام الجاري (2016)، أي قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب الفاشل. كما شدد على أن التطبيق نزلّه حوالي 600 ألف شخص، وأنه مفتوح للجميع، وليس مقتصراً على المنتمين إلى حركة الخدمة.
وهذا الخبر الذي أسقط كل مزاعم الرئيس أردوغان وحكومة العدالة والتنمية أثار ارتباكاً كبيراً لديهما ولدى وسائل الإعلام الموالية لهما، لدرجة أن النائب العام في إسطنبول عرفان فيدان فتح تحقيقاً مع صحيفة حريت بسبب هذا الخبر، الأمر الذي دفع عمر توران؛ أحد المحللين السياسيين وعناصر الجيش الألكتروني المبايع لأردوغان إلى تقديم الشكر إلى النائب العام فيدان عبر حسابه في تويتر قائلاً “عشتَ يا نائبنا العام!”.
والآن ينتظر الرأي العام كيف سيفسر أردوغان والحكومة كل الاتهامات الزائفة والاعتقالات الظالمة بعد انهيار أسطورة بايلوك؛ المستند الوحيد في اتهاماتهما لحركة الخدمة بالوقوف وراء الانقلاب المصمم من قبلهما على الفشل ليحصلا على ذريعة من أجل تنفيذ انقلابهما المضاد.