سطر نضالهم على مدار اكثر من تسعين عاما تاريخا كتب بحروف من النور والدماء الذكية، فما أن احتلت ايران الأحواز العربية في عام 1925 واعتقلت أميرها الشهيد الشيخ خزعل الكعبي بإيعاز من بريطانيا مقابل الاستفادة من الثروات التى تذخر بها الأحواز من نفط وغاز، حتى تفجر نضال شعب لا يعرف اليأس، ولا يعرف المتاجرة بقضيته، فبعد ان توجه المناضلون الاحواز نحو الكفاح المسلح دون أن ينتظروا مساندة أحد، حتى جاء الرئيس جمال عبد الناصر وعمل على تأسيس جيش وبرلمان احوازي، فكان أول رئيس عربي يدعم الاحواز بشكل علنى ومباشر، فمنذ عام 1958 وحتى 1963 تحرك المناضلون الأحواز تحت لباس الحركة الناصرية الاحوازية، وبعام 1963 وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، خطط الجيشان المصري والعراقي للتدخل بقوات النخبة من البلدين لدعم المقاومة المسلحة الأحوازية، لكن إسرائيل والولايات المتحدة أحبطتا تلك العملية، وأخبرتا إيران بالمخطط قبل بدئه، الى ان تم احياء القضية مجددا على يد معمر القذافي عام 1977، قبل أن تهدأ تماما وتتحول الى ورقة ضغط من حين الى اخر تطفو على السطح ثم تغرق مجددا فى قاع النسيان، والان وبعد إقامة مؤتمر “اعادة شرعية دولة الاحواز العربية” بكنانة العرب وقبلة العروبة جمهورية مصر العربية فى 14 يناير الجاري، أمس السبت، أرى أن القضية الاحوازية تسلك مسارا جديدا، وتخرج من نطاق لعبة شد الحبل بين الدول العربية وايران، وباتت قضية قومية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، تكسب أرضيتها العربية من نواكشوط وحتى المحمرة (عاصمة الاحواز).
فالخطوة الجديدة التى اقدم عليها اشقاؤنا الاحواز برعاية الشيخ على جابر عبد الحميد الشيخ خزعل، والمناضل الاحوازي الدكتور عارف الكعبي رئيس المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الأحوازي تحسب فى اعادة توجيه البوصلة الاحوازية مرة اخرى بعد أن فقدت اتجاهها لبعض من الوقت، فالعنوان الذى حمله المؤتمر وهو “اعادة شرعية دولة الاحواز العربية” والتى يتحرك تحت مظلته مناضلونا الاحواز له أكثر من دلالة ورسالة وهدف، ويكتب تاريخا جديدا للقضية فى وقت مهم يمر به اقليم الشرق الاوسط، وتمر به القضية الاحوازية نفسها، ويؤكد ان القضية الاحوازية لم تدفن بعد، وان نضال شعبنا الاحوازي شعلة لا تنطفئ، ولم يعد امام العرب الا دفع القضية الاحوازية الى منصة الحق والعدل.
فبرغم كل محاولات السلطات الفارسية وفى مقدمتها جهاز السافاك (الاستخبارات الايرانية) لاغتيال القضية الاحوازية معنويا قبل الاغتيال الجسدي، الا أن مؤتمر “اعادة شرعية دولة الاحواز العربية” يوجه رسالة صريحة لطهران بأن القضية الاحوازية لم ولن تموت، فمنذ خمسة اعوام هدمت السلطات الايرانية قصر الامير خزعل الكعبي فى محاولة منها للتنكيل بتاريخ شهدائنا بالاحواز، وفى واقعة لم تشهدها أي دولة بالعالم أذاع التلفزيون الايراني في يونيو 2015 بأمر من محمد سارافراز رئيس إذاعة الجمهورية الإيرانية وحامد رضا عمادي ورئيس التحرير الأول لقناة ( برس ) الإنجليزية، مشاهد أثناء محاولة انتزاع اعترافات بالقوة من معتقلين احواز، فى واقعة تعدت كل حدود البطش والقمع والهمجية.
وما لا يعلمه البعض حول ما تستفيد به الدولة الفارسية المغتصبة من خيرات وثروات الأحواز العربية، فإن أكثر من 90% من إجمالي إنتاج طهران للغاز الطبيعي والنفط يأتى من الاحواز، فالاحتياطات النفطية بالأحواز تشكل 10% من احتياطات النفط العالمية، و 18% من احتياطات الغاز عالميا، وتنتج الاحواز 40% من فولاذ إيران، وتوفر المحطات الكهربائية بالأحواز 25% من الطاقة الكهربائية الإيرانية، وتنتج مصانع البتروكيماويات الأحوازية نصف انتاج إيران، كما يتواجد40% من المياه العذبة الإيرانية بالأحواز، فالاقتصاد الأحوازي يشكل 75% من الناتج المحلي الإيراني، ومن خلال موانئ الاحواز تتم 80% من عمليتي التصدير والاستيراد لدى الدولة الفارسية، فتبدأ أرض الأحواز من الحدود الإيرانية العراقية وتمد حتى ما بعد مضيق باب السلام (هرمز)، وحسب التسمية الفارسية الإيرانية تشمل محافظات إيلام، وخوزستان، وكهكيلويه وبوير أحمد، وبوشهر، وهرمزكان، الجزء الجنوبي لمحافظتي الرستان وكرمانشاه، والجزء الشرقي لمحافظة بختياري، والجزء الجنوبي لمحافظتي فارس وكرمان.
حقيقة الأمر يا كل مؤيدي الحق بكل أرض تنطق بلغة الضاد، أننا اليوم يجب ان نقولها صريحة في جميع المحافل الرسمية وغير الرسمية، الاعلامية والسياسة، أن الاحواز أرض عربية، وإن قضية الاحواز لم تعد منسية.
فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط