تقرير: يافوز أجار
إسطنبول (الزمان التركية)- تداعيات مقتل الجنود الأتراك الثلاثة بـ”النيران الصديقة الروسية” في معركة الباب السورية تتواصل في الشارعين التركي والدولي، حيث بدأت تظهر تفاصيل جديدة ومزاعم رهيبة وإشاعات مختلفة أحدثت مزيدًا من الارتباك في الأذهان، ناهيك عن وضع نهاية للتساؤلات الواردة.
مزاعم التنصت على أردوغان وترامب
في هذا السياق، ساق كاتبان تركيّان معروفان باطلاعهما الواسع وعلاقاتهما العميقة مع مصادر معلوماتية ادعاءات رهيبة، فقد زعم الكاتب الصحفي في موقع “أودا تي في” (odatv) تركر أر ترك، في مقال حمل عنوان “الأعمال السرية” أن الروس تنصّتوا على المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في 7 فبراير الحالي لمدة 45 دقيقة، وأنهم “ضغطوا على الزرّ” عندما توجه رئيس المخابرات المركزية الأمريكية الجديد مايك بومبيو إلى تركيا بعد يومين من المكالمة لنقاش مستقبل الملفّ السوري مع نظيره التركي هاكان فيدان ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى، ليطلقوا بعدها الغارة التي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة 11 آخرين، زاعمين أنهم كانوا ضمن نطاق الإحداثيات الخاصة بـ”الإرهابيين”.
أردوغان: الدول الكبرى تتنصّت!
وهنا نفتح قوسين لجملة معترضة لنعيد إلى أذهانكم أن الرئيس أردوغان حينما تبين تنصت الدول الكبرى من الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وغيرها على مكالماته ومراسلاته، كان قال بالحرف الواحد “الدول الكبرى تتنصت بطبيعة الحال على الرؤساء والزعماء!”
وعلى الرغم من أن الجانبين الروسي والتركي صرّحا أن الجنود الأتراك قتلوا “عن طريق الخطأ”، لكن أر ترك اعتبر ذلك خطوة روسية تحمل “رسالة” إلى الرئيس أردوغان وصناع القرار التركي الآخرين، حيث قال “إن هذه الخطوة الروسية تهديد علني يحذر تركيا من الاستمرار في ممارسة النفاق السياسي في القضية السورية وارتكاب أخطاء جديدة، وتقول لها إذا وليت شطرك مني إلى أمريكا مجددًا، ستلحق بك أضرار كثيرة”، على حد تعبيره.
هل هدد بوتين أم اعتذر
في حين أن الكاتب الآخر جان آتاكلي ادعى، في مقال تحت عنوان “هل هدد بوتين أم اعتذر” بصحيفة “سوزجو” معتمدًا على “مصادره الروسية”، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “وبّخ” نظيره التركي أردوغان في المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما عقب “القصف الخاطئ”، بينما كانت وسائل إعلام خاضعة للأخير أكدت أن بوتين قدم اعتذراً لأردوغان خلال هذه المكالمة! أكثر من ذلك، فإنه كادت أن تندلع الحرب بين تركيا وروسيا، ووجه بوتين تهديدات إلى أردوغان، بحسب زعمه.
ونقل آتاكلي عن مصادره أن بوتين قال لأردوغان “لم تثقوا بوعودكم، فقد كنتم وعدتم بأنكم لن تدخلوا مدينة الباب، لكنكم دخلتموها فعلاً”، وهنا لا بد أن نتذكر أن روسيا كانت أكدت في تصريحاتها مؤخرًا أنها لن تمنع الاشتباك بين الجيشين السوري والتركي في الباب.
التسلسل الزمني لحادثة مقتل الجنود الأتراك
ووفق ما كتبه آتاكلي، فإن حادثة الغارة الروسية التي استهدفت الجنود الأتراك العاملين في إطار عملية درع الفرات تطورت على النحو التالي: بداية أطلت الوحدات العسكرية التركية النيران على القوات العسكرية السورية والروسية التي كانت تحاول دخول الباب، مما تسبّب في مقتل 12 جنديًّا سوريًّا، إضافة إلى أسرها نحو 8 جنود سوريين، وعقب ذلك سارعت القوات الروسية إلى قصف مقرّ القيادة الذي كان يحتضن الجنود الأتراك، في مسعىً منها لتهديد أنقرة وإثنائها عن ارتكاب المزيد من الأخطاء الكبيرة.
ويستمر آتاكلي في سرد مزاعمه قائلاً “جاءت بعد ذلك المكالمة الهاتفية بين أردوغان وبوتين، دعوا عنكم تقديم بوتين اعتذاراً لأردوغان، فإنه هدّده قائلاً “لم تفوا بعهودكم مرة أخرى، هذا هو إنذاري الأخير لكم، اخرجوا من المنطقة فورًا، ولا تقفوا إلى جانب الجيش السوري الحر في مقابل الجيش النظامي، وفق مصادري”.
لماذا دخلت تركيا حربا هي في غنى عنها
غني عن البيان أن هذه المزاعم تحتاج إلى التأكيد والتحقيق، لكن ذلك لا يمنعنا من أن نتسائل: لماذا دخلنا سوريا؟ ما هي جدوى ما يسمى بعملية درع الفرات؟ أليس ذلك يعد استنزافا للجيش التركي، ونقل الإرهاب الأعمى إلى قلب أسطنبول وأنقرة وطرابزون وأنطاليا؟ لماذا تشارك تركيا في حرب هي في غنى عنها؟ لنفترض أن الجيش التركي أفلح في تطهير مدينة الباب من عناصر تنظيم داعش – إن كانت هناك نية من هذا القبيل أصلاً! – فماذا بعده؟! أسنحارب قوات الجيش السوري إذا اعترضت على دخولنا إلى المدينة؟ .
تركيا كانت في غنى عن هذه الحرب، لكنها أصبحت أحد أطرافها بسبب طموحات السلطة الحاكمة، لكن الشعب التركي هو الذي سيدفع ثمن ذلك لسنوات طويلة ولو ذهب المسؤولون الحاليون دون رجعة!