تقرير: محمد عبيد الله
أنقرة (الزمان التركية) – أدلى وزير العدل التركي بكر بوزداغ بتصريحات مثيرة كشفت مرة أخرى التناقض المضحك الذي يقع فيه جميع المسؤولين الأتراك أثناء هجومهم على حركة الخدمة والأستاذ فتح الله غولن.
فقد زعم بوزداغ في تصريحاته أمس أن حركة الخدمة تمثل تهديداً للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية، ومن الممكن أن تحدث انقلابًا عسكريًّا فيها كما أحدثت في تركيا العام الماضي!
لكنه وكل المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، يزعمون عندما يخاطبون أنصارهم والشارع التركي أن هذه حركة الخدمة تعمل لصالح الولايات المتحدة، وتتلقى منها توجيهات وكل أنواع الدعم! وإن كان هذا حقيقة فإن النتيجة الضرورية هي أن معنى تصريحات بوزداغ الأخيرة هو: الولايات المتحدة تخطط للانقلاب على نفسها!
وكان الوزير بوزداغ أعلن قبل إجراء زيارته الأخيرة لأمريكا أنه يتوجه إليها لإجراء مباحثات مع السلطات الأمريكية من أجل طلب استعادة الأستاذ غولن إلى تركيا، بمعنى أنه كان سيطلب من أمريكا العميل الذي يعمل لحسابها! بحسب وصفه. غير أن هذه التصريحات كانت موجهة إلى أنصارهم الذين ينساقون من وراءهم كالقطيع دون مساءلتهم، إذ لم يرد هذا الموضوع في المباحثات التي أجراها الوزير في أمريكا.
وادعى بوزداغ في تصريحاته أيضًا أن المنتسبين إلى حركة الخدمة المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية يقومون بتغيير أسمائهم التركية إلى أسماء مسيحية حتى يتمكنوا من التغلغل في المجتمع، ودعا السلطات الأمريكية للاستفادة من تجربة الحكومة التركية في مكافحة هذه الحركة، وإلا اضطرت لمواجهة الخيانة ذاتها التي تعرضت لها تركيا من خلال الانقلاب الفاشل! بمعنى أنه دعا واشنطن إلى ارتكاب كل الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها الحكومة التركية في ظل حالة الطوارئ التي أعلنوها بعد مسرحية الانقلاب التي كان أردوغان منتجها، ورئيس مخابراته هاكان فيدان المشرف عليها، ورئيس أركانه خلوصي أكار مع جنوده منفذها، المسرحية التي لعبوها من أجل الحصول على النتائج الحالية.
يذكر أن رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي ديفين نونيس قال في وقت سابق: “ليس هناك أي دليل يشير إلى تدبير فتح الله غولن لمحاولة الانقلاب في تركيا. إدارة الرئيس أردوغان تتجه يوما بيوم إلى مزيد من الاستبداد والسلطوية، لذلك تعاني العلاقات الثنائية بين البلدين حالة توتر”، وذلك في إطار رده على سؤال قناة “فوكس” الأمريكية حول المزاعم التي تسوقها السلطات التركية عن استعداد الولايات المتحدة لإعادة الأستاذ غولن إلى تركيا. وتوقع أن العلاقات بين تركيا وأمريكا ستواجه مزيدا من الصعوبات بالتوازي مع زيادة الجهود المبذولة في سبيل تطهير كل من سوريا والعراق من عناصر تنظيم داعش.
هذه التصريحات كانت بمثابة التعبير عن النظرة الرسمية للسلطات الأمريكية إلى الرئيس أردوغان والحكومة التركية، نظرا لأن ديفين نونيس المنتمي إلى الحزب الجمهوري من أقوى حلفاء الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، ويتمتع بعلاقات وطيدة مع كل الأجهزة الاستخباراتية في البلاد.
من جانبه، كان الخبير الاستخباراتي الألماني الشهير إريك شميت أنبومكان أكد في برنامج على قناة ZDF الألمانية قائلاً “ليس من الممكن القول بأن حركة الخدمة هي من دبرت المحاولة الانقلابية بالنظر إلى الاكتشافات التي توصلت إليها وكالات الاستخبارات الغربية مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) والاستخبارات الألمانية(BND)، إذ لا يوجد حتى دليل بسيط على هذا الأمر. فما حدث في ليلة 15 تموز عبارة عن سيناريو”.
وأضاف: “أجل، من الممكن أن أردوغان أنشأ قصراً يقاوم حتى قنبلة نووية، لكنه لم يستطع منع تسرب بعض الأسرار من هناك. بقدر ما فهمنا من المعلومات التي قدمتها وكالات الاستخبارات الغربية، فإن بعض المعلومات تسربت من قصر أردوغان، رغم الإجراءات المشددة لمنع تسرب المعلومات من القصر، فالاستخبارات المركزية الأمريكية وبعض الوكالات الاستخباراتية الغربية تمتلك قدرات وتجهيزات يمكنها التغلغل إلى أكثر أنظمة الاتصالات سرية واختراقها. وتشير الاكتشافات التي توصلت إليها هذه الوكالات الاستخباراتية أن محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو/ تموز لم تكن محاولة انقلابية فعلية بل محاولة مفتعلة”.