يافوز بايدار
اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه روسيا وأمريكا والذي سيدخل حيز التنفيذ يوم السبت المقبل يعطي بصيصا من الأمل في القضية السورية. لكن الأهمية الفعلية لهذا الاتفاق هو أنه يقدم لتركيا فرصة غاية في الأهمية للحياد عن السير في طريق الخطأ.
وبقدر كون وقف إطلاق النار مؤثرا فإن بامكان تركيا استغلال هذه الفرصة لجمع مصالحها الاستراتيجية التي فقدتها. سوريا قبلت وقف إطلاق النار لكنه لن يشمل داعش والنصرة والجماعات الإرهابية الأخرى على قائمة الأمم المتحدة. والنقطة الحساسة في هذا الموضوع هو قول دمشق “سنعمل جيدا مع روسيا وسنقرر الجهات التي نستهدفها”. ومثلما تقرب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند من الهدنة بحرص فهو أيضا وجه تحذيرات قائلا:”إن قرأ الروس الهدنة على أنها استمرار للوضع نفسه فستتواصل المواجهات مع جماعات المعارضة المعتدلة المسلحة في المنطقة”.
الهيئة العليا للمفاوضات أيضا، وهي مظلة المعارضة السورية التي تدعمها كل من السعودية وأنقرة، لم تعترض على قرار وقف إطلاق النار لكنها اشترطت رفع الحصار ووقف استهداف المدنيين والسماح بعبور المساعدات الإنسانية. كما يجب عدم تجاهل دعم وقف إطلاق النار الصادر من المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولوش.
روسيا والولايات المتحدة هما الدولتان المحوريتان.ولنجاح وقف إطلاق النار يجب تحذير حكومة دمشق التي تدعمها روسيا وأنقرة حليفة أمريكا بشكل صريح والسبب واضح.فالأسد قد يرى أنها الفرصة المناسبة ويواصل الهجمات والإبادة العرقية لإستعادة الأراضي. أما أنقرة، التي لا ترى شيئا سوى الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب الكردية، فقد ترى أنه استمرار للوضع نفسه وتطيح بأعمدة وقف إطلاق النار من خلال القصف المدفعي. وهذه احتمالات كبيرة.
لكن لاشك في أن حكومة أنقرة أقرب إلى الحس السليم من نظام الأسد. كما أننا لا نعرف ما إن كان وقف إطلاق النار سيخرج أنقرة من كونها جزءا من المشكلة ويجعلها جزءا من الحل أم لا، وسنرى ذلك خلال الأيام المقبلة.
الفرصة على الأبواب:
ينبغي لحكومة داودأوغلو أن تقرر التراجع فورا عن استهداف مواقع وحدات حماية الشعب الكردية. أما على المدى الطويل فيجب على العدالة والتنمية أن يعود إلى رشده ويُحيي على الفور الحوار مع الاتحاد الديمقراطي من جديد.اتفق كليا مع كتابات يشار ياكيش وهو وزير الخارجية الأسبق الذي يعرف المنطقة حق المعرفة. حيث قال:”في الواقع الحليف القوي للاتحاد الديمقراطي ليس روسيا ولا الولايات المتحدة. بل إن تركيا هي حليفه الطبيعي. والولايات المتحدة ستنسحب من الشرق الأوسط إن عاجلا أم آجلا. وروسيا تبذل جهودا ضارية للاستقرار في الشرق الأوسط لكنها سواء استقرت فيه أم لا فإن تحالف الاتحاد الديمقراطي مع روسيا لن يكون بقدر قوة تحالفها مع تركيا. لأن أكراد شمال سوريا الذي يزعم الاتحاد الديمقراطي أنه يمثلهم هم في الواقع يعيشون على الحدود التركية. ولديهم أقارب في تركيا. ويتشاركون المنطقة الجغرافية نفسها. لذا يجب على تركيا استغلال جميع هذه المميزات وإجبار نفسها على قبول الاتحاد الديمقراطي.
يجب علينا بذل المزيد من الجهود لإقناع الاتحاد الديمقراطي بفائدة تحالفه مع تركيا. فتحالف كهذا من شأنه أن يسهم في حل مشكلة تركيا مع العمال الكردستاني أيضا. لأننا نعلم أن هذين التنظيمين هما في الحقيقة تنظيم واحد حتى ولو لم نستطع إقناع الدول الأخرى بهذه الحقيقة”.