سادات لاتشينار
اللاجئون في تركيا في وضع مؤلم. فالنساء وقعن في مستنقع الفحش والأطفال يتضرعون والرجال يبحثون عن عمل لكسب لقمة العيش لكن يعجزون عن إيجاد عمل.
أما نسبة مَنْ استطاع التمسك بالحياة من بينهم فهى منخفضة. رأينا من يتجمدون من البرد ومن يموتون من الجوع. والأكثر من ذلك أن وجودهم يسبب مشاكل عميقة في المجتمع التركي. فإمكانات العمل غير الكافية أصلاً انخفضت أكثر، وتسببت البطالة المتزايدة في تصادم الوافدين الجدد مع المواطنين الأتراك. وظهرت في العديد من المدن التركية إشارات عداء للأجنبي بدأت في محيط مدن غازي عنتب وكيليس وهطاي.
باختصار؛ من الواضح أن اللاجئين السوريين لن يستطيعوا تحقيق الحياة التي يتوقون إليها داخل تركيا. فهم لا يريدون البقاء في تركيا بل يريدون الذهاب إلى أوروبا، وخصوصاً ألمانيا وفرنسا والسويد وإنجلترا وما شابه. تركيا بالنسبة لهم نقطة عبور وليست نقطة وصول ونهاية. لكن الحكومة التركية التي لم تخلق أية صعوبات في العبور من سوريا إلى تركيا لا تسمح لهم بالخروج. فقوات الأمن تشكل حائط سد أمام اللاجئين الفارين إلى تركيا والراغبين في العبور من هناك إلى اليونان أو بلغاريا.
لماذا نعيقهم؟ لماذا نسلبهم حق الهروب من الحرب واللجوء إلى الدولة التي يرغبون فيها، وهى الحقوق التي كفلها لهم القانون الدولي؟ الاتحاد الأوروبي يقول لتركيا إنه سيمنحها المال شرط إبقائها اللاجئين داخل أراضيها. أما تركيا فبحاجة إلى المال، فالأمور لم تعد تسير على ما يرام.
ما فهمناه من الصفقة التي تم التوصل إليها مؤخرا أن تركيا ستجبر اللاجئين على البقاء داخل أراضيها بسبب اتفاقيتها مع الاتحاد الأوروبي. سبب لجوء النازحين إلى الطرق غير الشرعية في التوجه إلى أوروبا هو المساعدات التي ستمنح إلى تركيا. نقول دون ليّ أو ميل، يجب على تركيا أن تفتح المخارج وتسهل وصول الراغبين في الذهاب إلى أوروبا الغربية وتنهي الظلم الواقع على هؤلاء اللاجئين الذين غامروا بأرواحهم وأموالهم وأحبابهم كي لا يبقوا في هذا البلد.
وبهذا تتقاسم تركيا والاتحاد الأوروبي بشكل عادل عبء اللاجئين وكذلك توفير إمكانية بدء حياة جديدة في بلاد بعيدة عن الحرب لهؤلاء اللاجئين. لكن كما قلنا فإن عرض النقود الذي قدمه الاتحاد الأوروبي إلى تركيا غير أخلاقي ويجب على تركيا ألا تقبل هذا العرض كى لا يغرق اللاجئون الذين وصفتهم بالإخوة في مياه البحار ويفقدوا أرواحهم في الطرقات.
بل على العكس يجب على الاتحاد الأوروبي فتح أبوابه أمام هؤلاء اللاجئين وقبولهم داخل أراضيه. كما يجب إنفاق ثلاثة مليارات يورو عرضها الاتحاد على تركيا على النقل الآمن للاجئين إلى الأتحاد الأوروبي.