إسطنبول (الزمان التركية) – قال زعيم حزب الوطن التركي اليساري المتطرف دوغو برينتشيك إن الرئيس رجب طيب أردوغان تم الاستيلاء عليه من طرف “القوى الوطنية”.
يشار إلى أن برينتشيك الذي سبق أن سجن بعد الحكم عليه في إطار قضية أرجينيكون أو الدولة العميقة في تركيا، ثم خرج من السجن بفضل تعديلات قانونية أجراها أردوغان بعد تحقيقات الفساد الشهيرة عام 2013، يقصد بعبارة “القوى الوطنية” قادة وأنصار التيار القومي العلماني المتشدد (Ulusalcılar)، الذين ينتمون إلى حزب الوطن (حزب العمال القديم) بصورة أساسية، والذين يعتبرون أنفسهم ورثة مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية الحديثة.
لقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالا تحليليا مثيراً يتناول نهج حكم أردوغان، كتبته سابرينا تافرنيز، وحمل عنوان “الزعيم التركي أردوغان يتخذ أعداءً جددا ويخيب آمال حلفاءه القدماء”. ولفت المقال إلى أن أردوغان بات يتصف بالصفات السيئة للزعماء السياسيين القدماء الذين سحقهم من أجل الوصول إلى سدة الحكم في البلاد.
وذكر المقال أن أردوغان كان في حاجة إلى حلفاء جدد لتجاوز المشاكل التي واجهها، لذلك عقد اتفاقاً مع الجيش والعسكر بحيث حضر رئيس الأركان العامة حفلة زواج نجلته بوصفه شاهداً. أما الآن فأردوغان بدأ يعود إلى الحياة مجدداً عبر القوميين العلمانيين المتشددين. لكن المدافعين عن حريات وحقوق الإنسان مستاؤون جداً من هذا الوضع”.
ثم نقلت سابرينا تافرنيز في مقالها بصحيفة نيويورك تايمز عن زعيم حزب الوطن دوغو برينتشيك قوله “أردوغان بات اليوم تحت سيطرة القوى الوطنية”، وأعادت إلى الأذهان أن برينتشيك أطلق سراحه مؤخراً بعد إيداعه السجن بتهمة التخطيط لإسقاط حكومة أردوغان.
وكان دوغو بارينتشاك قد أعلن أنهم من وضعوا “مشروع القضاء على حركة الخدمة” وليس حزب العدالة الحاكم والرئيس رجب طيب أردوغان، وأكد أنهم يستهدفون القضاء على كل الجماعات الإسلامية، لكن أولويتهم هي القضاء على حركة الخدمة، التي تستلهم فكر الأستاذ محمد فتح الله كولن، مشدّداً على أن العمليات الأمنية، التي يصفها الرأي العام بأنها عمليات الكراهية، والتي تستهدف حركة الخدمة ومؤسساتها، يتمّ تنفيذها في إطار البرنامج الذي وضعوه. وأفاد بأن الرئيس أردوغان انضمّ إلى صفّه في مسألة فتح الله كولن، وأن أردوغان هو الذي تبنّى برنامجهم في هذا الصدد، وليسوا هم من ذهبوا إليه وتبنوا برنامجه.
وأضاف بارينتشاك بقوله: “إن أردوغان لما أتى إلى سدة الحكم في البلاد لم يكن له كوادر مؤهلة في مؤسسات الدولة لإدارة الأمور، فعمد إلى الاستفادة من كوادر منظمة فتح الله كولن، وشرع في التعاون معها حتى أطلقت حملة ضدنا عبر فتح قضية تنظيم ما يسمونه أرجينيكون.. لكن بعد حدوث تغييرات جذرية في بنية جهاز القضاء تمّت تبرئة المتهمين في إطار قضايا مثل أرجينيكون وباليوز وجيتام (المخابرات الدركية).. حيث أتى أردوغان إلى النقطة التي نقف نحن فيها”.
وادعى بارينتشاك أن حزب العدالة والتنمية لا يتمتع بقوة في جهاز القضاء، وأن أعضاء المجلس الأعلى للقضاء والمدعين العامين يتألفون من أناس جمهوريين وقوميين وليسوا من أنصار العدالة والتنمية. وزعم أن أردوغان سيحاكَم في محكمة الديوان العليا وقال: “هناك مدعون عامّون وقضاة يتمتعون بالضمير والشجاعة التي تكفي لمحاكمة أردوغان في محكمة الديوان العليا.. ويكفي لمحاكمته أن يكون الرئيس المشارك في مشروع الشرق الأوسط للولايات المتحدة الأمريكية”، على حد قوله.
الجدير بالذكر أن الكاتب والمفكر المتخصص في الفكر الإسلامي والحركات الإصلاحية علي بولاج كان قال بُعيد نشوب خلاف بين حركة الخدمة وأردوغان “إن مرحلة إنهاء الوصاية والدولة العميقة التي بدأت سنة 2002 انطلقت اليوم في الاتجاه المعاكس. وإن “البؤرة البيرقراطية العميقة” أو الدولة العميقة التي تدّعي ترتيب مؤامرة ضدها عبر قضايا أرجينيكون وباليوز وجيتام، تحيك اليوم “مؤامرة حقيقية” لكافة الجماعات والحركات الإسلامية وبمهارة فذة. الهدف الأول هو “حركة الخدمة”، ثم يليها حزب العدالة والتنمية نفسه، ثم يعقبه الجماعات الإسلامية الأخرى واحدة تلوى الأخرى. صدقوني، ولا يخطرنّ على بالكم أدنى شك في ذلك، فإنه سيتم أكل الثور الأصفر أولاً، ثم الثور الأبيض، ثم الثور الأسود”.