بقلم. ياجان أوزجور جان
في كلمته خلال الجلسة العامة للجنة البرلمانية بالمجلس الأوروبي أجاب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على سؤال حول نقاشات إعادة عقوبة الإعدام في تركيا بقوله: “أنا شخصيا أعارض عقوبة الإعدام. المرحلة الحالية ليست سهلة لكننا نعمل على إدارتها” في الوقت الذي يستغل فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأعضاء الحكومة جميع الفرص لاتخاذ إجراءات بشان إطالة فترة الطوارئ وإعادة عقوبة الإعدام.
كما أتهم جاويش اوغلو خلال كلمته أيضا حركة الخدمة وأوروبا، التي لم تمنح تركيا المساعدات المالية التي تعهدت بها لأجل اللاجئين، بالمحاولة الانقلابية وأحداث تحقيقات الفساد.
دعونا نلقى نظرة على الشكل الخارجي والمضمون الداخلي لتصريحات أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بالعودة قليلا إلى كلمة جاويش أوغلو هذه. فبعدما حثت إدارة العدالة والتنمية الشعب السوري للخروج في الطرقات ضد إدارته الحاكمة وقت هبوب رياح الربيع العربي في عام 2011 بإعلانها أنهم سيصلون الجمعة بعد شهرين في المسجد الأموي لفت جاويش أوغلو الأنظار إلى تحول قضية اللاجئين السوريين الآن إلى مسألة مساومة بقوله: “حتى اليوم لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من ارسال سوى 179 مليون يورو فقط”.
أما في سياسته الداخلية فيبدأ حديثه بعباره” أشقائنا السوريين” ويواصل منح المواطنيين آمالا كاذبة بشعاراته الرنانة. وفي الوقت الذي يحاول فيه على الصعيد الخارجي خداع الاتحاد الأوروبي بإعلانه أنهم لايرغبون في إعادة عقوبة الإعدام وسيرفعون حالة الطوارئ يستغل الحزب كل الطرق في الداخل للتلاعب بالشعب عبر إعلام الحوض الموازي بهدف إعادة عقوبة الإعدام بالإضافة إلى مطالباته بمد الطوارئ لمدة عام على الأقل.
ولا يخجل النواب والكتاب المرتزقة والوزراء، الذين لايرغبون في عقوبة الإعدام بينما يحثون على تنفيذ مذبحة، من حديثهم عن هذا الأمر يوميا. إذ يبلغون الاتحاد الأوروبي أن حركة الخدمة هى العقل المدبر لتحقيقات الفساد والرشوة التي شهدتها تركيا في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول عام 2013 بينما في الداخل لم يتحرج بعض اللاهوتيين، الذين يعتقدون أنفسهم علماء، من إفساح المجال في مقالاتهم في إعلام الحوض الموازي للتصريحات القائلة بأن النقود التي كشفتها الخدمة خلال تحقيقات الفساد هى الأموال التي جمعتها سلطة العدالة والتنمية من أجل الأمة.
وعندما ألقى القبض على المتهمين متلبسين بمبالغ الرشوة صدر إعلام الحوض الموازي بعناوين” رجال الشرطة التابعين للخدمة هم من وضعوها”.
وبعد إغلاق المحاكمات على أثر الضغوط التي مورست عليها حملوا النقود التي قالوا عنها إن عناصر الشرطة التابعين للخدمة هم من وضعوها داخل حقائب بفوائدها وظهروا أمام شاشات التلفاز.
وضعوا نصب أعينهم الاستيلاء على دين ووطن وممتلكات وأرواح وشرف مالكي ومدراء أنجح مؤسسات في البلاد وكان لهم ذلك ثم خرجوا في الميادين والجوامع يكذبون على الدول الإسلامية وشعبهم بإدعائهم أنهم مسلمون.
أعلنوا لأوروبا أنهم لايطمعون في أراضي أية دولة أخرى في الوقت الذي جعلوا الشعب في اللقاءات الجماهيرية بالداخل يهتف ويؤمِّن على آمال وأماني لن تحدث بالحديث عن القاهرة ودمشق وحلب وبغداد وغزة.
ثم أبغلوا الغرب أنهم يدخلون الأراضي السورية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في حين أنهم تحالفوا مع داعش وزجّوا بالجيش التركي في المستنقع ضد الأكرد وضد التركمان والعرب الذين عارضوا هذه الحرب.
وفي الخارج يتهم حركة الخدمة بأنها تنظيم إرهابي في الوقت الذي تم في الداخل إخلاء سبيل مسؤول تنظيم داعش الإرهابي في تركيا بقرار من المحكمة. كما حظى تنظيم جماعة “تحشية” الإرهابي وتنظيم “التوحيد والجهاد” الإرهابي، ومركزه إيران والمتغلل والمسيطر على أجهزة الدولة والمعروف عنه بأنهم عملاء للعجم، بالمدح.
أفرجوا عن أشهر زعيم مافيا في البلاد أولا ثم وقف جنبا إلى جنب مع أردوغان لالتقاط صورة وبعدها هدد الشعب بأنهم سيسفكون أنهار من الدماء. فقد قضى زعيم التشكيلات السرية التابعة لإيران 16 عاما داخل السجن ثم أفرج عنه ولم يكتفوا بهذا فقط بل التقى الرئيس التركي بهذا الشخص في مركز خليج للمؤتمرات بمدينة إسطنبول.
في الختام حصد العدالة والتنمية أصوات الناخبين من مهاجمته لإسرائيل واليهود في كل مكان داخل تركيا انطلاقا من مؤسستها بينما في الخارج صرّح أردوغان بأن شيمون بيريز لم يكن المعني من واقعة “دقيقة واحدة” الشهيرة بل إن مدير الحوار داخل الجلسة كان هو المعني. كما أعد مجتمعات الشرق الأوسط لمفهوم الخلافة بإعلانه أنه سيجعل إسرائيل تدفع ثمن مهاجمتها لسفينة مافي مرمرة ليعود بعد ست سنوات ويوقع اتفاقية تطبيع للعلاقات مع اسرائيل وينال كل من كان على متن السفينة المنكوبة نصيبه من تصريحاته بقوله “هل طلبتم الإذن مني قبل أن تقوموا بهذا”. وباتت أحلام قطاع غزة معلقة بانتظار خليفة آخر.
وفي عام 2013 أعلن أن اسرائيل هى المدبرة لما يسميه بالانقلاب العسكري في مصر ثم عاد بعد ثلاث سنوات ليوقع اتفاقية شراكة استراتيجية مع اسرائيل. وأصبحت تركيا والأخوة الأكرد والعرب والتركمان في مقدمة دول الشرق الأوسط الخاسرة لصالح إيران وإسرائيل.
الخلاصة أنهم أظهروا أنفسهم للشعب على أنهم أهل السنة بينما تبين فيما بعد أنهم عاشقون للخميني.
https://youtu.be/UImVKWE-sgc