يونجا كايا شاهين
عانى مواطنو هذا البلد كثيرا وعاشوا آلاما شديدة… وقد تم تحطيم التيار المحافظ في مواجهة التيار اليساري، بعد وصف الأول بالرجعية الدينية والثاني بالأتراك البيض، ليتحاربوا فيما بينهم، ويقضي كل منهما على الآخر… فاللعبة والحيلة المستخدمة في كل مرة هي نفسها … وقد شاهدتنا اللعبة وهي تحاك في كل مرة من جديد… وعلينا تقبل أننا خدعنا جيدا(!)
أنتم من وعدتم بمواجهة كيانات الدولة العميقة أليس كذلك؟
وقد كنتم أنتم الضحية الكبرى لما يعرف بالدولة العميقة…
ألحقت الدولة العميقة أكثر الأضرار والخسائر بكم أنتم؟ أليس كذلك؟
فلاشك أن من ألقى بكم في السجن جراء شعر قرأتموه على الرغم من وجود عشرات الأدلة الثابتة للإدانة هم أيضا من كانوا يسمون بالدولة العميقة ؟
لم يكن لأولئك أي دور في إعلانكم بطلا بعد انقضاء فترة السجن(!)
فقد بدأت رحلتكم في مواجهة كيانات الدولة العميقة، بقضية شبكة أرجينكون الإرهابية، مرورا بمحاولة انقلاب المطرقة وضوء القمر وغيرها من المخططات الانقلابية الرومانسية…
ولنعترف أن الجميع انتابه القلق والتوتر في تلك الفترات..
لأن هذه البلاد وشعبها، عانوا الكثير والكثير من وراء تلك الدولة العميقة..
وبالأحرى المدن والمناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد؛ حيث لا يخلوا بيت دون أن يقع منه أحد ضحية لجرائم غير معروف مرتكبوها، وقيدت ضمن قائمة مجهولي الفاعل.
وعندما زادت قوة تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي PKK كثيرا، اختلقوا في مقابله تنظيما آخر باسم حزب الله وأدخلوها إلى اللعبة؛ وتمكنوا بذلك من تأجيج التوتر والاضطراب دخل المجتمع…
كانوا يريدون التخلص بذلك من حزب العمال الكردستاني PKK من خلال حزب الله…
قتلوا شخصيات مهمة من كل الأطياف في المجتمع (من يمين واليسار والسنة والعلويين والأقليات غيرهم)؛ حتى يحدثوا ضجة كبرى، وبلغت الأحداث المظلمة ذروتها عام 1993 بخاصة، وكان الجميع عرضة لأن يلقى حتفه في أي مكان، وفي أية لحظة من طرف جان مجهول..ربما بسبب كل ماسبق ذكره كنتم بمثابة المدعي العام للتحقيق في تلك الدعاوي التي تسمونها اليوم بالمؤامرة.
حتى أنكم أكثرتم من الحملة على زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، الذي كان يقول : “أين ذلك التنظيم (يقصد أرجينكون)، لننضم نحن أيضا إلى صفوفه”.
كنتم تقولون إنكم المدعي العام لتلك القضايا؛ حتى تظهرون أمام الجميع وكأنكم في مواجهة حقيقية مع الدولة العميقة، وربما بسبب قولكم هذا استعجل جهاز القضاء في النظر في تلك الدعاوي احتراما لكم ولمنصبكم.
أكثر من ذلك شاعت ادعاءات حول تقديمكم مسبقا قائمة بأسماء من يجب إلقاء القبض عليهم وحبسهم، ولنعترف أيضا أن ذلك كان سببا في زيادة الأخطاء في حق بعض المتهمين.
فيما بعد، ولسبب مجهول حاولتم أن تنفلتوا من مسؤولية تلك الأخطاء التي اقترفتم، مدعين أن تلك القضايا ماهي إلا مؤامرة حيكت ضدكم وضد حزبكم وضد الجيش.
أكان أصحاب الدولة العميقة هم من أوحى إليكم بحيلة إعلان تلك القضايا أنها مؤامرة محاكة ضد الجيش والحكومة؟ فهذا السؤال يطرح نفسه وبقوة؛ فقد كانت مناورة جيدة! لأنها كانت عميقة للغاية!
لقد كان للدولة العميقة آثام وجرائم كثيرة، أليس كذلك؟
وقد ظلت أيديهم ملطخة بالدماء للتستر على نجاساتهم وقاذوراتهم، أكثر من الحفاظ على بقاء الدولة كما يزعمون، لا أعرف ما إذا كنتم مدركين أن اللعبة يعاد عرضها من جديد، أم لا؟ أم أنكم أنتم من تمولون اللعبة هذه المرة!
فهناك أصوات تتعالى بأن هذا يتم عن علم وقصد، إلا أنني ضمن الفئة التي لاتريد أن تصدق ذلك.
اللعبة هي نفس اللعبة، ولكن الفارق هو أن اللاعبين مختلفون! وأسماء الضحايا والقتلى أيضًا تختلف عن المرات السابقة… وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فالبرلماني السابق مؤسس حزب الوحدة الكبرى محسن يازيجي أوغلو( رحمه الله ) قتل من خلال مؤامرة، وتم إغلاق ملف القضية بكل عناية واهتمام.
هناك شائعات وادعاءات تطفو على السطح، بأن القضاة والمدعين العموم الذين أغلقوا ملف القضية نالوا مكافآتهم بترقيتهم إلى مناصب أعلى.
أكانت الدولة العميقة أيضًا هي من أوحت إليكم بمكافأة ألئك القضاة والمدعين العموم؟ اعترفوا بذلك!
بعد ذلك تعرض مدير أحد مديريات الأمن لمحاولة اغتيال في مدينة بنجول، واستشهد في ذلك الحادث مساعد مدير الأمن وأحد مفتشي الشرطة، بالإضافة إلى تعرض مدير الأمن لإصابات بالغة، فكيف تم التستر على حادث اغتيال مدير أمن مدينة بينجول، شرق البلاد، في الوقت الذي بقيت قضية اغتيال مدير أمن مدينة ديار بكر غفار أوكّان، جنوب شرق البلاد، موضوع الحديث طوال أيام، وشهور بل حتى سنوات!
ومن الافت للانتباه أن موضوع تلك الواقعة المثيرة تم طرحه في البرلمان مرتين، إلا أنه رفض نقاشه وتحقيقه بالبرلمان بأصوات نواب حزب العدالة والتنمية .
تعرض ضباط من الجيش وهم بملابسهم المدنية لعملية اغتيال، عن طريق الإصابة بطلقات نارية في مؤخرة رؤوسهم في وسط الطرقات العامة.
أحقا حاربتم الدولة العميقة؟؟؟
لا تغضبوا، ولكن تلك الدولة العميقة قد أحاطت بكم وسيطرت عليكم بالفعل، وأصحاب تلك الدولة العميقة يحركونكم بأطراف أصابعهم ، وأنتم لا تشعرون، وربما أنكم شعرتم بذلك وقمتم باصطناع أسطورة الكيان الموازي لتكون غطاء على ذلك، من يدري؟!.