أرهان باشيورت
نجح نواب حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي في الحيلولة دون إحالة الوزراء الأربعة السابقين المتهمين بالفساد إلى محكمة الديوان العليا. إلا أن عملية التصويت شهدت تأييد نحو 50 من نواب الحزب إحالة الوزراء للمحكمة.
ومن المعروف أن حكومة حزب العدالة والتنمية تزعم أن تحقيقات الفساد والرشوة في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013 هي محاولة انقلاب قضائية.. إذن فهل نواب الحزب الخمسين الذين صوتوا لصالح إحالة ملف الوزراء المتهمين بالفساد ضالعين في الانقلاب أيضًا؟
وعلَّق عدد من نواب حزب العدالة والتنمية على هذه الواقعة مهاجمين النواب، فوصفهم النائب شامل طيار، بـ”شبكة الخيانة”، بينما نعتهم النائب محمد متين ار بـ”الحمقى، والجبناء وعديمي الشرف”.
أوصاف وتعبيرات لاتليق بالمرة بأعضاء الحزب، إلا أنها تتوافق مع نهج الحزب في مواجهة تحقيقات 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013.
وكانت مؤسسة الطب الشرعي قد أوضحت في تقريرها المرسل إلى البرلمان حول المكالمات المسربة أن المكالمات الهاتفية المسربة عن واقعة “نقل الأموال تماما” – التي دارت بين أردوغان وابنه بلال- وشغلت الرأي العام التركي، سليمة ولم تتعرض لأعمال مونتاج.
بينما أصدر مجلس تحري الجرائم المالية (MASAK) بيانا أكد فيه أنه ليس هناك تفسير منطقي ومقنع للزيادة المفرطة في الممتلكات المالية للوزراء المتهمين بالفساد في السنوات الأخيرة. لتتأكد بذلك مرة أخرى صحة ادعاءات الأموال والخزائن والساعات..
فقد تمت إعاقة إحالة الوزراء الأربعة المتهمين بالفساد إلى محكمة الديوان العليا، نتيجة تصويت نواب حزب العدالة والتنمية بالأغلبية على عدم إحالة أوراق القضية للمحكمة. وبهذا يكونون قد نجحوا في التحايل على تحقيقات 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013.أي أن حملات الكشف عن الفساد لم تكن انقلابا! بل كانت حملة قضائية طبيعية تحتوي على أدلة إدانة مادية، وشبهات قوية حول وقائع الفساد.
والحملة الأخيرة التي شنتها السلطات التركية على كل من هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية (TÜBİTAK)، وهيئة الاتصالات (TİB)، تطور آخر في القضية يكشف صحة تحقيقات الفساد والرشوة 17-25 ديسمبر/ كانون الأول.
وإن كنتم تتذكرون، فقد زُعم في بداية التحقيقات أن التسجيلات الصوتية الخاصة بأردوغان ونجله بلال التي تحتوي على العبارة الشهيرة “تصفير الأموال (نقلها تماما إلى مكان آخر حتى لايبقى منها شيئ وتكون صفرا)، مفبركة.
وإذا افترضنا أن تلك التسجيلات الصوتية كانت مفبركة، كما يُزعم، فلماذا إذن يتم توجيه تهم التنصت على الهواتف المحمولة المشفرة، للعاملين بهيئتي الأبحاث العلمية والتكنولوجية (TÜBİTAK)، والاتصالات (TİB).
وعندما وجه لرئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان سؤال: “ما رأيكم في الادعاءات التي تدور حول التنصت عليكم 60 مرة؟” ردَّ قائلا: “إذا تم التنصت علي 60 مرة فقط فهذا قليل، فأنا أعرف أنها مرات كثيرة بلاحدود”.
وفضلا عن تأكيد الطب الشرعي وجهاز القضاء صحة التسجيلات الخاصة بالرئيس أردوغان. إلا أن النيابة العامة قررت وقف تحقيقات فساد 17-25 ديسمبر/ كانون الأول، وعلى الرغم من ذلك فأدلة الإثبات والتسجيلات الصوتية سليمة وصحيحة!
وبعد ذلك أطلق سراح العاملين بهيئتي الأبحاث العلمية والتكنولوجية (TÜBİTAK)، والاتصالات (TİB)، المعتقلين من قبل بسبب التهم الموجة إليهم بالتنصت على الهواتف المحمولة المشفرة.
وأدلى نائب رئيس هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية، في ذلك الوقت المفرج عنه، حسن بالاز بتصريحات قائلا: “نحن نصمم ونقوم بالإنتاج فقط. لكننا لانعلم تفاصيل التشفير ولا نعلم لأية أجهزة يتم زرعها. وقرار توزيع تلك الأجهزة أصدره المستشار التقني لرئيس الوزراء في ذلك الوقت مصطفى فاركان وجهاز المخابرات. أما أعمال الاختبار والبرمجيات والموجات فمن شأن جهاز المخابرات”.
وأصبح فارانك وجهاز المخابرات هما المسؤولان بعد الكشف عن أجهزة التنصت المزروعة في مكتب أردوغان برئاسة الوزراء.وكان رئيس شعبة الجرائم المالية بمديرية أمن إسطنبول، في ذلك الوقت، يعقوب صايجيلي، هو المسؤول عن تحقيقات 25 ديسمبر/ كانون الأول وأوضح أنهم لم يتنصتوا على مكالمات أردوغان بأي شكل من الأشكال وأن مديرية الأمن لاتستطيع التنصت عليها أصلا.
وأكد خبير تكنولوجيا المعلومات نائب حزب الشعب الجمهوري أردال أكسونجور أن التكنولوجيا القادرة على التنصت على الهواتف المحمولة المشفرة لاتوجد إلا عند جهاز المخابرات.
وظهر أن عددا من أجهزة المخابرات العالمية تمكنت من فك شفرة تلك الهواتف وتنصتت على المسؤولين الأتراك.
وطالما أن التسجيلات الصوتية التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ولم تدخل في ملف تحقيقات الفساد والرشوة 17-25 ديسمبر حقيقية وسليمة، يجب إيجاد جواب عاجل وبالضرورة على التساؤلات التي تدور حول من قام بالتنصت على الهواتف المشفرة…