
هشام الراس
هناك قول مأثور يدّعي أنه يوجد فقط ثلاثة أنواع من الناس في هذا العالم: أولئك الذين يرون ما حدث، وأولئك الذين يتعجّبون مما حدث، وأولئك الذين يصنعون الحدث. وعلى مايبدو فالمؤمنون يشكلون الفئة الثالثة.
واليوم يوم كبير لكي تصبح مُؤمِنا، لأن الدخول إلى نادي القادة مجانيٌّ ومُتاح للمستعدين.
لم تعُد الأشياء على ما كانت عليه. الناس اليوم في حاجة إلى رُوح ورَوْح إنسانية مختلفَين، لا أدري لماذا يبقى البصر طائفًا فوق إدراكنا. إنَّ ما أصبح يُصطلَح عليه اليوم بـ”الإيكولوجيا” ما هو إلا صرخة كوكب الأرض على الذين لا يشعرون. لم تأتِ الإيكولوجيا إلا بعد نذير الكوارث الطبيعية، وقد كثُر صراخ الناس فوق كوكب الأرض. لقد تعبنا من أفكار تسوِّغ للإقصاء، لقد سئمْنا الشر، وسواء آمنَّا به أو لم نؤمن فالعالم الجديد في الطريق.
هذه ليست أفكارا تدعو إلى أوهام. إنه الحلم، إنه الأمل، إنه الرُّوح التي انتظرناها. إنه حقيقة لن يراها إلا مَن يؤمنون بها. خطاب القلب والإنسان لن ينتظر إِذْنَ أحدٍ للوصول إلى فطرته، فنسائمه تأبَى إلا أن تربط أرواح الأحياء بنور المشترَك الإنساني.
مَن مِنَّا يستطيع ادِّعاء أنه فهم الحياة؟ ماذا عمَّا يحدث لنا؟ ما أريده هو طرح سؤال لا ينفكُّ يظهر في حياتنا، لكننا لا نجد من يأخذ بيدنا ويحنو علينا ويحفزنا. بمعنى آخر، مَن يجعلنا نحب أنفُسَنا ونحب الآخرين، ونبتسم بعضنا في وجه بعض، ونحنو بعضنا على بعض؟ لم نفهم الوجود والعدم إلا من خلال أفكار أُناسٍ جعلونا نوقِن أنهم يفهمون أحسن مِنَّا ويعرفون أكثر مما نعرف. هذا هو الخطأ التاريخي، وهذا هو العار الذي ستتحمله الإنسانية ما دمنا لم نستَطِع اكتشاف أولئك الذين يريدون لأبناء آدم العيش في سلام وقَبُول. هم يعيشون معنا ويسعون إلى أن نقرأ التاريخ تفهُّما لا استقراءً.
لو أننا فقط نتريث لوجدنا إخوتنا في أنحاء العالَم. لماذا إذًا لا ندرك هذه الحقيقة؟ لماذا إذن لا نقرأ التاريخ بقلوبنا قبل ادِّعاء فهمه بما أُعطِيَ لنا؟ للفهم والتأويل طرائق عديدة، لكننا لا نريد إجهاد أنفسنا في البحث والنقد ونفضِّل استهلاك الموجود.
إن مقولة “ليس في الإمكان أحسن مِمَّا كان” تسيطر على حرِّيَّتنا الفطرية في التفكير السليم وفي إدراك بعضنا بعضًا. هذه مجموعة كلمات ترى نفسها متفائلةً وطَمُوحًا في أن تصل إلى مدى واسع. قد لا يستسيغها من لا يريد استساغتها، وقد يُوفَّق إلى قَبُولها من يبحث مِثْلَها عن المختلف.
إن للعالَم إيقاعًا، وإن للحياة إيقاعًا، وإن لنا إيقاعًا. قد يَحتَدُّ صوت الإيقاع في فترات، لكنه سينبسط مع الكشف الجديد لِمَا هو آتٍ. مَن مِنَّا لا يستمتع بالجديد؟